لماذا تضع صنعاء “فيتو” على دعوات إعادة النظر في اتفاقيتي الطائف وجدة؟
خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد|
قال رئيس لجنة الخارجية والمغتربين بمجلس النواب في صنعاء، الدكتور علي الزنم، إن الدعوات المنادية بإسقاط أو تعديل أو إعادة النظر في اتفاقيتي الطائف وجدة بين اليمن والسعودية، قوبلت بـ”فيتو” من السلطات العليا.
وأوضح الدكتور الزنم في حوار أجراه الصحفي محمد الحداد ونشرته صحيفة “الوسط” بموقعها الإلكتروني، أنه قدم استجواباً لرئيس حكومة الإنقاذ الدكتور عبدالعزيز بن حبتور ووزير الخارجية هشام شرف وطالب في الاستجواب الذي يعد الأول من نوعه بإسقاط أو تعديل أو إعادة النظر في اتفاقيتي الطائف وجدة الحدودية، موضحاً بأنه شرح أسباب ذلك إلا أنه وللأسف الشديد “قوبل هذا الاستجواب المهم بفيتوا من السلطات العليا وحتى الآن لم يتم حضور الجانب الحكومي للرد عليه بسبب ذلك الاعتراض الذي لا أجد له تفسيراً حتى الآن”.
فيتو صنعاء الذي اصطلح عليه الدكتور الزنم بـ”فيتوا من السلطات العليا”، يراه بعض المراقبين السياسيين بأنه منطقي من ناحية ومبالغ فيه من ناحية أخرى، فمن ناحية منطقيته قد ترى النخبة السياسية الحاكمة في صنعاء أن عليها الإبقاء على حبل ود بينها وبين السعودية على الرغم من الحرب العدوانية التي تشنها الأخيرة على اليمن لحظياً والتي طالت لسبع سنوات ولا زالت مستمرة، وهذا الحبل تتشعب منه بعض القضايا والتفاصيل التي يجب تجميدها أو إهمالها أو عدم إثارتها حالياً إلا في حال حدوث ضرر جسيم يهز كيان الجمهورية اليمنية، وقد ترى النخبة السياسية في صنعاء بأنه ورغم كل ما ارتكبته السعودية بحق المغتربين اليمنيين كونهم كانوا محوراً رئيسياً تضمنتهم الاتفاقيتين الموقعتين بين اليمن والسعودية والمعروفتين باتفاقيتي الطائف وجدة، إلا أنه لا يزال هناك مساحة متاحة لصنعاء كي تناور من خلالها على هذا الملف لإعادة تسويته في وقت لاحق وبالقدر الذي يعيد الاتفاق إلى طبيعته ويعطي كل ذي حق حقه بما في ذلك المغتربين، وبمعنى آخر: فإن صنعاء قد ترى أن ما وصل إليه الوضع بين اليمن والسعودية لم يصل لمرحلة يستدعي معها الأمر أن يتم إلغاء الاتفاقيتين والانسحاب منهما – على الرغم من أن لصنعاء الحق في ذلك كون السعودية انقلبت على الاتفاقيتين منذ أكثر من 30 عاماً ورغم ذلك بقيت صنعاء متحفظة على الاتفاقيتين ولم تثر حولهما أي نقاش رغم نقضهما سعودياً -، وذلك يعني – إجمالاً – أن صنعاء ليست في وارد التفكير بإعادة النظر في اتفاقيتي الطائف وجدة لا حالياً ولا بعد انتهاء الحرب ورفع الحصار.
أما من ناحية أنه “فيتو” مبالغ فيه، فيرى البعض الآخر من النخبة السياسية غير الحاكمة أن على صانع القرار السياسي اليمني في صنعاء منح هذا الملف تحديداً شيئاً من المرونة وجعله ملف مساومة على الأقل لمرحلة ما بعد الحرب على اليمن وانتهاء الحصار وخروج القوى الأجنبية من اليمن، ولإبقاء هذا الملف حياً لذلك الحين فإن على صانع القرار السياسي إتاحة المجال لصعود أصوات تنادي بعكس ما يريده صانع السياسة حالياً، أي إتاحة المجال لصعود أصوات تنادي بإعادة النظر في اتفاقيتي الطائف وجدة، ومن خلال هذه الأصوات يصبح لصانع القرار ورقة يناور بها ليس أثناء أي مفاوضات سياسية قادمة، بل فيما بعد انتهاء الحرب تماماً، بحيث يكون لصانع القرار السياسي ورقة يستخدمها للتلويح ضد السعودية بقصد التهديد فقط ولهدف رئيسي وهو “الحفاظ على الاستقرار في اليمن من أي محاولة عدائية من قبل السعودية على المديين المتوسط والطويل ومن أي شكل عدائي كان” بمعنى أن هذه الورقة ستبقى ورقة مساومة لردع السعودية ومنعها من تكرار تدخلها بأي شكل من الأشكال في الشأن اليمني.