دلالات التصريحات جديدة من واشنطن والبنتاغون بشأن الهجمات اليمنية على الإمارات
تقرير خاص – المساء برس|
في بيانين متتاليين بتوقيتهما الزمني عقب الهجومين من اليمن على الإمارات الأسبوعين الحالي والماضي، قالت القيادة المركزية الأمريكية الوسطى إنها تصدت للهجمات الصاروخية الباليستية على قاعدة الظفرة الأمريكية داخل الإمارات في الهجومين اللذين وقعا الإثنين الماضي والإثنين قبل الماضي، واعترفت واشنطن في تلك البيانات بأن قواتها اختبأت في الملاجئ أثناء الهجوم.
اليوم في تصريحات جديدة للأمريكان، يقول مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بيرت ماكفورك إن السلام في اليمن يحتاج إلى طرفين ليتحقق ولكي أكون صريحاً أكثر يحتاج إلى الحوثيين، وهذا تصريح فيه اعتراف رسمي بأن قرار صنعاء في صنعاء وليس في طهران كما ظلت واشنطن وحلفائها في دول الخليج يروجونه طوال سنوات الحرب السبع الماضية.
وفي تصريح آخر للخارجية الأمريكية اليوم تقول فيه “نجحنا في صد أكثر من 90% من الهجمات القادمة من اليمن على السعودية والإمارات”.
وتعلن الخارجية الأمريكية اليوم أيضاً لمواطنيها بأن الإمارات دولة غير آمنة، حيث أصدرت الخارجية الأمريكية بياناً يمكن اعتباره بأنه تصنيف أمريكي بأن البلد الخليجي القائم على الاقتصاد غير التقليدي والمعتمد على جلب الاستثمارات الأجنبية والتحول لمركز تجاري إقليمي هو بلد غير آمن، وتحث واشنطن في هذا البيان مواطنيها في الداخل والخارج بعدم السفر إلى الإمارات وتحدد السبب بأنه استمرار تعرضها للتهديد باستهدافها من اليمن بالصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار.
يبدو أن واشنطن تعيش حالة ارتباك في تعاطيها مع التطورات الأخيرة في المنطقة أبرزها التعاطي المتقلب بشأن الهجمات التي تعرضت لها الإمارات الإثنين الماضي والإثنين قبل الماضي في كل من أبوظبي ودبي بصواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيرة تابعة للجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء.
وفي الوقت الذي لا تريد فيه واشنطن أن تظهر للعالم بأنها عجزت عن التصدي للهجمات التي تعرضت لها الإمارات بالنظر إلى كون الولايات المتحدة هي المتكفلة بحماية الإمارات عسكرياً من خلال احتضان أبوظبي أكبر قاعدة عسكرية جوية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أن للإدارة الأمريكية تصريحات رسمية يفهم منها بأن واشنطن ليست في وارد أن تمارس دوراً محورياً في الدفاع عن الإمارات فواشنطن التي تعرضت قاعدتها الجوية الأكبر في الإمارات لهجوم باليستي لمرتين متتاليتين من قبل قوات صنعاء لا تريد أن تتحمل فشلاً عسكرياً توصم به سمعتها في القدرات العسكرية من ناحية التسليح خاصة في مجال المنظومات الدفاعية، بمعنى آخر: لو كانت أمريكا مهتمة لشأن الإمارات لكانت تصدت أيضاً لبقية الصواريخ الأخرى التي ضربت الإمارات في أبوظبي ودبي ولما اكتفت فقط وركزت فقط للتصدي – كما زعمت القيادة الأمريكية الوسطى – للصواريخ التي كانت تستهدف قواتها داخل قاعدة الظفرة على مقربة من العاصمة أبوظبي.
التصريحات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بالهجمات على الإمارات، أظهرت تخبطاً أمريكياً في حقيقة الأمر حيث صدرت عنها تصريحات كان الهدف منها التوضيح للإمارات والمجتمع الدولي بأن واشنطن لا علاقة لها بالدفاع عن الإمارات أو عن فشل المنظومات الدفاعية في التصدي للصواريخ الباليستية اليمنية وهي بذلك تحاول تحميل المسؤولية على الإمارات ومن تلك التصريحات على سبيل المثال: الاعتراف رسمياً وببيانات لقيادة القوات المركزية الأمريكية الوسطى ووزارة الدفاع “البنتاغون” بأن قواتها في قاعدة الظفرة احتمت في الملاجئ عند الهجوم على قاعدة الظفرة، هذه الاعترفات وردت عقب الهجومين على الإمارات وليس عقب الهجوم الأخير فقط، وهو ما يظهر رغبة واشنطن في إخلاء مسؤوليتها تجاه حماية أبوظبي ودبي من الهجمات اليمنية، لكن ولكون مثل هذه التصريحات تضر بسمعة المنظومات الدفاعية الجوية الأمريكية التي تستخدمها الإمارات في حماية أجوائها من الهجمات فقد صدر عن الإدارة الأمريكية أكثر تصريحات جديدة تحاول من خلالها أن تتلافى السقوط المريع لسمعة منظوماتها الدفاعية التي فشلت في التصدي للصواريخ الباليستية اليمنية، ومن تلك التصاريح مثلاً ما صدر اليوم عن الخارجية الأمريكية، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي إن القوات الأمريكية نجحت في صد أكثر من 90% من الهجمات القادمة من اليمن على السعودية والإمارات، في محاولة أمريكية واضحة لتحسين سمعة دفاعاتها الجوية المعمول بها في دول الخليج.
حالياً تعيش أمريكا صراعاً ومحتدماً مع التحالف الروسي الصيني في شرق أوروبا وتركز كل طاقتها على التصدي لروسيا، ولهذا فإن واشنطن تسعى للتخلص من الملفات الشائكة والعالقة في المنطقة العربية ومنها على سبيل المثال التخلص من ملف الأزمة النووية الإيرانية من خلال إعادة العمل باتفاق الرياض وإعادة تفعيله من جديد كي تضمن واشنطن بذلك تحييد إيران عن أي صراع روسي أمريكي ولهذا فإن من غير المستغرب أن نسمع تصريحات إيجابية عن مسؤولين أمريكيين بشأن حدوث تقدم في المفاوضات وعن توجه أمريكي للتفاوض مباشرة مع الإيرانيين بدون أي وسطاء إقليميين أو دوليين، وذلك يعني أن هناك وتيرة متسارعة للأمريكان للعودة للاتفاق النووي الإيراني كما أن هذه الهرولة تفسر سبب التصريحات الجديدة للمسؤولين في واشنطن بخصوص خروج إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني ومحاولة إدارة بايدن حالياً تحميل إدارة ترامب مسؤولية التوتر في المنطقة بسبب قرار الرئيس السابق بالانسحاب من الاتفاق النووي وهذه تعد مبررات ومقدمات تمهيدية لعودة واشنطن للاتفاق.
وبما أن واشنطن تريد التخلص من أزمة الاتفاق النووي وإغلاق هذا الملف نهائياً للتفرغ للصراع مع روسيا والصين، فإن ذلك يعني أن واشنطن أيضاً لن تشغل نفسها بأزمة السعودية والإمارات الغارقتان في مستنقع الحرب على اليمن، ولهذا قد نجد واشنطن تتجاهل أي توترات أو تصعيد عسكري بين الإمارات والسعودية من جهة والقوات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء من جهة ثانية حتى لو كان هذا التصعيد يطال العمقين الإماراتي والسعودي.