نقطتي ضرائب القات جنوب العاصمة.. المزارعون ومتعهدوا النقل يطالبون بكاميرات مراقبة
صنعاء | المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
رغم ما تمثله زراعة القات من خسائر في الاقتصاد الوطني واستنزاف للثروة المائية الجوفية، إلا أن هناك الملايين من اليمنيين العاملين بمجال زراعة وبيع ونقل القات الأمر الذي يوفر لهؤلاء مصدر رزق وحيد ويغطي نسبة كبيرة من العمالة في اليمن.
ومنذ إعادة هيكلة النظام المالي الرسمي لليمن من قبل حكومة صنعاء شهدت الإيرادات المحصلة لصالح خزينة الدولة نمواً وتحسناً كبيراً ولافتاً بعد أن كانت الأنظمة السابقة وحكوماتها قبل سبتمبر ٢٠١٤ وبعض النافذين فيها يستغلون المواقع الرسمية التي يتقلدونها لبناء ثروات هائلة من خلال الاستيلاء على بعض الإيرادات المحصلة يومياً من رسوم ضريبية وخدمات تحسين لم تكن تذهب للخزينة العامة وما كان يذهب من تلك الأموال المحصلة للخزينة العامة لا ينعكس من جديد لصالح المواطن والوضع العام ليتبخر معظم ما يتم تحصيله ويذهب إلى جيوب ضعفاء النفوس من أصحاب المسؤولية سواء كانوا صغار الموظفين او القيادات في سلسلة وقنوات مترابطة كانت تشكل لوبياً من الفساد والنهب للمال العام، كان ذلك هو حال ومصير إيرادات الدولة من الرسوم الخدمية والضريبية التي كانت تشكل مصدر دخل ثانوي للخزينة العامة بعد النفط والغاز قبل أن يشن التحالف السعودي الإماراتي بإشراف وإدارة أمريكية الحرب والحصار على اليمن.
وعملت حكومة صنعاء منذ تولي ما كان يعرف بـ”اللجنة الثورية العليا” التي تولت إدارة البلاد عقب تقديم الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي لاستقالته مطلع العام ٢٠١٥ وما تلاها من تشكيل للمجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون الدولة والذي يعد بمثابة مجلس رئاسي عملت السلطات على إعادة تنظيم وتقنين وضبط تحصيل الإيرادات الثانوية والتي تحولت بفعل الحرب والحصار على اليمن إلى مصدر رئيسي للإيرادات العامة للدولة بالإضافة إلى المجهود الكبير وغير المعلن والذي قام به جهاز الأمن والمخابرات وإلى جانبه أجهزة الرقابة والمحاسبة التي أعيد تفعيلها بشكل كبير، من تجفيف لمنابع الفساد المالي وتفكيك شبكات ولوبيهات فساد كانت باقية من الأنظمة السابقة التي كانت تستغل جزءاً من إيرادات الدولة الثانوية لصالحها بشكل شخصي لبناء ثروات غير مشروعة داخل اليمن وخارجه.
ومن بين الإيرادات الضريبية العامة المحصلة، ضريبة القات المفروضة قانوناً على ما يتم توريده وإدخاله إلى المدن الرئيسية من كميات يتم تقديرها بناء على حمولة كل سيارة.
غير أن الملاحظ اليوم عودة بعض العاملين بمواقع المسؤولية في الجانب الحكومي في الوقت الحالي من المحتكين بشكل مباشر مع المواطن إلى اتخاذ إجراءات غير قانونية فيما يتعلق بتحصيل رسوم وضرائب القات، وهذا ما لوحظ حدوثه وتكراره مؤخراً في نقطتي نعظ بمديرية سنحان وقاع القيضي بمديرية بلاد الروس الواقعتين على المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء.
وبحسب شكوى من أكثر من مصدر من بينهم عدد من المزارعين العاملين بزراعة القات ومتعهدي نقل القات من مديريتي الحداء وعنس بمحافظة ذمار الى العاصمة صنعاء فإن المعاملة التي يلاقونها من نقاط تحصيل الضريبة، خاصة متعهدي نقل القات من الأرياف إلى المدن، هذه المعاملة أصبحت سيئة ومستفزة ولا ترقى لمستوى المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتق هؤلاء العاملين المحتكين بشكل مباشر بالمواطنين والتي يجب أن يتعاملوا بها معهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر يشكو المزارعون ومتعهدوا النقل من زيادة المبالغ التي يتم فرضها على كل سيارة نقل كضريبة، مؤكدين أن الزيادة أصبحت بشكل كبير وبالقدر الذي لا يجعل من استمرار الزراعة أمراً مجدياً وذو فائدة ويتسبب بوقوع خسائر مادية على كل من المزارعين ومتعهدي النقل.
وبحسب شهادات حصل عليها “المساء برس” من بعض المزارعين ومتعهدي النقل فإن عملية التحصيل بدأ يظهر فيها بشكل واضح عودة بعض مظاهر الفساد التي سادت في عهد النظامين والحكومات السابقة، ومن ذلك على سبيل المثال التحصيل من بعض المتعهدين “السائقين” بدون سند رسمي، الأمر الذي يدعو للتساؤل عن مصير تلك المبالغ التي لا تزال يسيرة حتى الآن، غير أن عودة ظهورها مؤشر خطير لاحتمال توسعها وتفشيها وتحويل هذا الباب الإيرادي إلى مصدر استرزاق غير قانوني لبناء ثروات وتشكيل شبكات ولوبيهات فساد من جديد.
وخلال حديث المزارعين ومتعهدي النقل لـ”المساء برس” بهذا الخصوص، طالب الطرفان بتشديد الرقابة على منافذ ونقاط تحصيل رسوم ضرائب القات، مطالبين أيضاً بتركيب كاميرات مراقبة في نقطتي نعظ وقاع القيضي لمراقبة ورصد أي تجاوزات أو خروقات تُرتكب من قبل بعض العاملين وممثلي الجهات الأمنية والإيرادية أثناء عملية التحصيل، مشيدين بالخطوة ذاتها التي اعتمدتها وزارة الداخلية في نقاط التفتيش والرئيسية على مداخل ومخارج العاصمة والمدن الرئيسية والتي جرى فيها قبل عدة أعوام تركيب كاميرات مراقبة مباشرة وربطها بغرفة عمليات مركزية، حيث ساهمت هذه الخطوة بتحسن كبير جداً في ضبط الأداء وقطع الطريق أمام أي عامل أمني أو مدني قد تضعف نفسيته في لحظة ما وتدفعه لاستغلال مهمته ووظيفته لتحقيق مصالح شخصية.