حوار خاص مع الدكتور مجدي عزّام القيادي بحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية (الجزء 1)
حوار خاص – المساء برس|
معركة سيف القدس، وضع الفلسطينيين في دول الشتات، المعاناة والطفولة في فلسطين، اتفاقية أوسلو، نشأة حركات المقاومة الفلسطينية، دور الأنظمة العربية في التآمر على فلسطين، اليمن بالنسبة لفلسطين وأبناء فلسطين، هرولة الخليج نحو الكشف عن التطبيع ودعاوى السلام مع الكيان الصهيوني، كل هذا وأسئلة أخرى أكثر أهمية في حوار لـ”المساء برس” مع القيادي الفلسطيني في حركة الجهاد الإسلامي في مكتبها في العاصمة اليمنية صنعاء الدكتور مجدي رشاد عزّام.
بداية دكتور مجدي نود أن نعرف كم المدة التي أقمتوها في اليمن حتى الآن وكيف كانت بداية حياتكم في فلسطين المحتلة؟
أنا لي 26 سنة في اليمن، أنا مواطن فلسطيني عشت المعاناة من بدايتها إلى نهايتها، ونحن جيل الستينات، 67 و68 و69 حملنا الهموم منذ الولادة، هم النكسة التي تحل ذكراها حالياً من احتلال القدس، وكيف تنشئ فلسطيني في خضم هذه الأحداث وترضع حب الوطن من الأم شيء صعب، انا من قرية سمر فلوجة التي يسموها الان اليهود “كريات جات”، خرجنا من ضمن الذين خرجوا في حصار عبدالناصر، لما تحاصر في “الفالوجة” استمرينا نحن ندافع عن عبدالناصر إلى أن تم الاتفاق بينه واليهود على ان يخرج من الفالوجة ويستقر في منطقة “بين حانون” وصارت فيها حكم الحاكم العسكري.
نحن اهل الفالوجة آخر من حاربنا مع عبدالناصر في 48 وخرجنا معه إلى بيت حانون، وحاربنا معه حتى اخر رصاصة، حتى جاء الحاكم العسكري المصري وتم وإخضاع غزة للحاكم العسكري المصري.
أنا درست في مدارس رفح للاجئين، درست فيها المرحلة الابتدائية ودرست الإعدادية والثانوية والجامعة في مصر والدراسات العليا في السودان، خلال فترة عمري كل ما هو جميل في فلسطين قضيتها وتعلقنا بمنظمة التحرير الفلسطينية التي كنا نغني لها ولأبي عمار.
ما واقع الطفولة في فلسطين؟
الطفل الفلسطيني سابقاً أو حالياً، عاش ويعيش مالم يعشه أحد، يعني كل مقومات الحياة لم تكن متوفرة وبسهولة، يعني الآباء والأجداد عانوا كثيراً لنصل إلى ما نحن فيه الآن.
كل أطفال فلسطين عاشوا مرحلة الرجولة في زمن الطفولة، يعني مصطلحات معينة هي ما تستخدم لوصف الطفل الفلسطيني، أنت الان لو سألت طفل فلسطيني: حدثني عن فلسطين، سوف يحدثك عن فلسطين افضل مني أنا، لأنه لم يلعب ويعش طفولته كما بقية الأطفال الآخرين، لعبة الطفل الفلسطيني بندقية من الخشب وملاحقات شوارع.
الطفل الفلسطيني يذهب لمدرسته يلتفت يمينه لم يجد صديقه الذي استشهد، ويلتفت يساره لم يجد صديقه الآخر وقد مات شهيداً، فما بالك ماهي العقلية التي ستترتب على هذا الطفل ماذا سيحدث لهذا الطفل من تشكيل عقله، عقل الطفل الفلسطيني يختلف عن عقول الأطفال الآخرين، الطفل الفلسطيني يتشكل عقله وينمو على المقاومة، أضرب لك مثال، في الحرب الأخيرة 2021 الطفل يقول لأمه احضنيني حتى نموت سوياً، يعني طفل وبهذا السن يفكر بهذه العقلية، يفكر في الاستشهاد في سبيل بناء بلاده بعد تحريرها من المحتل المستبد.
نحن عندما كنا أطفال عندما كانت الوالدة تأتي عند موعد نومنا وتقوم بحكاية قصة أبو عمار وماذا فعل أبو عمار لفلسطين، تعلمنا حب الوطن من الأمهات من أناشيدها عند النوم أو أناشيد الجدة عندما تنخل أو تخبز الخبز تحكي هذه الأناشيد عن فتح وعن أبو عمار وعن المقاومة، في فلسطين لم يكن هناك سابقاً مسميات كثيرة مثل اليوم، ما كان هناك إلا فتح والمقاومة بشكل عام.
كيف تصفون وضع أبناء فلسطين في دول الشتات؟
المواطن الفلسطيني في كل دول بالعالم، مواطن مقمور ومقيد، لا تمارس حريتك، لا تقول رأيك، حياتك يجب أن تكون ضمن منضومة دولة، إما أن تضيع ثقافتك ضمن ثقافة هذه الدولة او تحافظ عليها وتعيش كما يعيش أهلها، لا حق لك في إبداء الرأي.
اعطونا نحن الفلسطينيين وثيقة مكتوبة عليها وثيقة سفر للاجئين، تصدرها مصر، هذه الوثيقة لا تخولك دخول مصر إلا بعد الحصول على تأشيرة، كانوا في سوريا يحملون وثائق سورية ولكن يعاملون معاملة السوري، وفي العراق يحملون وثائق عراقية ويعاملون معاملة العراقي، وفي الأردن تم تقسيم الفلسطينيين إلى قسمين، اهل غزة ويأخذون جواز اردني لمدة سنتين، واهل فلسطين المقيمين يأخذوا جواز خمس سنوات، يعني تم التقسيم، في لبنان حدث ولا حرج عن وضع الفلسطينيين، وضع مأساوي، الفلسطيني لا يجد ما يأكله، ادخل منطقة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ستجد مياه الصرف الصحي للركب، في بيروت تحديداً لا يوجد معاملة للفلسطينيين كالبشر لا تستطيع أن تدرس ما تريد أو تتوظف في أي مكان.
ماذا سنحكي عن مأساة فلسطين، لا تكفينا جلسة ولا جلسات هذا فقط غيض من فيض، يا سيدي لا يوجد فلطيني لم يعاني سواء في الداخل أو الخارج، باستثناء الفلسطينيين اللذين تخلوا عن قضيتهم وهويتهم وهم الذين استوطنوا في دول الخليج أو اللذين عملوا في التجارة في مختلف دول العالم فهؤلاء للأسف لو عرضت عليهم العودة إلى وطنهم يرفضون، لكن أنا وغيري من أبناء غزة وأبناء 67 أو أبناء الـ48 لا والله، لا نكتفي إلا بالعودة للوطن، الفلسطينيون في الشتات يعانون حتى لمجرد حرمانهم من النشيد الوطني لفلسطين، في مصر مثلاً في طابور الصباح لا يردد النشيد الوطني الفلسطيني بل النشيد الوطني المصري، وقس على ذلك حجم المعاناة حين تحرم من نشيد وطنك هذه مأساة كبيرة.
معظم الدول العربية مارست قسوتها على فلسطين، لا توجد دولة عربية لم تستفد من قضية فلسطين وليس هناك أي دولة عربية لم تحقق كل أطماعها من وراء فلسطين، ماذا حقق العرب لفلسطين؟، لو عدنا للتاريخ سنجد أن الاحتلال جاء نتيجة سايكسبيكو والمعادلات السابقة، من أتى باليهود؟ هي هذه المعادلات والاتفاقات التي وقع عليها العرب من يدعون انهم يحتضنون فلسطين ويبكون عليها وهم من جلبوا اليهود إلى فلسطين.
كل الشعوب العربية استفادت من مأساة فلسطين إلا الفلسطينيين انفسهم لم يستفيدوا من قضيتهم، أنا كواحد فلسطيني هل حققت لي أوسلو شيئاً؟ هل أعادتني إلى بلدي؟ هل اعطتني جواز سفر ورقم وطني هل حققت لي أحلامي التي ضاعت خلال هذه الفترة؟ رغم أن لا اعتبر أن أحلامي ضاعت وأنا في اليمن لأن تعامل اليمن مع الفلسطينيين كان مختلفاً جداً عن بقية الدول العربية، أنا في اليمن أعيش وكأني يمني وبالعكس اعتبر اليمن بلدي لكن يضل الشخص تشده جذوره إلى وطنه.
من وجهة نظرك دكتور مجدي ومن وجهة نظر أبناء فلسطين ماذا تعني لكم اتفاقية أوسلو؟
منظمة التحرير خلال صراعها منذ نشأتها إلى ما وصلت إليه الان خاضت حروب، ولكن الانتكاسة الكبرى جاءت بعد أوسلو، تم دفع ضريبة موقف أبو عمار من دخول صدام حسين للكويت، من نتائجها ان تصاب قضية فلسطين ويتم التطبيع مع اليهود بداية من اوسلو ثم دخولها وايلفر ثم ترسيم الحدود التي كان يرفضها أبو عمار وتم إرغامه من قبل محمد حسني مبارك على الموافقة عليها، وأصدروا من أبجديات أوسلو دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومنظمة التحرير الفلسطينية تحكم البلد في غزة والضفة سميت سلطة وطنية، بند من بنود اوسلو ان تكون سلطة بلا سلاح، إذا أنا في الضفة وأريد أن أذهب إلى القدس لابد أن آخذ تصريح من اليهود، إذا أنا رئيس دولة وأريد أن أستقبل مثلاً من اليمن أخي يحيى، لابد أن أستأذن من نتنياهو، فماذا أعطتنا أوسلو؟، هل حققت طموح الفلسطيني في العودة؟، أوسلو من نتائجها صرف جوازات سفر للفلسطيني لسهولة التنقل، تعطيك جواز سفر بلا هوية بلا رقم وطني، هذا لا يسمح لك بالدخول للخليج، الخليج لا يعترف به مصر لا تعترف بالجواز الفلسطيني، وصرف أبو عمار هذه الجوازات للفلسطينيين في الخارج حتى يتمكنوا من التحرك، لذلك الفلسطيني في الخارج إما لديه وثيقة سفر مصرية منتهية ويحتاج إلى أن يسافر صُرف له جواز سفر لكن هذا الجواز لا يدخلك دول الخليج إلا بتأشيرة ولا يدخلك مصر إلا بتأشيرة وبتنسيق تنزل من الطائرة إلى معبر رفح ولا تدخل الأراضي المصرية
كيف تردون على من ينادي اليوم باسم السلام مع الكيان الصهيوني؟
القضية الفلسطينية لن تنتهي بالسلام مع هذا العدو، نحن خضنا حروباً ولم تنتهي المعركة، هذه المعركة حتمية بيد الله وليس بأيدينا، هل قضية فلسطين ستحل بالمعاهدات؟ بالسلام؟ ربنا لو يريد أن تُحل بالمعاهدات لما قال لنا في كتابه الكريم وأعطانا توجيهات واضحة “وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً”، صح أم خطأ؟ ولمن يقول أنه يريد السلام نقول لهم هل إسرائيل ستسلم عليّ وتقول لي تفضل هذه بلدك؟! ألم يحكي لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وأعطانا توجيهات وتعليمات وحذرنا من اليهود من بني إسرائيل؟ أم أن هذه الآيات جاءت لتحثنا على السلام مع اليهود وتدحض عملية التحرير بالقوة؟! إذاً لدينا أمر إلهي حتمي وهو أن إسرائيل لن تزول إلا بالقوة وزوال إسرائيل أمر حتمي وسيحدث، ولكن وللأسف الكل تآمر على فلسطين مع اليهود منذ النشأة حتى الآن، والماسونية العالمية موجودة ووضعت رؤساء وزعماء دول وأنظمة وأفرزتهم فرز لخدمة إسرائيل منذ نشأتها إلى ما هي عليه الآن.
إسرائيل كيان هش كيان عائش عالة على العالم، إسرائيل أو اليهود لم يذكرهم التاريخ في صفحة مجيدة ذكرهم التاريخ أنهم أهل مكر وقتل، يعني حتى عندما النبي استضافهم بعد أن جاء نبوخذ نصر وقتل من قتل منهم وأسر من أسر والبقية هربوا، أين هربوا هؤلاء؟ هم هربوا إلى شبه الجزيرة العربية، وبعد أن استضافهم النبي وأبقاهم في الجزيرة ماذا فعلوا؟ تآمروا على الإسلام.. كم حاولوا قتل النبي؟ تاريخهم معروف أنهم قتلة الأنبياء؟ نصف الآيات عن اليهود تتحدث عن تآمرهم وقتلهم للأنبياء، فهل ما جاءنا من توجيهات إلهية ودروس وعبر هل أتعامل مع هذه التوجيهات بأن أذهب وأواليهم؟! هل إذا انا رجل متنور ومتفتح أقوم بالتطبيع معهم؟ إذا أنا عربي ومسلم هل أتمرخ على عتبات البيت الأبيض وإسرائيل؟!! مستحيل.. مستحيل، نحن كفلسطينيين ضيعنا قضيتنا ضيعنا القضية الفلسطينية عندما سلمناها للعرب معتقدين أنهم سيطالبون بحقنا، يعني مثلاً مصر متى كانت حريصة على فلسطين؟ حتى في عهد عبدالناصر حدثت أخطاء مثل ما حدث أثناء ثورة فلسطين “ثورة فتح” والتي قال انهوها، واقرأوا كتاب الملك حسين “الكتاب الأبيض”.