الرياض تنعي وفاة ” الشرعية ” بلا جنازة وتشييع ضرير !
حلمي الكمالي – وما يسطرون – المساء برس|
تشكل إخفاقات الشرعية في اليمن أهم الأسباب التي خلطت الأوراق العسكرية والسياسية للتحالف الدولي بقيادة السعودية، ووضعت الأخيرة في مأزق حقيقي أمام المجتمع الدولي، والتي تتجه مؤخرا بالتزامن مع إقتراب حسم معركة مأرب لصالح صنعاء؛ للبحث عن حلول جدية للخروج من هذه الورطة ، ولكن كيف سيحدث ذلك ؟! البداية كما يؤكد أمراء الحرب في الرياض تبدأ بضرب الشرعية !.
هذا ما يحدث بالضبط في الآونة الأخيرة، إذ تسعى الرياض لحشد كل قواها لتوسيع الشروخ البينية وإحياء الصراعات والتناقضات داخل حلبة الشرعية ، مثلما اتجهت لوضع هذه السيناريوهات لكل اليمن ..اليوم ، يتم تكريسها في تشتيت ما تبقى من ” ظل ” لشرعية واهية من ورق.
المؤشرات التي تدل على هذا التوجه السعودي لا تتوقف عند منح هادي الفرصة الأخيرة لإعادة ترتيب أوراقه حسب ما كشفته الصحيفة السعودية ” عكاظ “، بل وصلت إلى أبعد من ذلك، وهو رفض طلب مقدم من هادي للقاء الملك سلمان.
وحسب مصادر مطلعة، فإن الرياض بدأت بتضييق الخناق على مسؤولي هادي، وتقليص المنح المالية المقدمة لهم، وفرض الرقابة الشديدة على تحركاتهم داخل المملكة.
وبدأت وسائل إعلام التحالف العربي على رأسها قناة العربية السعودية خلال الأيام القليلة الماضية، بشن هجوما لاذعا على القوات العسكرية التابعة لهادي والإصلاح ، والتلويح بخيانتها أكثر من مرة خصوصا بما يتعلق بمعركة مأرب.
بجانب بثها تقارير لأول مرة تتناول فيها فساد حكومة هادي وتصفها بالفاشلة ، واتهامها بنهب إيرادات البلاد وتملصها في دفع المرتبات وسرق المنح المالية السعودية وغيرها .. في تمهيد واضح لبدء إعلان التخلي عن الشرعية بشكل رسمي.
الرهان السعودي على الشرعية، أو بشكل أوضح، على قوات حزب الإصلاح، كان أبرز رهانات التحالف لحسم المعركة في اليمن لصالحه ، قبل أن يتم شطب هذه الرهانات تباعا خلال سنوات الحرب.
بلا شك، يمكن قراءة التخلي السعودي عن الشرعية، للهروب من تبعات الهزيمة والإنكسار التي خلفته قوات هادي على إمتداد الخارطة اليمنية، وما إن أصبحت قوات صنعاء على تخوم مدينة مأرب، والتي تعد آخر معاقل الشرعية في اليمن، فإن التمسك بجلباب الشرعية لم يعد خيارا مستحسنا.
على الضفة الأخرى، فإن اتجاه السعودية مؤخرا، إلى إحياء صلتها بالمجلس الإنتقالي الجنوبي، لا يأتي فقط لضرب الوجود الإماراتي في اليمن كما هو معروف، وإنما ضمن مساعي لكسب فصيل جديد يمكن أن تتكئ عليه المملكة في أي مفاوضات سياسية قادمة أمام المجتمع الدولي، بدلا عن الشرعية، التي من المتوقع أن تتبخر تلقائيا بعد سقوط مأرب بيد صنعاء، بحكم الأمر الواقع، وببساطة، لأنها لا تمتلك متر مربع واحدا لتعبر عن حضورها في المشهد اليمني.
ما يجب الإشارة إليه هنا ، هو أن تفكيك الشرعية يعني إستهداف حزب الإصلاح، الذي يشكل عمودها العسكري ..لذا فإن إبداء الرياض احتفاظها بورقة ” محسن ” على حساب هادي، يأتي فقط ضمن التكتيك السياسي، وتفكيك بنية الشرعية لا أكثر وليس تقوية جناح الإخوان في الشرعية ، وإلا ببساطة لماذا عطلت السعودية ” اتفاق الرياض ” ، والذي كان ضمن بنوده ما قد يضمن للإصلاح نصيبا في التشكيلة السياسية الجديدة على ملعب التحالف.
إلى ذلك ، فإن التغيرات الواضحة في السياسة السعودية تعكس المتغيرات الطارئة في المنطقة، والتحولات التي صنعتها قوات صنعاء بفعل تقدمها العسكري الإستراتيجي في معظم جبهات الجمهورية، وحسمها تقريبا معارك وسط البلاد، بعد اقترابها من مدينة مأرب، وإحكام سيطرتها على البيضاء، ووصولها إلى تخوم محافظة شبوة.
السؤال هنا .. كم من الأطراف المحلية المعتكفة تحت جناح التحالف العربي، التي ستلقي التحية الأخيرة لوداعها من المشهد اليمني، وتلحق بالشرعية، بلا حتى جنازات شرفية، ووداع ضرير ..!
المصدر: مقال منشور للكاتب في وكالة البوابة الإخبارية اليمنية