7 أعوام من الحرب على اليمن من الرابح ومن الخاسر فيها على مستوى الداخل اليمني (تقرير)

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

أيام قلائل على دخول اليمن عامه الثامن من الحرب التي تُشن عليه خارجياً، هي كذلك فعلاً، فتوصيف هذه الحرب على أنها “حرب في اليمن” و”بين اليمنيين أنفسهم” غير صحيح، والتوصيف الدقيق لها هو “الحرب على اليمن” لأن العديد من القيادات السياسية المصطفة تحت غطاء (الشرعية) سبق أن أكدوا أن التدخل الخارجي العسكري لم يكن ضرورياً على الإطلاق، بل إن أحزاباً سياسية من التابعة حالياً لـ”الشرعية” اعتبرت في بياناتها الرسمية التي صدرت في الأيام الأولى من شن التحالف أول غاراته على اليمن أن هذا التدخل مرفوض وأن اليمن لم يكن بحاجة له، كالتنظيم الناصري مثلاً.

المبعوث الأممي الأسبق جمال بن عمر في إحاطته التي ألقاها أمام مجلس الأمن بعد أيام من بدء التحالف هجومه العسكري والجوي على اليمن، قال بصريح العبارة إن اليمنيين كانوا على وشك الخروج من الأزمة السياسية فيما عُرف حينها بمشاورات موفمبيك التي أفضت إلى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة والذي لولا التدخل العسكري الأجنبي في اليمن حينها لكان تم تنفيذه خلال أيام، وأكد أيضاً حينها أن اليمنيين بجميع الأطياف السياسية كانوا قد اتفقوا على كل شيء وأن التدخل العسكري الخارجي أفشل كل ما بناه المبعوث في تلك الفترة، حيث كان موقف بن عمر حينها أمام مجلس الأمن واضحاً وصريحاً برفضه هذا التدخل العسكري الخارجي.

اليوم وبعد مرور 7 أعوام على بدء الحرب على اليمن، يجدر بجميع اليمنيين مراجعة حساباتهم وقراءة الواقع والمشهد السياسي على مدى السبعة أعوام الماضية ومعرفة ما إذا كانت مواقفهم التي يتصلبون عليها اليوم هل هي عادت لهم بالفائدة على مدى السبعة أعوام الماضية أم لا؟.

على مستوى المحافظات الجنوبية، فإن النخب السياسية الواعية تُجمع على أن القيادات الجنوبية المتصدرة للمشهد السياسي والعسكري اليوم أخطأت حين اتخذت مسار الترحيب بالتدخل العسكري الخارجي في اليمن، وارتكبت جريمة خيانة عظمى حين جعلت من نفسها أداة لما يراه المواطن الجنوبي اليوم من احتلال أجنبي واضح للمنشآت الاستراتيجية الجنوبية مثل المطارات والموانئ والجزر والمنشآت الاقتصادية الهامة ومناطق الثروات النفطية ومناجم الذهب في حضرموت التي تُنهب يومياً عبر شركات تعدين وتنقيب تعمل لمصلحة كلاً من السعودية والإمارات على حسب تقاسمهما للنفوذ بالمناطق جنوب اليمن، وما يراه المواطن أيضاً من سجون سرية ومعتقلين بالمئات وإفراغ للقضية الجنوبية من مطلبها الحقوقي وقضيتها العادلة وحرف مسار الحراك السلمي من مساره السلمي وملشنة الجنوب بكيانات متعددة الولاءات.

إن واقع المحافظات الجنوبية اليوم يؤكد أن مسار الاستسلام والرضوخ لمؤامرة التحالف السعودي الإماراتي كبد أبناء هذه المحافظات ثمناً باهضاً جداً، ربما – بل من المؤكد – أن هذا الثمن هو أضعاف مضاعفة عن الثمن الذي سيدفعه الجنوبيون فيما لو كانوا اختاروا مسار المقاومة والمواجهة ورفض تسليم أراضيهم ومناطقهم وثرواتهم لمن لا يريدون لليمن لا في الشمال ولا في الجنوب أي خير أو ازدهار أو تنمية، وهذا ما يثبته التاريخ الحديث الذي يعرفه الجميع، فالجميع يعرف من هي السعودية وكيف حاربت على مدى العقود الماضية أبناء اليمن جنوباً وشمالاً، أقلها دعم نظام صالح بالسلاح لاستمرار إشعال جبهات المناطق الوسطى، حيث كانت السعودية تضغط باستمرار على نظام صالح في الشمال لشن حرب بعد أخرى على الجنوبيين بذريعة محاربة النظام الاشتراكي وعدم السماح بتمدده، فيما الحقيقة كانت تتمثل في رؤية السعودية لجنوب اليمن على أنه مخزن من الثروات النفطية والغازية التي لا يجب أن يستفيد منها اليمنيون لا شمالاً ولا جنوباً، وعلى من يشكك في نوايا أمراء النفط الخليجي تجاه اليمن وتجاه أبناء الجنوب وثرواتهم أن يسأل الزعيم القبلي والمسؤول السابق بحكومة هادي، الشيخ علي سالم الحريزي الوكيل السابق لمحافظة المهرة والذي سرد في إحدى لقاءاته مع قيادات ومسؤولي مجلس الإنقاذ الوطني اليمني الجنوبي ورؤساء لجان اعتصام المهرة السلمي المناهض للاحتلال السعودي للمهرة، تفاصيل محاربة السعودية لكل شركات التنقيب عن النفط والغاز في محافظة المهرة منذ سعبينات وثمانينات القرن الماضي، وكيف أجبرت الرياض جميع الشركات الأجنبية على مغادرة المهرة بعد أن كانت قد شرعت ببناء مدن صناعية لإنتاج النفط والغاز في البر والبحر.

لا يزال البعض يتذكر تهليل إعلام التحالف السعودي الإماراتي، وخصوصاً الإعلام الإماراتي لما كان يقوله مسؤولوا التحالف التابعين للإمارات في بداية تدخلهم في اليمن وسيطرتهم على مدينة عدن عام 2015، والذين كانوا يخدعون أبناء الجنوب بأنهم سيجعلون “عدن دبي ثانية”، وهنا يطرح تساؤل أمام أي أبناء الجنوب عن رأيهم بمدينة عدن التي قال الإماراتيون إنهم سيحولونها إلى دبي ثانية.

دبي الثانية اليوم تعيش بدون غاز منزلي، وبدون مشتقات نفطية، وطوابير السيارات المصطفى أمام محطات البترول تمتد لعدة كيلوهات، ولا يكاد يمر يوم إلا ووقع فيه حادثة اغتيال أو اختطاف لمدنيين أو عسكريين، ولا يمر أسبوع دون قيام مسؤول من الذين جاء بهم التحالف السعودي الإماراتي إلا ويبسط على قطعة أرض أياً كانت ملكيتها، العملة في انهيار مستمر، عائدات مبيعات النفط الخام من حقول شبوة وحضرموت ومأرب تذهب لصالح البنك الأهلي السعودي، والبنك المركزي الذي تم نقل وظائفه بقرار من هادي وفق توجيهات من السفير الأمريكي أصبحت مهمته فقط إدارة عمليات المضاربة بالعملة بين الصرافين، الغلاء الفاحش في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية بما فيها السلع الغذائية الهامة حدث ولا حرج، قطاعات حكومية بأكملها يعاني موظفوها من انقطاع الراتب عنهم لأكثر من عام، آلاف العسكريين وصل انقطاع الراتب عنهم لعامين متتاليين، وضع عسكري مفتت ومقسم بين فصائل متناحرة قامت وأنشئت على أساس مناطقي لغرض في نفس محمد بن زايد ولي عهد الإمارات ونظيره السعودي محمد بن سلمان، وفقاً لمنظور الأمريكيين والبريطانيين الاستراتيجي الذي يتم تطبيقه على أي بلد تريد واشنطن أو لندن فرض سيطرتها عليه سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر.

بعد سبعة أعوام من الحرب على اليمن لم يعد من المجدي أن يغطي البعض الشمس بغربال فإخفاء حقيقة أن الطرف المحلي الذي لم يخسر في هذه الحرب هو طرف صنعاء ومن معها والتي قاومت وواجهت وأصبحت اليوم أقوى واستطاعت حتى تأمين المواطنين في مناطق سيطرتها أمنياً وعسكرياً وحتى معيشياً في بعض الأحيان لولا تشديد الحصار من قبل السعودية عليها لكان وضع المواطن في الشمال أفضل بأضعاف مضاعفة عما هو عليه اليوم، مع ذلك فإن المعاناة لدى مواطني الشمال ليست سوى جزءاً بسيطاً مما يعانيه المواطنون في الجنوب على الرغم من عدد السكان في الشمال ثلاثة أضعاف عدد السكان في المحافظات الجنوبية، وفوق كل ذلك الشمال أقوى وغير مُحتل ولا يحكمه السفير السعودي محمد آل جابر ولا سفير واشنطن ولا الحاكم العسكري للتحالف، إن المقارنة بين ما خسرته صنعاء وشمال اليمن أمام ما خسرته عدن والمحافظات الجنوبية يُثبت بشكل قطعي أن ثمن الاستسلام أكبر بعشرات الأضعاف من ثمن المقاومة.

قد يعجبك ايضا