أسرار جديدة تُكشف عن جزيرة (ميون – باب المندب) “تقرير”
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
من سبعينيات القرن الماضي ظلت جزيرة ميون على باب المندب مطمعاً للتواجد العسكري الإسرائيلي التي ترى في هدف السيطرة على هذه المنطقة بأنه تأمين لأمنها القومي وأن هذه المنطقة تمثل البوابة الجنوبية البحرية لها للوصول إلى المحيط الهندي والخليج، وهذه الحقائق يحكيها التاريخ المعاصر بتفاصيلها وأحداثها التي جرت خلال العقود الماضية منذ ذلك الحين.
ومع التدخل العسكري للتحالف السعودي الإماراتي ومن خلفه الأمريكي وجدت إسرائيل في ذلك فرصة لإعادة تحقيق حلمها وطموحها بتحقيق تواجد عسكري مهيمن جنوب البحر الأحمر والهيمنة على مضيق باب المندب، وبعد التطبيع العلني للعلاقات بين الإمارات المسيطرة على جنوب اليمن بالتقاسم مع السعودية وبين الكيان الصهيوني، بدأت الوسائل الإعلامية الإسرائيلية بالإفصاح عن بعض المعلومات التي كانت سرية بخصوص النشاط الإسرائيلي العسكري والاستخباري المبذول في سياق التواجد في منطقة جنوب البحر الأحمر من الجانب اليمني، وبالتالي فإن المؤكد هو أن التواجد العسكري الإماراتي في جزيرة ميون مرتبط بشكل مباشر بالهدف الإسرائيلي الذي يرمي للسيطرة على باب المندب.
ومنذ بداية الحرب على اليمن جرى العمل بشكل متسق ومدروس من قبل التحالف وبقيادة أمريكية لتنفيذ خطوات وإجراءات تمهيدية في سياق السيطرة على الجزيرة اليمنية المأهولة بالسكان لتحويلها لقاعدة عسكرية جوية أمريكية بالدرجة الأولى وإسرائيلية بالدرجة الثانية وتحت غطاء ما يسمى “تحالف دعم الشرعية”.
خطوات واشنطن وتل أبيب والتحالف نحو عسكرة ميون
* خلال فترة النصف الثاني من العام 2015 أعلن الجانب الأمريكي أن جزيرة ميون منطقة عسكرية، وكان بذلك قد مهّد لقصفها بالطيران وإبعاد أي وجود عسكري يمني داخل الجزيرة، وكان الهدف من ذلك هو تهيأة ميون لإنشاء قاعدة جوية تكون بمثابة المرتكز العسكري الأمريكي في مضيق باب المندب للهيمنة والتحكم بمنطقة المحيط الهندي وذلك في سياق المواجهة الأمريكية ضد كل من روسيا والصين ولاحقاً إيران.
* النصف الثاني من العام 2016 بدأت أبوظبي بتنفيذ اتفاق غير معلن جرى تسريب بعض مؤشراته عبر وسائل إعلام غربية بين إسرائيل وأمريكا، يتعلق الاتفاق بإنشاء قاعدة عسكرية جوية في جزيرة ميون تبدأ بعدة خطوات أولها كان إنشاء مدرج للطائرات بطول 2 كيلو متر وظل العمل على إنشاء المدرج من ذلك الحين حتى أواخر العام 2017.
* وجد المخططون لاحتلال ميون ضرورة توسيع القاعدة الجوية وجعلها تتسع لاستضافة طائرات نقل عسكري ثقيل وكبيرة الحجم فكان المطلوب هو توسيع المدرج لكن العمل تعثر بسبب الطبيعة الجغرافية لسطح الجزيرة الجبلية البركانية التي تعثر معها تسوية الأرض.
* عام 2018 عقدت السعودية مؤتمراً بعنوان “تعزيز أمن البحر الأحمر” وكان حقيقة المؤتمر هو وضع اللمسات الأولى لإشراك إسرائيل في التواجد العسكري والاستخباري في البحر الأحمر تحت عنوان مواجهة إيران، وعقب هذا المؤتمر شرعت الإمارات بإنشاء مدرج آخر في الجزيرة أكثر طولاً من المدرج السابق، بالإضافة لإنشاء 8 هنغارات عملاقة مع إنشاء مرابض للطائرات الحربية المقاتلة والعملاقة، حسب ما كشفته تقارير صحفية لوسائل إعلام دولية آخرها تقرير لصحيفة الأخبار اللبنانية.
* بعد ذلك بدأ العمل على تحويل الجزيرة إلى موطن طارد لأبناء الجزيرة المقدر عددهم 400 نسمة، حيث مورس ضدهم حملات تهجير وتنكيل من قبل القوات الإماراتية والمليشيات المحلية التابعة لها والتي تم جلبها إلى الجزيرة والتي تتبع حالياً قوات ما تسمى بـ”حراس الجمهورية” بقيادة طارق صالح، بعد أن كانت تلك المليشيات جنوبية موالية للإمارات جيء بها للجزيرة منذ العام 2016، وقد حاولت هذه المليشيات تهجير أبناء الجزيرة والتضييق عليهم ومحاولة إجبارهم على مغادرة الجزيرة والانتقال للعيش في المناطق الساحلية في ذوباب وباب المندب جنوب غرب تعز، غير أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وتمسك أبناء الجزيرة بالبقاء وعدم مغادرة الجزيرة.
* واجهت أبوظبي رفضاً قوياً من أبناء الجزيرة اللذين كشفوا ما يتعرضون له من معاملة ومحاولات تهجير الأمر الذي صعد للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية لتضطر الإمارات للتراجع عن تلك الحملات واللجوء لوسائل أخرى منها تضييق خيارات العيش على السكان ومن ذلك التضييق عليهم في خيارات العيش ومنعهم من الاصطياد بالإضافة لممارسات وانتهاكات طالت أبناء الجزيرة بشكل مباشر منها اعتقال عدد منهم خاصة الرافضين لما يمارس ضدهم من سياسات تهجير وقمع تحت ذريعة أنهم يقومون بتهريب المخدرات ويقومون بنقل معلومات استخبارية عن تحركات قوات التحالف، وقد رصدت منظمات حقوقية دولية ومحلية ما تم ممارسته من انتهاكات ضد أبناء الجزيرة الرافضين لسياسة التهجير ومن ذلك قيام قوات طارق باعتقال عدد كبير من أبناء الجزيرة وسجنهم مدداً متفاوتة واستجوابهم عدة مرات ومن دون أي مبرر قانوني وكل ذلك كان هدفه هو دفع هؤلاء المتمسكين بالبقاء في الجزيرة إلى مغادرتها.
* مطلع مارس الماضي تكشف المعلومات الواردة أن الإمارات كلفت طارق صالح بالقيام بالتفاوض مع سكان الجزيرة وإغرائهم بالأموال للتخلي عن مساكنهم وترك العيش في الجزيرة والانتقال للعيش في منازل ومناطق سكنية تم بناؤها بتمويل إماراتي وأمريكي مشترك في منطقة يختل القريبة من مدينة المخا معقل ومركز قوات طارق صالح على الجزء الجنوبي من الساحل الغربي.
* وفقاً للمعلومات المتوفرة أيضاً من مصادر حقوقية عاملة في منظمات دولية رصدت تحركات التحالف العسكري في ميون، فقد تبين أيضاً أن الجزيرة شهدت تحركات أمريكية وبريطانية وزارت وفود عسكرية مصرية وأخرى أجنبية يعتقد أنها إسرائيلية الجزيرة خلال النصف الثاني من العام الماضي 2020.
* وفي فبراير الماضي وصلت إلى الجزيرة سفينة تجارية محملة بمعدات عسكرية على متنها ضباط إماراتيون وآخرون أجانب مجهولي الهوية، ورغم أنه يجري إبلاغ سلطات هادي أولاً بأول بكل التحركات العسكرية الأجنبية في جزيرة ميون إلا أن هذه السلطات تتجاهل ما يتم الرفع به لها من شكاوى ومعلومات ثم تخرج وتنفي علمها بأي وجود عسكري أجنبي في جزيرة ميون.
* تم إنشاء غرفة عمليات في الجزيرة وجرى نقل عناصر من عدة جنسيات وصلوا إلى الجزيرة على متن طائرة مروحية إماراتية وسط معلومات لم يتم التأكد منها تفيد بأن هؤلاء العناصر تم نقلهم من ميناء عصب بأرتيريا، في مؤشر على أن هذه العناصر كانت تتواجد في القاعدة العسكرية الإماراتية التي تم تفكيكها في أرتيريا.
* صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية اعترفت على لسان مصادر عسكرية إسرائيلية أن بناء القاعدة الأمريكية الإسرائيلية في جزيرة ميون على باب المندب قد بدأ، مشيرة إن التطبيع بين إسرائيل والإمارات ثاني دولة رئيسية في التحالف العسكري في اليمن يجعل لإسرائيل ضرورة المشاركة العسكرية في اليمن إلى جانب التحالف، وأن هذه الضرورة باتت اليوم ملحة أكثر من أي وقت مضى.