“الخطر الحوثي” شماعة التحالف للانقضاض على الإصلاح في شبوة
شبوة – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
لم تعد الحقائق الخاصة بمصير محافظة شبوة الخاضعة لسيطرة الحزب الإخواني في اليمن “حزب الإصلاح” وقواته العسكرية والعقائدية المطعمة بعناصر من تنظيم القاعدة الإرهابي والتي يسعى التحالف السعودي برغبة إماراتية نحو طرد الإصلاح منها وتمكين الانتقالي وقوات طارق صالح من السيطرة عليها مجرد أخبار متوقعة وتسريبات مجهولة المصدر، بل أصبحت حقائق يتم الاعتراف بها من قبل وسائل إعلام التحالف السعودي الإماراتي نفسه.
ففي خبر نشرته صحيفة العرب الممولة من الإمارات والصادرة من لندن، أكدت الصحيفة أن التحالف السعودي وحكومة هادي يدرسان خيارات ما أطلقت عليه الصحيفة بـ”تحرير المديريات التي سيطرت عليها جماعة الحوثي في محافظة شبوة مؤخراً”.
وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر سياسية أن “هناك مخاوف من تزايد الاختراق الحوثي في شبوة ووجود عناصر موالية للحوثيين في المحافظة وتسريب معلومات عن اتصالات غير معلنة بين بعض قيادات الإخوان في المحافظة وقيادات حوثية قد تفضي إلى تسليم المزيد من المديريات المتاخمة لمأرب كما حدث في بيحان وعسيلان وعين”، في إشارة واضحة بأن التحالف السعودي اتخذ قراراً بالتخلص من الإصلاح في شبوة واستبداله بقوات طارق صالح والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومين من الإمارات.
في هذا الصدد يرى مراقبون إن الإمارات استطاعت إقناع السعودية بأن يتم التخلص من الإصلاح في شبوة لصالح تمكين الانتقالي وطارق صالح من المحافظة باعتبار الأخيرين أكثر ولاءً وطاعة للتحالف السعودي الإماراتي من حزب الإصلاح الذي استغل الحرب لاستنزاف التحالف السعودي الإماراتي مالياً وبناء ثروة هائلة واستثمارات ضخمة لصالح قياداته التي تشارك في سلطة هادي في عدة مدن وعواصم إقليمية.
ودفعت ابوظبي بوسائل الإعلام التابعة لها وإعلام المجلس الانتقالي وطارق عفاش الممولة منها أيضاً إلى شن هجمة عنيفة على حزب الإصلاح في شبوة وتحريض القبائل للخروج ضد الإصلاح في المحافظة النفطية والمطالبة بخروج كافة قوات الإصلاح واستبدالها بقوات النخبة الشبوانية التي يجري حالياً توسيعها عبر إضافة قوات تتبع طارق صالح قائد ما يعرف بالمقاومة الوطنية المشتركة في الساحل الغربي وكذا قوات من الانتقالي الجنوبي منها قوات العمالقة والتي يجري إيفادها على مجموعات ودفعات منذ أسابيع إلى معسكر النخبة الشبوانية في بلحاف قرب منشأة الغاز التي تسيطر عليها القوات الإماراتية جنوب شبوة.
واستند الهجوم والتحريض الذي وجهت به الإمارات ضد الإصلاح في شبوة إلى سقوط مديريات عسيلان وعين وبيحان بيد قوات صنعاء مؤخراً، حيث يتهم الانتقالي والإمارات وإعلام طارق صالح، حزب الإصلاح بأنه قام بتسليم مديريات شمال شبوة طواعية وباتفاق غير معلن لقوات صنعاء، في حين كشفت المشاهد التي وثقت فعالية المولد النبوي الشريف في مديرية بيحان حقيقة سبب سقوط تلك المديريات وبتلك السرعة في يد قوات صنعاء والتي تبين أنها سقطت بسبب عدم وجود حاضنة شعبية للإصلاح فيها للقتال ضد قوات صنعاء بالإضافة لتوطين الإصلاح لعناصر القاعدة وداعش الفارين من مديريات ناطع والصومعة غرب البيضاء في مناطق شمال شبوة وهو ما رفضه القبائل الذين سارعوا للتواصل بقيادات في سلطة صنعاء وعقد اتفاقات معها على دخول قوات صنعاء تلك المديرية لتطهيرها من عناصر التنظيمين الإرهابيين، الأمر الذي وجدت فيه قوات صنعاء فرصة ذهبية لتحقيق عملية التفاف عسكرية على قوات التحالف والإصلاح جنوب مأرب وتطويقها من الجهة الثالثة بعد أن كانت مطوقة من الجهتين الشمالية والغربية.
وتهدف الإمارات من خلال الإطاحة بالإصلاح في شبوة إلى قطع أهم مصدر إيرادي لتنظيم الإخوان المسلمين في اليمن والمتمثل في سواحل شبوة على البحر العربي والذي يستغله الحزب لتهريب النفط الخام عبر ميناء “قنا” او ما كان يعرف بميناء بئر علي، حيث يشحن الإصلاح عبر هذا الميناء عبر نقل النفط الخام من مأرب إلى شبوة من خلال قاطرات مشتقات النفط العادية ومن ثم تفريغها بالقرب من الميناء وضخها عبر أنبوب صغير إلى السفينة الراسية قبالة الميناء والتي تنقل تلك الكمية وبيعها عرض البحر وتوريد عائداتها إلى أرصدة وحسابات قيادات عسكرية وسياسية تابعة للإصلاح في حكومة ما تسمى “الشرعية” في الخارج، وبعد أن قطعت السعودية دعمها المالي للإصلاح لم يعد أمام التنظيم الإخواني سوى هذا المورد الوحيد والذي تجني منه شهرياً 106 مليار و66 مليون ريال عبر ضخ قرابة المليون برميل نفط شهرياً.
في سياق متصل يرى مراقبون إن الإصلاح وبسبب تعامله الهمجي ضد القبائل في شبوة وإسرافه في استخدام العنف ضد من يعارض الحزب وفساد سلطته في شبوة والذي تُرجم على شكل عشرات الحملات من الاعتقالات واستعراض العضلات بعنجهية واستعلاء على أبناء شبوة من جهة ومن جهة ثانية استمرار تجاهل الإصلاح لتصاعد الغضب الشعبي جراء غلاء الأسعار وانهيار العملة وانعدام المشتقات النفطية في محافظة غنية بالنفط والغاز، كل ذلك جعل من الحاضنة الشعبية للإصلاح رغم أنها كانت قليلة جداً إلا أن الإصلاح وبدلاً من توسيعها باحتواء القبائل وتأمين معيشتهم ومطالبهم ذهب لاستغلال المحافظة كمصدر للثراء الأمر الذي ساهم في زيادة تآكل ما كان باقياً من شعبية للإصلاح التي كانت في الأساس شعبية حاضنة لهادي وما يسمى “الشرعية”.
ويؤكد المراقبون إن الإمارات لو كانت حريصة على منع تقدم قوات صنعاء نحو المحافظات الجنوبية كما تدعي حالياً لتبرير تحركاتها في شبوة، لكانت ذهبت لإسقاط الذريعة التي لا زالت قائمة حالياً شمال محافظة أبين والتي كانت ذريعة مشابهة لتلك التي كانت السبب في سقوط مديريات بيحان وعسيلان وعين شمال شبوة والتي استوطنت فيها عناصر تنظيمي القاعدة وداعش وبحماية وتأمين وتسهيل من محافظ شبوة محمد صالح بن عديو الأمر الذي دفع بالقبائل المناهضة للإصلاح شمال شبوة إلى حسم خيارهم والاتفاق مع صنعاء، وبالمثل أيضاً فإن العناصر من التنظيمات الإرهابية التي هربت من جنوب البيضاء وتحديداً من الزاهر ومكيراس انتقلت بغطاء وموافقة إلى الاستيطان في المناطق الشمالية لمحافظة أبين الحدودية مع البيضاء، ومثلما استعانت قبائل شمال شبوة بقوات صنعاء لتخليصهم من تواجد العناصر الإرهابية الهاربة من البيضاء فإن من المحتمل أن يتكرر الأمر ذاته مع قبائل شمال أبين التي تحولت لموطن التنظيمين الإرهابيين المنسحبين من جنوب البيضاء، كل ذلك يؤكد أن الإمارات لم ترفع شعار “مواجهة الخطر الحوثي في شبوة” إلا كشماعة فقط للتخلص من الإصلاح وإحلال طارق عفاش وقوات العمالقة والانتقالي كبديل في المحافظة التي ظلت مطمعاً للإمارات منذ انفلاتها من قبضتها في العام 2019 بعد طرد الإصلاح قوات النخبة الشبوانية وانكفاء الإمارات داخل منشأة بلحاف الغازية التي تمنع أبوظبي على ما تسمى “الشرعية” إعادة تشغيلها.