مشاورات الرياض.. النسخة رقم (2) من مؤتمر الرياض 2015.. جردة حساب
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
عام 2015 وتحديداً بين 17 و19 من شهر مايو، عقد في العاصمة السعودية الرياض ما سُمي بـ”مؤتمر الرياض” كان ذلك بعد أسابيع من شن التحالف السعودي الإماراتي هجومه العسكري على اليمن، حينها أرادت الرياض من عقد هذا المؤتمر الزعم بأن من شاركوا في المؤتمر هم ممثلين عن كل أطياف الشعب اليمني، في حين كانت الحقيقة عكس ذلك تماماً حيث كان ممثلوا مؤتمر الرياض هم النخبة السياسية الحاكمة في اليمن والتابعة للسعودية.
خرج مؤتمر الرياض بما عُرف بـ”وثيقة الرياض” التي تبنت رؤية “لاستعادة الدولة وإعادة ترتيب علاقتها الإقليمية والدولية وبناء دولة اتحادية ديمقراطية وتحقيق الأمن الإقليمي وتفاعله الإيجابي مع بقية أعضاء الأسرة الدولية” حسب ما ورد في بيان وثيقة الرياض، واليوم وبعد 7 سنوات من الحرب على اليمن وبعد سيطرة التحالف السعودي الإماراتي على مناطق شاسعة من اليمن يمكن لأي مواطن يمني ملاحظة كيف بنى أولئك الحاضرين في مؤتمر الرياض “الدولة الاتحادية الديمقراطية” في مناطق سيطرتهم وسيطرة التحالف السعودي جنوب وشرق اليمن.
كانت أهداف مؤتمر الرياض حسب ما أُعلن عنها رسمياً كالتالي:
“1- المحافظة على أمن واستقرار اليمن، وفي إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته.
2- إعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة.
3- عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية.
4- الخروج باليمن من المأزق إلى بر الأمان بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها.
5- استئناف العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني”.
ومع مقارنة هذه الأهداف بما هو حاصل اليوم في المناطق التي يسيطر عليها التحالف السعودي الإماراتي وسلطة ما تسمى الشرعية نجد أن لا هذه السلطة المنفية ولا التحالف السعودي الإماراتي حققوا أي هدف من الأهداف التي أعلنوها في مؤتمر الرياض 2015، فمثلاً الهدف الأول “المحافظة على أمن واستقرار اليمن” هل حافظت حكومة التحالف على أمن واستقرار المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن؟، في البند ذاته أيضاً عبارة “التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها” هل تم التمسك بما تسمى “الشرعية” في الجنوب وهل كان تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي وانقلابه على ما تسمى الشرعية هل كان ذلك تجسيداً وتعبيراً عن هذه الجزئية من البند الأول من أهداف مؤتمر الرياض 2015؟.
البند الثاني “إعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة”، هنا يتساءل أي شخص: من الذي يمتلك السلاح الثقيل والخفيف والمتوسط اليوم في المحافظات الجنوبية؟ هل هي “الدولة”؟ مليشيات طارق صالح في الساحل الغربي والجنوب هل هم الدولة؟ مليشيات المجلس الانتقالي بمختلف انتماءاتها المناطقية ومسمياتها من أحزمة أمنية إلى ألوية عسكرية إلى نخبة شبوانية وحضرمية وقوات دفاع شبوة وغيرها وغيرها هل هذه هي الدولة؟ ألوية العمالقة السلفية التي شكلتها الإمارات في الجنوب وتمتلك من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ما يمكنها من إحداث انقلاب عسكري في أي وقت، هل هذه هي الدولة التي تم تسليم السلاح إليها؟.
البند الثالث “عودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية” هل نفذت ما تسمى “الشرعية” التابعة للتحالف هذا البند في المناطق الجنوبية التي تدعي إنها محررة؟ في هذا البند لم نجد سوى كلمة واحدة فقط هي السائدة في الجنوب وهي (البسط) والبسط على ماذا؟ على أراضي المواطنين وأراضي الدولة بل وحتى البسط على المقابر.
البند الرابع “الخروج باليمن من المأزق إلى بر الأمان بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها” واضح أن هذا البند إذا ما أردنا تفنيده وتتبع هل تحقق أم لا في مناطق سيطرة التحالف وما تسمى “الشرعية” جنوب اليمن سيحتاج الأمر لأيام أو أسابيع لتدوينه في مجلدات، إلا إذا كانت ما تسمى “الشرعية” تعتبر أن الوضع في المحافظات الجنوبية من انهيار للعملة وارتفاع جنوني للأسعار وانعدام المشتقات النفطية وانعدام الغاز المنزلي وعدم قدرة أي مواطن جنوبي السفر بحرية إلى جزيرة سقطرى مثلاً وعدم قدرة أي من الصيادين اليمنيين من الاصطياد بأي منطقة بحرية يمنية، إذا كانت حكومة التحالف السعودي تعتبر ذلك خروجاً إلى بر الأمان، فهذا صحيح، وعلى أبناء المحافظات الجنوبية أن يستمتعوا ببر الأمان الذي أوصلهم إليه التحالف وحكومته التابعة.
البند الخامس “استئناف العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني” بدلاً من تنفيذ هذا البند وفي الوقت الذي كان اليمنيون ينتظرون فيه الطرف القابع في الرياض للجلوس إلى مفاوضات مع أنصار الله والتفاوض معهم على حل لوقف الحرب ومن دون انتظار الإذن من السعودية خرج لنا التحالف ومن معه “باتفاق الرياض” بين الانتقالي التابع للتحالف وهادي ومن معه التابعين أيضاً للتحالف.
الخلاصة: المشاورات التي تعتزم الرياض عقدها لديها والتي ستجمع فيها الأطراف المتحالفة معها من اليمنيين المنضويين فيما تسمى (الشرعية) ستكون نسخة مكررة من مؤتمر الرياض 2015، ومثلما كان مؤتمر الرياض – الشكلي – مجرد ديكور لشرعنة التدخل العسكري الأجنبي في اليمن فإن مشاورات الرياض هي أيضاً مجرد مشاورات شكلية وديكور هدفها فقط أولاً: شرعنة التغيير الذي ستُحدثه الرياض بالاتفاق مع الإمارات في مضمون (الشرعية) عبر تعيين نائبين لهادي متفق عليهما مسبقاً وسيزعم التحالف أنه جرى التوافق على تسمية النائبين أثناء هذه المشاورات، وثانياً: شرعنة استمرار التدخل العسكري للتحالف في اليمن تحت غطاء وجود إجماع يمني من قبل المشاركين في المشاورات والذين لن يكون من بينهم ممثلين عن أنصار الله للادعاء أن هناك إجماع يمني باستثناء الحوثيين على ما ستخرج به مشاورات الرياض.