عدن.. صراع على اقتصاد منهار وأموال بلا قيمة (تقرير)
عدن – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
شهدت عدن والجنوب عموماً أحداثاً متسارعة خلال الآونة الأخيرة تمثلت بسيطرة الانتقالي على المؤسسة الاقتصادية اليمنية في عدن وانتزاعها من سيطرة حكومة هادي المنفية وفرض الانتقالي مديراً جديداً يتبع المجلس، بالإضافة إلى سيطرة الانتقالي على شركة النفط اليمنية في عدن وانتزاعها من سيطرة حكومة هادي وفرض مدير تابع للانتقالي بديلاً عن المديرة السابقة التابعة لحكومة هادي.
وعلى مستوى الوضع الاقتصادي ككل في المحافظات الجنوبية شهد سعر الصرف والعملة المحلية انهياراً في قيمتها الشرائية وارتفع الدولار في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة التحالف ليتجاوز الألف ريال السبت الماضي ثم يسجل تراجعاً ليصل اليوم إلى 992 ريالاً ورغم ذلك لا يمكن لأي أحد في عدن شراء الدولار وإذا ما حدث ذلك فإن الشراء بسعر يفوق الألف والعشرين ريالاً للدولار الواحد، كل ذلك يحدث في ظل صمت حكومة هادي المنفية والتي لم تجد مبرراً للتغطية على كوارثها الاقتصادية إلا توجيه الاتهامات لحكومة صنعاء، فيما الأخيرة نأت بنفسها منذ البداية عن استغلال الورقة الاقتصادية كأداة حرب ضد خصومها وحاولت حماية ما بحوزتها من عملة محلية قديمة لتبقي على سعر الصرف لديها مستقراً عند حاجز الـ600 ريال للدولار الواحد منذ عامين وحتى الآن.
وبسبب الوضع الاقتصادي المنهار في المحافظات الجنوبية فقد شهدت السلع الغذائية الأساسية والسلع الاستهلاكية سواءً من الأغذية أو الألبسة أو الأدوية أو أدوات ومواد البناء ارتفاعاً كبيراً حتى باتت بعض السلع الأساسية خارج قدرة الطاقة الشرائية للمواطنين في الجنوب رغم توفر السيولة المالية لديهم ولكنها سيولة بعملة لم تعد تساوي قيمة الحبر المطبوع عليها بحسب وصف مختصين في الشأن الاقتصادي.
على العكس من ذلك لا تزال الأسعار في مناطق سيطرة حكومة صنعاء محافظة على استقرارها، ساهم في هذا الاستقرار أيضاً عامل رئيسي وهو وجود سلطة ضابطة وحاكمة تفرض رقابتها المشددة على كافة التجار وضبط أسعار كافة السلع الاستهلاكية في أي مجال الأمر الذي أبقى على مناطق سيطرة حكومة صنعاء تشهد حالة استقرار اقتصادي نسبية مقارنة بالانهيار الحاصل في مناطق سيطرة التحالف السعودي وحكومة هادي المنفية.
بالعودة إلى خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي بشأن سيطرته على المؤسستين الإيراديتين الأبرز في عدن (النفط والمؤسسة الاقتصادية)، يرى اقتصاديون إن الانتقالي يستغل فرصة الانهيار الحاصل في الاقتصاد وسعر الصرف ووقف الخدمات، للسيطرة على المؤسسات الاقتصادية مستغلاً أيضاً حالة السخط الشعبي من حكومة الشرعية التي فشلت في إدارة الوضع الاقتصادي بل وكانت السبب في الدفع بحالة انهيار في قيمة العملة المحلية.
بالنسبة للانتقالي فإن خطوته بالسيطرة على المؤسسات المالية تعد قفزة جريئة في إطار تحقيق أهدافه بالسيطرة على كافة مؤسسات الدولة في الجنوب بدءاً بعدن، غير أن فرض الانتقالي هذه السيطرة لن يقود إلى تحسن الوضع الاقتصادي، فالمتحكم الرئيسي في الوضع الاقتصادي للبلاد هو التحالف السعودي الإماراتي والانتقالي لن يخرج من عباءة التحالف السعودي كما لم تخرج الشرعية من قبله.
أما تمسك حكومة هادي بالمؤسستين الماليتين في عدن (النفط والاقتصادية) فلا يعد إلا صراعاً مع الانتقالي على اقتصاد منهار ومؤسسات مفرغة من تأثيرها وفعلها الاقتصادي المؤثر، وكذلك الحال بالنسبة للأموال والسيولة النقدية التي يسعى الانتقالي السيطرة عليها عبر المؤسسات الإيرادية، إذ يصف اقتصاديون وضع الصراع الاقتصادي في عدن بأنه صراع على أموال لا قيمة لها.
الأمل الوحيد في تحسين الوضع الاقتصادي في الجنوب، يقول مراقبون اقتصاديون بأنه يكمن في أن يقود أبناء الجنوب ثورة شعبية تغيّر موازين القوى وتدفع نحو فرض قيادة سياسية جديدة تستطيع إخراج الجنوب من عباءة التحالف السعودي قدر المستطاع، مشيرين إن الوصول إلى هذه المرحلة لن يكون إلا بتبني كفاح مسلح شعبي ضد التحالف السعودي الإماراتي والذي سيضطر في نهاية المطاف لرفع يده عن المطارات والموانئ، ومن ثم بسط السيطرة على هذه المؤسسات من قبل قيادة سياسية جديدة بعيداً عن النخبة القديمة المتخمة بثروات وأموال الشعب طوال هذه السنين لإدارة موارد البلاد في الجنوب واستغلال ما أمكن لتحقيق تعافي اقتصادي جزئي بينما يتم التعافي الاقتصادي الكلي بعد وقف الحرب نهائياً والدخول بمرحلة انتقالية بعيداً عن التدخلات الخارجية.