الهدنة بعيون الشارع اليمني.. استطلاع لآراء المواطنين
خاص – المساء برس|
يحل شهر رمضان المبارك على اليمنيين هذا العام وقد دخل اليمن عامه الثامن من الحرب التي شنتها عليه السعودية منذ الإعلان عنها في واشنطن في السادس والعشرين من مارس 2015 ومعها تحالف من 17 دولة بذريعة استعادة ما تسمى “حكومة الشرعية” سلمت اليمن على طبق من ذهب للخارج يفعل فيها ما يشاء.
رمضان هذا العام يأتي على اليمنيين بعد 7 رمضانات عاشها الشعب تحت الحرب والحصار، ولا يزال الحصار مفروضاً على اليمنيين حتى هذا العام أيضاً، الفارق فقط هو أن رمضان الحالي يأتي بالتزامن مع هدنة إنسانية بين صنعاء والرياض تقضي بالسماح بدخول 18 سفينة للمشتقات النفطية من ميناء الحديدة لمدة شهرين بالإضافة لوقف العمليات الحربية بين الطرفين على كل المستويات خلال الفترة ذاتها إضافة لفتح مطار صنعاء لرحلتين أسبوعياً بين صنعاء والأردن وصنعاء والقاهرة كرحلات تجارية بعد أن ظل مغلقاً منذ أواخر العام 2016.
وكانت هذه الهدنة مهمة بالنسبة لليمنيين بالنظر إلى ارتفاع الأسعار في السلع الغذائية والاستهلاكية والدوائية بسبب ارتفاع تكاليف المشتقات النفطية التي ارتفعت لسببين رئيسيين الأول: فرض الحصار على اليمن ومنع اليمنيين من استيراد احتياجاتهم من المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة وحصر حصولهم على هذه المشتقات فقط مما يصل من سفن مشتقات عبر ميناء عدن الخاضع لسيطرة التحالف واجبار ناقلات المشتقات للمرور بطرق وخطوط طويلة جداً تضاعف قيمة المشتقات النفطية فوق ما يضاف عليها من إتاوات من النقاط غير القانونية في كافة مناطق سيطرة التحالف وإضافة لما يضاف إلى هذه الكميات من مبالغ مالية كأعباء إضافية تثقل كاهل المواطنين المستهلكين المباشرين، والسبب الثاني هو الارتفاع العالمي في أسعار المشتقات النفطية، فاليوم على سبيل المثال الموافق 6 أبريل 2022 أصبح سعر الدبة البترول من مصدر الشراء من أي دولة يقارب الـ12 ألف ريال يمني بحسب العملة اليمنية القديمة والتي يتعامل بها نحو 75 % من سكان اليمن والتي يصل سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي 600 ريال للدولار الواحد، يضاف إلى ذلك تكاليف شحن المشتقات النفطية من بلد المصدر إلى اليمن وكذا رسوم إيجار الناقلات في حال تم احتجازها من قبل التحالف السعودي الإماراتي في البحر الأحمر والتي تبلغ 20 ألف دولار عن كل يوم تبقى فيه السفينة محتجزة قبالة جيزان جنوب السعودية، لهذا تأتي الهدنة كضرورة لليمنيين على الرغم من كونها لم تلبي متطلبات الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية التي حرم التحالف الشعب اليمني منها واستخدمها كورقة حرب وضغط على سلطات صنعاء.
في هذا السياق أجرى “المساء برس” استطلاعاً لآراء الشارع اليمني في مختلف المناطق اليمنية في إطار حكومة صنعاء، فخرجنا بالحصيلة التالية:
أول من استطلعنا آراءهم كانت عجوز في الخمسينات من عمرها، تحدثت بحرقة وألم عن ما فعله التحالف السعودي في اليمن وكيف أثرت هذه الحرب والحصار على مستوى المواطن البسيط حيث سردت جوانب عديدة من المعاناة الإنسانية من “انقطاع المرتبات” بفعل نقل وظائف البنك المركزي وتحكم القوى الموالية للتحالف بعائدات بيع النفط الخام، وكذا “حالة الفقر والجوع والمرض وانعدام الدواء وعدم القدرة على العلاج أو شراء الأدوية”.
محمد الشيبة شاب تخرج للتو من الجامعة ويبحث عن عمل، يقول إن “الشعب اليمني يعلم جيداً أن ما يمارس ضده من حرب اقتصادية هدفها تشكيك اليمنيين ودفعهم للخروج ضد قيادته التي تبنت مواجهة هذا العدوان ممثلة بأنصار الله وحلفائهم من القوى الوطنية”، وأضاف بالقول “كلنا نعرف تماماً أن هذه الحرب أساساً لم تُشن ضدنا إلا لأن أنصار الله رفضوا الخضوع للخارج وتبنوا إعادة الحقوق المسلوبة والمنهوبة من ثروات إلى اليمنيين، وليس فقط انصار الله كل من قاوم هذا العدوان يعرف جيداً أن موضوع سيادة اليمن ورفع الوصاية الخارجية على البلاد هي التي دفعت العدوان لشن عدوانه كي لا يتحقق لنا هذا الهدف”.
الهدنة ببنودها الحالية غير كافية
وبين من يتفاءل بهذه الهدنة وبين من يبدي تشاؤمه منها، كان هناك رأي آخر يحمل شيئاً من التهديد والوعيد في حال لم يتم الالتزام بهذه الهدنة من قبل الطرف الآخر التابع للتحالف، الذي يقول عنه المواطن صالح حُميد بأنه لا يريد للهدنة أن تستمر لأنه لم يدخل في الاتفاق بشأنها وتفاجأ بها لأنها كانت بين صنعاء والتحالف مباشرة وأن الأدوات الداخلية “العميلة” حسب وصفه إنما هي منفذة فقط ولا قرار لها أو اختيار ولهذا لا تريد لهذه الهدنة أن تتم لأنها تستفيد من استمرار الحرب واستمرار الحصار.
حُميد هدد بالقول “إذا لم تستمر هذه الهدنة وإذا لم يلتزم التحالف بتمديدها وتوسيعها بما يشمل ويحقق كافة مطالب الشعب اليمني المشروعة فعليه أن ينتظر من القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير كيف ستترجم حالة الغضب والسخط الذي بلغه اليمنيون، أما الأدوات المحلية فعليهم أن ينتظروا مصير من سبقهم من المرتزقة”.
صمدنا سبعاً ولن تغنينا هدنة شهرين فقط
حسن التاج، مزارع، يقول “إذا كانوا يعتقدون أنهم فقط سيوقفون عدوانهم لمدة شهرين فقط فالله الغني عن هذه الفترة فالشعب اليمني صمد 7 سنوات ولن تغنيه وتؤثر فيه هذه الشهرين، إما ويرتفع كامل الحصار ويخرج العدو من اليمن بالكامل وإلا فالله يعيننا على طردهم بالقوة ورفع الحصار بالكامل بالقوة”.
أفضل رمضان
صلاح عبدالله، طالب بكلية الشريعة والقانون قال عن رمضان هذا العام بأنه أفضل رمضان يحل على اليمنيين من بين 7 رمضانات سابقة، وأضاف “كان خبر الهدنة كبارقة أمل للشعب اليمني، والجميع يعلم أن الحرب أثرت وأكثلت الأخضر واليابس وكل شيء تأثر من التعليم إلى الصحة إلى الوضع المعيشي والجميع تأثر من هذا العدوان بشكل كبير لم يبقَ لا غني ولا فقير إلا وتأثر بالحرب والعدوان والحصار والحمد لله رغم كل هذه المعاناة صبرنا وصمدنا وهذا بفضل من الله لأننا على حق”.
بداية لإنهاء الحرب والحصار
وقال جلال الحداد، وهو تاجر، إنهم استقبلوا رمضان بالهدنة التي اعتبروها “بداية لإنهاء الحرب وانفراج الأزمة ونهاية العدوان على الشعب اليمني”، مؤكداً أنهم تفاءلوا بالخير بقدوم رمضان بالهدنة، وأضاف إن الطرف الآخر هو الخاسر لأنه في الموقف الخطأ ومن وقفوا ضد هذا العدوان هم من يقفون الموقف الصحيح والوطني والديني.
وأشار الحداد إلى أن من تداعيات الحرب والحصار على اليمن ارتفاع الأسعار وانعدام المشتقات النفطية وتأثر خدمة الكهرباء التي قطعها العدوان من مأرب، وارتفاع تكاليف الكهرباء بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية لتشغيل محطات التوليد الكهربائية التابعة للقطاع الخاص (الكهرباء التجارية)، واختتم الحداد كلماته بالقول “باختصار العدوان كان يريد إعادة اليمن إلى 50 سنة إلى الخلف”.