“المساء برس” يستطلع آراء النخبة السياسية بصنعاء حول “الهدنة الهشة”
خاص – المساء برس|
دخل اليمن أسبوعه الثالث من عمر الهدنة الموقعة بين صنعاء من جهة والرياض من جهة مقابلة، من دون أن تُنفذ أهم البنود المتفق عليها بين الطرفين بوساطة قادتها سلطنة عمان.
الهدنة التي تضمنت فتحاً لمطار صنعاء لرحلتين أسبوعياً ذهاباً وإياباً من وإلى صنعاء عمّان وصنعاء القاهرة، لا يزال هذا البند حتى اللحظة معرقلاً حيث يرفض التحالف حتى الآن السماح لأي رحلة طيران تجارية بالوصول إلى مطار صنعاء رغم تأكيد إدارة المطار جاهزيته لاستقبال أي رحلات.
بالإضافة إلى معاودة تحالف الحرب على اليمن احتجاز سفن المشتقات النفطية ويمنع دخولها إلى ميناء الحديدة حيث بلغ عدد السفن المحتجزة من قبل العدوان منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ 3 سفن محتجزة قبالة جيزان رغم تفتيشها وحصولها على تصاريح المرور من قبل لجنة التفتيش الأممية في جيبوتي.
أما من الناحية العسكرية فعلى الرغم من تضمن الهدنة بند وقف إطلاق نار شامل بما في ذلك الجبهات الداخلية، إلا أنه لا يكاد يخلو يوم منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ من دون تنفيذ القوات التابعة لتحالف اعتداءات وقصفاً يستهدف المواقع التي تتمركز فيها قوات صنعاء، الأكثر من ذلك أن الخروقات للهدنة في الجانب العسكري شملت أيضاً استمرار التحالف بإطلاق الطائرات التجسسية والطائرات الدرون الهجومية بشكل يومي في أكثر من منطقة خاصة في مأرب والحديدة.
جاهزون للسلام ولغيره
بدورها تؤكد صنعاء باستمرار منذ بدء سريان الهدنة التزامها باتفاق الهدنة، لكنها أيضاً تؤكد أنها لن تغفل عن خروقات التحالف وعرقلته تنفيذ بقية البنود، وفي هذا الصدد قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في تصريح خاص “إن الشعب اليمني الذي استمر في الصمود لسبع سنوات لن ينيل ولن ينكسر وسيبقى ذلك الشعب الحاضر للسلام وفي نفس الوقت الجاهز لأي خروقات أو اعتداءات”.
فرصة قد يندم التحالف لتفويتها
بدوره اعتبر اللواء عبدالمجيد المرتضى نائب وزير الداخلية أن المبادرة التي أعلنها رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، والهدنة التي دخلت حيز التنفيذ منذ أسبوعين وتستمر لشهرين، أنها “فرصة للعدو”، وأضاف اللواء المرتضى “وكما قال السيد عبدالملك الحوثي إذا لم يستغلوا هذه الفرصة سيندمون، فرصة لأن ينزلوا من الشجرة وأن يسالموا هذا الشعب الذي يدعو للسلام من أول يوم وهو يدافع عن نفسه وعن كرامته ولا يمكن أن يتخلى عن هذه المبادئ”.
وفيما يتعلق بالخروقات التي يرتكبها التحالف وقواه المحلية في الداخل قال المرتضى إن هذه الخروقات إذا وصلت للخطوط الحمراء حينها سيكون هناك قرارات من قبل قوات الجيش.
أمين العاصمة حمود عُباد قال في تصريح خاص أن “القيادة السياسية رحبت بالهدنة وتعاطت معها على اعتبار تحقيق كافة مضامينها ولأن تكون خطوة أولى في اتجاه رفع الحصار الشامل عن بلادنا ووقف العدوان والدخول بشراكة سياسية لكل أبناء اليمن من خلال الحوار الذي يتوصلون إليه”.
واستدرك عُباد بالقول “لكن ما نلحظه اليوم هو ما تعودنا عليه سابقاً من قبل العدوان في كل هدنة بنقضه للعهد فالخروقات مستمرة في مأرب والساحل الغربي وقتل المدنيين مستمر من خلال القصف الذي تشنه قوى العدوان على الساكنين بالمناطق الحدودية لكننا نؤكد إذا عادو عدنا والجيش واللجان لهم بالمرصاد”.
تفاؤل حذر
أما أمين سر المجلس السياسي الأعلى الدكتور ياسر الحوري فقد أبدى أملاً في أن يتجاوز اليمنيون خروقات الهدنة وعرقلة التحالف لتنفيذ بنود رئيسية منها كالمطار والميناء.
وقال الحوري إن “العدوان إذا أراد سلاماً فنحن أهله وإن أرادوا الحرب فنذكرهم بعملية كسر الحصار الثالثة التي اضطرت العدوان للتراجع”.
هشة وقابلة للانهيار
اللواء يحيى المهدي عضو مجلس الشورى، اعتبر الهدنة بأنها هشة وقابلة للانهيار، وأرجأ اللواء المهدي الأسباب في اعتقاده ذلك إلى أنهم لم يلمسوا من التحالف تجاوباً مع بنود الهدنة الرئيسية كفتح مطار صنعاء وعودة احتجاز سفن المشتقات النفطية.
وقال اللواء المهدي إن ما يهدد بانهيار الهدنة أيضاً هو التحرك الأمريكي العسكري في جنوب البحر الأحمر بالقرب من المياه الإقليمية اليمنية، وأضاف “والذي نراه بأنه مخطط لعمل كبير بعد انتهاء مدة الهدنة التي يمكن أن العدو يتخذها كاستراحة محارب”.
“العدو لا ينوي المضي في الهدنة”
إلى جانب الخروقات العسكرية وعرقلة تنفيذ البنود الأخرى من الهدنة، أضاف رئيس مجلس إدارة صحيفة الثورة الرسمية، عبدالرحمن الأهنومي، أن هناك أيضاً تنصلاً من التحالف عن المضي في اتفاق تبادل الأسرى.
واعتبر الأهنومي أن كل هذه “مؤشرات على عدم نية العدوان المضي في تنفيذ الهدنة وكافة بنودها”، مؤكداً على أن التحشيد العسكري في البحر الأحمر أمريكياً والتصريحات التي أطلقها القيادات الموالية للتحالف والتي وصلت إلى عدن كلها مؤشرات على عدم جدية الطرف الآخر في المضي نحو السلام وفي تثبيت الهدنة الإنسانية.
توقعات بمفاوضات سياسية داخلية
الباحث السياسي ورئيس مركز هدى القرآن للدراسات الاستراتيجية، حامد البخيتي، قال إنه وعلى الرغم من الخروقات التي تشهدها الهدنة إلا أن توقعاتهم هي أن “الهدنة الإنسانية ستستمر وستحقق إنجازاتها وأن القوى السياسية ستعود إلى طاولة المفاوضات وهذا على المستوى الداخلية”.
أما على المستوى الخارجي قال البخيتي إن أي استمرار في فرض الحصار على الجمهورية اليمنية أو إطلاق طائرات التجسس في الأجواء اليمنية أو تدخل قوات أجنبية في اليمن فإن الرد على ذلك لن يكون إلا عسكرياً واستراتيجياً.
كما أبدى الإعلامي، حمود شرف، تفاؤله أيضاً باستمرار الهدنة رغم ما شابها من عرقلة لتنفيذ بعض البنود وخروقات عسكرية، مدللاً على اعتقاده بصمود الهدنة بأن الطرف الآخر هو أيضاً يريد استمرار الهدنة لكي تتيح له المجال للتحرك على الأرض، مشيراً إن من ضمن تلك التحركات إدخال قوات أمريكية في سواحل اليمن وإدخال بعضها إلى عدن، مستدركاً أن الرد اليمني بعد انتهاء الهدنة سيكون قاسياً.
رأي عسكري
القيادي بوزارة الدفاع في صنعاء مدير الخزينة العسكرية، مالك المؤيد، اعتبر أن ادعاء التحالف بالالتزام بالهدنة “مسرحية” بالنظر إلى عدم تنفيذ بنودها بالكامل، مضيفاً بالقول إن رهانهم ليس على الهدنة وإنما على الله والتأييد منه والاستعانة به على العدو.
إعادة ترتيب
من جانبه قال الإعلامي، ريان العزيزي، إن “العدوان يحاول من خلال الهدنة إعادة هيكلة أدواته وإعادة تموضع قوات المرتزقة واستعادة قوته”، مؤكداً على فشله في ذلك لأن الوقت ليس في صالحه من اليوم وصاعداً، وأضاف “إن كل يوم يمر على الهدنة من دون التقدم فيها يخسر العدوان أكثر”.