الرياض تحاول عبثاً وقف اندفاع قبائل مأرب نحو مبادرة صنعاء وهلع شديد من تزايد القيادات القبلية المرحبة
مأرب – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
بدأت الرياض تشعر بالقلق والخطورة من المبادرة التي تقدمت بها قيادة السلطة في صنعاء والتي قدمها زعيم أنصار الله، عبدالملك الحوثي وسلمها للوفد السلطاني العماني الذي زار صنعاء مطلع يونيو الماضي والتي تضمنت 9 بنود للحل في مأرب وإنهاء القتال ولقيت ترحيباً كبيراً لدى أبناء وقبائل المحافظة واعتبرتها قيادات قبلية بارزة موالية للشرعية في مأرب منصفة ومنطقية ودعت قيادة سلطة مأرب التابعة لهادي لأخذها بعين الاعتبار.
ولقيت مبادرة صنعاء قبولاً واسعاً تمثل في إصدار مكونات قبلية وشبابية في مأرب بيانات رسمية رحبت بالمبادرة واعتبرتها مخرجاً منصفاً للطرفين من الحرب وأنها منصفة بشأن اعترافها بأحقية منح أبناء مأرب حقوقهم من الشراكة في السلطة والثروة، الأمر الذي جعل السعودية ترفع من وتيرة قلقها إزاء تقبل أبناء مديريات مأرب التي لا تزال تحت سيطرة التحالف وقوات هادي للمبادرة وتصاعد الدعوات والأصوات المطالبة بقبولها من قبل قيادة سلطة مأرب والمحافظ سلطان العرادة.
ولعل مما زاد من خطورة الموقف بالنسبة للرياض التي لا يبدو أنها تريد إنهاء الحرب في مأرب، هو موقف أبرز القيادات السياسية والقبلية في مأرب القيادي البارز وعضو مجلس النواب الشيخ علي عبدربه القاضي والذي ألقى كلمة في مجلس قبلي كبير مؤخراً بحضور قيادة سلطة مأرب الموالية للتحالف، وخاطب الشيخ القاضي قيادة مأرب صراحة بأن مبادرة صنعاء منصفة ومنطقية وأنها محل ترحيب من قبله ومن قبل قيادات قبلية ومكونات كبيرة بمأرب.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه مصادر داخل مدينة مأرب أن مبادرة صنعاء لا تزال محور مناقشات مجالس مأرب من مشائخ وقيادات سياسية وقبلية وبعض المسؤولين التابعين لهادي في مأرب وأن هناك توسعاً كبيراً وتصاعداً لافتاً للأصوات المؤيدة للمبادرة، خاطبت قيادات بارزة قيادة سلطة مأرب التي كانت حاضرة في أحد المجالس بضرورة استغلال المبادرة معتبرين أنها تحفظ ماء وجه الطرفين وتمنح أبناء مأرب امتيازات لم يسبق أن حصلوا عليها وهي من حقهم خلال السنوات والعقود الماضية.
وبسبب تصاعد المخاوف لدى السعودية من توسع دائرة القبول الشعبي والقبلي داخل مأرب بمبادرة صنعاء، سارعت الرياض إلى محاولة كبح اندفاع قبائل مأرب نحو تأييد المبادرة، حيث دفعت بقائد القوات المشتركة للتحالف مطلق الأزيمع لاستدعاء وزير دفاع هادي محمد المقدشي، الأربعاء، للقاء به والتقاط صور لنشرها على وسائل الإعلام السعودية والتي من بينها وكالة الأنباء الرسمية (واس) التي قالت إن اللقاء تضمن مناقشة سير العمليات العسكرية والاطلاع على الموقف العام ومختلف التفاصيل الميدانية لمسرح العمليات، في رسالة أرادت الرياض من خلالها إخبار الموالين لها في مأرب بأنها منزعجة من مواقفهم المرحبة بمبادرة صنعاء من جهة وإيهام مقاتلي هادي والتابعين للإصلاح من أبناء القبائل بأن الرياض لا تزال متمسكة بالقتال في مأرب وأن عليهم عدم القبول بمبادرة صنعاء من جهة مقابلة، حتى وإن كان هذا التمسك بالحرب يأتي على حساب دماء أبناء مأرب أنفسهم فيما قوات هادي والتحالف متحصنة بشكل جيد وبعيدة عن خطوط النار والمواجهات.
وعلى الرغم من أن جبهات القتال في مأرب تشهد هدوءاً كبيراً منذ عدة أيام، إلا أن وسائل إعلام التحالف ذهبت للترويج بأن التحالف قام بتنفيذ عدة غارات جوية على مواقع تسيطر عليها قوات صنعاء في ثلاث جبهات قتال بمحيط مدينة مأرب، بالتزامن مع أخبار لإعلام هادي تتحدث عن تصعيد الأخيرة لعملياتها العسكرية بتلك الجبهات، فيما تؤكد المعلومات الواردة من مصادر عسكرية موثوقة أن الوضع في مأرب لا يزال هادئاً وأن المناوشات التي تتم هنا وهناك طبيعية وتحدث بشكل يومي، وهو ما يعني أن التحالف يستخدم الإعلام لتضليل على قبائل مأرب وإقناعهم بأن التحالف والرياض تحديداً لا تزال تقود المعركة في مأرب ضد قوات صنعاء وأن خيار استمرار القتال ضد قوات صنعاء هو الخيار الوحيد وأن السلام والمبادرة أمر مرفوض بالنسبة لها ولن تسمح به.
لكن مراقبين اعتبروا أن الرياض لن تتمكن من تحقيق تأثير كبير في أوساط قبائل مأرب التي استحسنت ورحبت بمبادرة صنعاء، مؤكدين أن الرياض سينتهي بها المطاف إلى القبول بالأمر الواقع وتقبل فكرة ذهاب مأرب لعقد اتفاق مع صنعاء وأنها ستخرج من مأرب كما خرجت القوات الأمريكية من العاصمة الأفغانية كابل تاركة أدواتها المحلية تواجه مصيراً مجهولاً.