مفاوضات تحت النار.. الانتقالي يجند المئات ويرسلهم قاعدة “العند” وهادي يعتبرها “مليشيا”
تقرير خاص – المساء برس|
مع بدء السعودية قيادة طرفي الصراع في الجنوب “الانتقالي الموالي للإمارات وهادي الموالي للرياض” لجولة مفاوضات جديدة تبدأ بجلسات غير مباشرة مع كل طرف، تجري حالياً الاستعدادات العسكرية لكلا الطرفين على أرض الميدان لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف العسكرية بما يعزز موقف ممثليهم على طاولة المفاوضات لفرض شروط المنتصر أو صاحب المكاسب الميدانية الكبيرة على الطرف الضعيف.
وبحسب ما كشفته مصادر جنوبية أكدتها وسائل إعلام جنوبية مساء الثلاثاء فإن الانتقالي شرع باتخاذ خطوات خطيرة جداً تجاوزت في خطورتها على مستقبل “اتفاق الرياض” تلك التي اتخذها حزب الإصلاح عسكرياً وميدانياً في أبين، حيث تفيد المعلومات المسربة أن المجلس الانتقالي شرع بتجنيد المئات من أبناء الجنوب تحت عنوان “التجنيد لقوات مكافحة الإرهاب”.
وقالت مصادر موثوقة إن الانتقالي قام بتقييد بيانات 600 شخص من أبناء الجنوب وأنه بدأ بإرسالهم على دفعات إلى قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج الخاضعة لسيطرة قوات التحالف السعودي الإماراتي وتحتوي وجوداً عسكرياً رمزياً لقوات ما يسمى مكافحة الإرهاب الأمريكية “المارينز”.
هذه الخطوة الخطيرة التي أقدم عليها الانتقالي والتي تشبه إلى حد كبير بداية إنشاء الإمارات للتشكيلات العسكرية الخارجة عن سلطة ما تسمى “الشرعية” والتي تحولت فيما بعد لقوات الأحزمة الأمنية والألوية الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والتي يجري اليوم التفاوض في الرياض بشأنها ومصيرها وآلية دمجها وتوزيعها بين قوات هادي المعترف بها وكذا مصير بقاءها في عدن والمدن الجنوبية الأخرى من عدمه.
ويأتي قرار التجنيد تحت اسم مكافحة الإرهاب التي شرع فيها الانتقالي، بعد أيام من إصدار رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي قراراً بتعيين شلال شايع مدير الأمن السابق لعدن قائداً لمكافحة الإرهاب خلفاً ليسران المقطري الذي قاد عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية ضد الخطباء والعناصر البارزة المحسوبة على الإصلاح في عدن خلال السنوات الماضية وبإشراف مباشر من قيادة القوات الإماراتية التي كانت متواجدة في عدن.
كما تأتي خطوة الاتتقالي التصعيدية الخطيرة عقب ايام من إرسال وفده التفاوضي إلى الرياض بعد أن قام بتغيير كافة أعضاء الفريق المفاوض وأبقى فقط على رئيس الوفد ناصر الخبجي، وذلك خوفاً من أن يتم احتجاز الوفد المفاوض من قبل الرياض ومنعهم من السفر كما فعلت في جولة المفاوضات السابقة، إضافة إلى ما مثلته هذه الحركة من الانتقالي من إيحاء بأنه لن يشارك في المفاوضات بشكل جدي وبما يدفع نحو اتفاق يقضي باستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض شبه المنهار أو اتفاق على صيغة جديدة للاتفاق يتم خلالها وضع الاعتبارات والمستجدات والمتغيرات على أرض الواقع بما في ذلك المتغيرات العسكرية، وإنما ستكون مشاركة الانتقالي في المفاوضات من باب الشكليات فقط وهروباً من ضغوط السعودية المبنية على ضغوط غربية مورست على الرياض بشكل مكثف لتوحيد وجمع أدواتها المحلية في جنوب اليمن، ربما لتصعيد عسكري ضد قوات صنعاء بعد فشل واشنطن في إجبار قيادة صنعاء على القبول بما تطرحه من مقترحات حلول جزئية في الملف اليمني، ولعل إفشال المفاوضات من قبل الانتقالي بنية مبيتة كان هو الدافع الآخر لتغيير أعضاء وفده المفاوض وتعيين أشخاص مستجدين ولا تاريخ أو خبرات سابقة لهم في التفاوض، وعموماً فإن ذهاب الانتقالي بوفد لا يفقه ولا يملك الخبرة للتفاوض والشروع بعد ذلك مباشرة باتخاذ خطوات عسكرية وأمنية تصعيدية ضد الطرف الآخر الممثل بقوات هادي والإصلاح ووزير الداخلية بحكومة المناصفة يؤكد بوضوح أن الإمارات الواقفة خلف الانتقالي ترفض إتمام أي اتفاق يحدث مع هادي في ظل بقاء هيمنة حزب الإصلاح عليه وعلى مفاصل سلطته المشتتة في الخارج.
خلال الأيام القليلة الماضية والتي تزامنت مع جولات المبعوثين الأمريكي والأممي إلى اليمن المكوكية من الرياض إلى أبوظبي إلى مسقط والتي انتهت بالفشل في إقناع صنعاء القبول بمقاضية الملف السياسي والعسكري بالملف الإنساني، وهذا الفشل الواضح لمبعوث واشنطن تيم ليندركينج دفع ببلاده للتوجه نحو استراتيجية أخرى وهي إعادة توحيد المليشيات المسلحة الموالية للتحالف وإجبارها على وقف الصراع في الجنوب والتوجه صوب جبهات القتال مع قوات صنعاء وهي محاولة أمريكية جديدة لاستخدام ورقة الضغط العسكري التي تكرر استخدامها عشرات بل مئات المرات منذ بداية الحرب.
في المقابل وأمام عمليات التجنيد التي شرع بها الانتقالي مؤخراً، كشفت وثيقة رسمية حصل “المساء برس” على نسخة منها تضمنت توجيهاً من وزير داخلية حكومة المناصفة ابراهيم حيدان المحسوب على الإصلاح بعدم التعامل مع أي قوات أو تشكيلات يتم إنشاؤها خارج إطار وزارته، في إشارة واضحة إلى عملية التجنيد التي يقوم بها الانتقالي تحت اسم “مكافحة الإرهاب”، ما يعني أن هذه القوات هي بمثابة مليشيات غير شرعية وهو ما يستوجب معه مواجهتها عسكرياً.
ورغم ما يمثله قرار حيدان وتوجيهه من رد فعل طبيعي للخطوة التي أقدم عليها الانتقالي إلا أن هذا القرار مجرد دليل إثبات قد يتم استخدامها في المفاوضات بأن الانتقالي يحاول الالتفاف على ما سيتم الاتفاق عليه في الرياض في جولة المفاوضات الجديدة، لكن هذه الخطوة من قبل الإصلاح المهيمن على وزارة الداخلية ووحداتها وإدارات الأمن في الجنوب ليست خطوة بريئة وذلك لكونها تأتي بالتزامن مع قيام الإصلاح أيضاً بتجنيد وتحشيد مقاتلين بعضهم باسم قوات الشرعية والبعض الآخر بدون أي انتماء عسكري أو أمني بما في ذلك حشد مقاتلين من تنظيم القاعدة الإرهابي غير أن ما يميز هذه الحشود من القوات التي يتم تكديسها في معسكرات في محافظتي أبين وشبوة جميعها تنتمي للمحافظات الجنوبية، الأمر الذي يعني أن الإصلاح هو الآخر بدأ بالعمل على الالتفاف على ما ستتمخض عنه جولة المفاوضات الحالية من اتفاق أبرز ما يتضمنه من نقاط خروج كافة القوات الشمالية التابعة للإصلاح من المحافظات الجنوبية وما إن يأتي التنفيذ على أرض الواقع يكون الإصلاح قد أوجد البديل لهذه القوات وهذا ما يفسر عودة وزير الداخلية السابقة بالحكومة المنفية احمد الميسري من تركيا إلى أبين بشكل غير معلن مؤخراً وبشكل مفاجئ، في حين أن الرجل كان قبل ذلك قد قاد عمليات تجنيد واسعة خارج سلطة هادي في الجنوب بتمويل “قطري تركي” وفقاً لاتهامات وجهها المجلس الانتقالي بشكل رسمي عقب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة “المناصفة”.