معلومات جديدة بخصوص “الانسحابات العسكرية للتحالف جنوب اليمن”
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
في منتصف يوليو الماضي استضافت الرياض وفداً عسكرياً إماراتياً رفيع المستوى برئاسة قائد القوات البرية الإماراتية، والقائد الفعلي للقوات الإماراتية في اليمن، اللواء الركن صالح العامري، الوفد الإماراتي حينها التقى بالوفد العسكري السعودي برئاسة قائد قوات التحالف (القوات المشتركة في اليمن) الفريق الركن مطلق الأزيمع، وعلى مدى 3 أيام متتالية استمرت اجتماعات الطرفين في العاصمة السعودية الرياض لبحث ملف رئيسي ووحيد هو الملف اليمني.
تشير معلومات حصل عليها “المساء برس” من مصادر مطلعة أن قائدي القوات السعودية والإماراتية وضعا خطة ترتيب التحركات العسكرية لقواتهما في اليمن خلال المرحلة المقبلة، وتشير المصادر أن تقاطع المصالح بين الرياض وأبوظبي في اليمن، لا يعني أن يصل الطرفان لمرحلة تصادم عسكري مباشر ولهذا كان من الضرورة الجلوس والاتفاق على خطوط عريضة لطبيعة تحركات قوات الطرفين وتقاسم السيطرة بينهما مع ترك مساحة الصراع المسلح المباشر للأدوات المحلية التابعة والموالية لكل طرف (الإصلاح والانتقالي وطارق صالح).
وبما أن الرياض وأبوظبي متفقتان على رسم حدود تحركات كل منهما جنوب اليمن، فإن أخبار الانسحابات العسكرية الإماراتية أو السعودية التي يتناقلها الإعلام اليمني وبعض وسائل الإعلام السعودية والإماراتية ليست أكثر من مجرد بروباجاندا إعلامية هدفها حرف أنظار الشارع الجنوبي عن الملفات التي تشغله والأسئلة التي يحاول البحث عن إجابات لها لمعرفة المصير الذي يؤول إليه أبناء المحافظات الجنوبية في ظل استمرار السيطرة العسكرية للتحالف على المنشآت الاستراتيجية بما فيها المطارات والموانئ وفرض الحصار ومنع تصدير الغاز والتفتيت الحاصل في المناطق الجنوبية بين إخضاعها للسيطرة العسكرية للانتقالي من جهة وإخضاع أخرى لسيطرة الإصلاح من جهة ثانية ودخول طارق صالح على خط النفوذ العسكري في الجنوب بذريعة حماية مأرب وشبوة وكل ذلك في ظل استمرار انهيار الوضع المعيشي لأبناء الجنوب وانهيار العملة المحلية التي تجاوزت قيمتها أمام الدولار الأمريكي إلى (1 دولار يتجاوز 1500 ريال يمني)، فيما لا يزال سعر الصرف مستقراً في مناطق حكومة صنعاء التي يفترض أنها محاصرة من كل النواحي، خلافاً لمقارنة المواطن في المحافظات الجنوبية بين الأوضاع في الجنوب التي يطلق عليها التحالف وحكومة الشرعية المنفية بالمناطق “المحررة” والأوضاع في المحافظات الشمالية التي تديرها حكومة صنعاء بما تشمله تلك المقارنة من كافة النواحي أمنياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
انسحاب أم إعادة تموضع؟
في هذا الصدد، تحدث لـ”المساء برس” أكثر من مصدر عسكري جنوبي، أكدوا جميعهم أن كل المناطق التي نشرت بخصوصها أخبار تتحدث عن انسحاب للقوات السعودية أو الإماراتية منها والتي انتشرت خلال الأسابيع القليلة الماضية، كل تلك المناطق لا تزال مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية لقوات التحالف، الأمر الذي يعني أن “لا انسحاب حقيقي لقوات التحالف منها”.
على سبيل المثال، يؤكد أحد المصادر العسكرية الجنوبية، إن معسكر العلم في شبوة والذي أشيع أن الإمارات سحبت قواتها منه، لم يكن يتواجد فيه أي ضابط أو جندي إماراتي، وإن ما حدث كان سحب الإمارات لمعدات عسكرية ثقيلة ومتطورة كانت موجودة داخل المعسكر، مضيفاً إن القوات الإماراتية في شبوة متمركزة في منشأة بلحاف الغازية الاستراتيجية والتي لا تزال حتى اللحظة تحت سيطرة القوات الإماراتية ولم يتم الانسحاب منها على الإطلاق.
ويضيف المصدر إنه وبالمثل أيضاً فإن ما نُشر من أخبار بشأن الانسحاب العسكري السعودي من مطار عتق الأسبوع قبل الماضي، ليس صحيحاً، وأكد المصدر أن المطار لا يزال تحت سيطرة القوات السعودية، وما حدث كان فقط نقل بعض القوات وبعض المدرعات والعربات العسكرية من داخل المطار إلى منطقة “قارة الفرس” الواقعة بين محافظتي شبوة وحضرموت، ما يعني أننا أمام عمليات إعادة تموضع عسكري ليس أكثر، ولا وجود لأي دلائل حقيقية تؤكد أن هناك انسحابات نهائية أو أن هناك حتى نوايا للانسحاب من قبل السعودية أو الإمارات.
“المساء برس” تحدث مع مصادر مطلعة في مدينة عدن، أكدت تلك المصادر أن السعودية لم تنسحب من معسكر قوات التحالف (مقر قيادة التحالف في البريقة بعدن)، وأن ما حدث كان إعادة تموضع بعض القوات وبعض المدرعات والعربات والمعدات العسكرية، فيما لا يزال المعسكر الذي تتمركز فيه قوات التحالف في عدن خاضع لسيطرة التحالف ولم يحدث أي انسحاب.
مصادر سياسية تتحدث أيضاً أنه من غير المنطقي أن تنسحب السعودية أو الإمارات بهذه السهولة من المناطق التي تسيطر عليها جنوب اليمن، ومن وجهة نظر المصادر ذاتها، فإن كلاً من الرياض وأبوظبي لن تنسحبا عسكرياً من المحافظات الجنوبية إلا بعد أن يتم إحلال قوات بديلة محلية تكون في ولائها أكثر طاعة واستجابة وتنفيذاً لما يصدر من توجيهات سواءً سعودية أو إماراتية، وهو ما يجري حالياً الترتيب له من خلال الدفع بطارق صالح للمشهد في الجنوب والتوغل في محافظة شبوة تحديداً بذريعة مواجهة قوات صنعاء فيما الهدف الحقيقي الذي تقف خلفه الإمارات من وراء الدفع بطارق عفاش تحت عباءة المجلس الانتقالي الجنوبي هو السيطرة على محافظة شبوة بالكامل، حينها فقط ستنسحب الإمارات من منشأة بلحاف بعد أن سلمت المنشأة لمن ترى فيهم أداة طيعة في يدها أكثر ولاءاً من المجلس الانتقالي وقوات النخبة الشبوانية التي ستحن يوماً ما لأرضها ومناطقها بينما لن يحدث ذلك مع قوات طارق صالح التي تعمل في الساحل الغربي عن قناعة تامة بأنها مجرد (مرتزقة تعمل بالأجر المسبق)، وعلى ذلك، تؤكد المصادر السياسية، أن على المتابعين قياس ما تخطط الإمارات لتنفيذه في شبوة على باقي المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي جنوب اليمن، فعلى نفس المنوال سيتكرر هذا السيناريو باختلاف فقط الذرائع والمبررات التي سيتم خلقها وترويجها إعلامياً لتنفيذ الخطط الجديدة.
توافق سعودي إماراتي لمحو الإخوان
تؤكد أيضاً المصادر السياسية المطلعة إن كل المؤشرات تقود إلى أن هناك توافقاً سعودياً إماراتياً بمباركة أمريكية وبريطانية وتشجيع إسرائيلي على أن الخروج من الحرب في اليمن بعد أن هُزم التحالف السعودي الإماراتي في حربه ضد قوات صنعاء التي باتت أقوى طرف عسكري وسياسي في اليمن ورقماً صعباً في معادلة القوى الإقليمية في المنطقة ككل، الخروج من الحرب بطريقة لا تبدو معها الرياض وأبوظبي منهزمتان يتطلب إعادة تشكيل الخارطة العسكرية في اليمن.
وحسب المصادر فإن المؤشرات على الأرض تؤكد أن هناك توافقاً على تمكين تيار المؤتمر الموالي للإمارات من التحكم بالقرار في الجنوب وتحت عباءة المجلس الانتقالي الجنوبي وبدمج مقاتلي طارق صالح (المرتزقة) مع مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي (العقائديين وخاصة السلفيين) وتمكينهم من السيطرة العسكرية الكاملة على كل المحافظات الجنوبية وإنهاء أي وجود عسكري للإصلاح، على أن تصبح هذه هي خارطة التوزيع العسكري في اليمن عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات السياسية التي ستضم فقط (الشمال ممثلاً بأنصار الله وحلفائهم، والجنوب ممثلاً بالانتقالي ومؤتمر عفاش) وعلى هذا الأساس تبنى المفاوضات السياسية وما ينتج عنها من حل لوقف الحرب في اليمن.
الخلاصة
باختصار.. السعودية والإمارات توغلتا في الحرب ضد اليمن لتحقيق مصالح بعيدة كل البعد عن الأهداف المعلنة في 2015، فهل من المعقول أن تنسحب السعودية أو الإمارات من جنوب اليمن دون أن تخرج بأي فائدة أو تعويض لما خسرته خلال هذه الحرب؟ ذلك ما يجعل من الحديث عن انسحاب عسكري سعودي أو إماراتي من جنوب اليمن بهذه السهولة حديثاً ساذجاً وغير منطقي.