مالذي أراده بن سلمان من توسله أنصار الله للجلوس إلى مائدة الحوار؟! (تحليل لجمال عامر)

تحليل – المساء برس| جمال عامر|

ما تم وصفه باللهجة التصالحية لولي العهد السعودي في لقائه الأخير تجاه صنعاء وانصار الله وإن كان يعبر عن مدى المأزق الذي يعيشه نظام الرياض جراء الحرب على اليمن وايضا للسياسات النزقة والمتهورة التي اتبعها بن سلمان تجاه كثير من الملفات في المنطقة وتجاه شعبه الذي تراجع عنها بعد خمسة اعوام من التخبط والفشل على كل المستويات.

الا انه لايمثل اي تغيير في سياسة نظامه العدواني تجاه اليمن او تراجعا عن الاستمرار في الحرب وتغذية الصراع بين اليمنيين بقدر ماهو تغيير في الخطاب ليتسق مع المسعى الامريكي الموحي بالحرص على تحقيق السلام بينما في الحقيقة يراد ان يحقق بالاتفاق مالم يتحقق بالحرب طوال ستة اعوام.

إن ماتقوم به امريكا والرياض خلال مساع لم تتجاوز خطاباً يسوق في الاعلام لإنهاء الصراع ليس أكثر من فذلكة سياسية تخاطب بها الرأي العام ومراكمة ملف من حجج مبني على مايقدم من مبادرات ودعوات للسلام ليست مبنية على اسس واضحة وارضية صلبة، إذ أن كل مايروج له يسعى الى تحقيق هدفين بشكل اساس:

أولاً: سحب المتعاطفين مع اليمن والرافضين لمواصلة الحرب سواء داخل مجلس النواب الامريكي او خارجه الى مربع الحياد على اقل تقدير في حال تم الانتقال الى مربع التصعيد وهذا متسق مع مايقدمه المبعوث الأمريكي من شهادات متحيزة ضد صنعاء امام مجلس النواب وتحميلها مسؤولية عرقلة السلام بالاضافة الى تصريحات مماثلة تفقده نزاهة الوسيط.

ثانياً: نقل السعودية من كونها قائدة الحرب ومسؤولة عن نتائجه الى وسيط سلام مع مافيه من تجاوز لوقائع الدمار الذي طال اليمن وجرائم القتل التي اعترفت ببعضها في حق المدنيين وبالذات المستهدفة للاسواق و قاعات العزاء والاعراس.

ولتحقيق هذا المسعى توارت المبادرة الأمريكية ليحل محلها المبادرة السعودية، التي تم اسنادها بترحيب أممي ودولي.

وفي حال البناء على ما سبق يمكن فهم دعوة ولي العهد المتوسلة لأنصار الله للجلوس على مائدة الحوار بعد تأكيده في لقاء قبل سنوات بقدرة جيشه على احتلال اليمن بكاملها لو أراد، وليس هناك ماهو ادل على الاحباط والاعتراف بالهزيمة أكثر مما قاله بحواره الأخير، يمكن فهم دعوة بن سلمان لأنصار الله على أنها – أي الرياض – تبحث عن دعم دولي لمواصلة الحرب في حال عجزت عن تمرير اجندتها التي اهمها استمرار هيمنتها على القرار اليمني والتحكم بتشكيل نظامه السياسي، إذ لو كان النظام السعودي يملك أدنى مصداقية لوقف الحرب لكان رفع الحصار الاقتصادي واعاد فتح المطار وهي مطالب ليست حقوقية فقط وإنما تمثل تراجعاً عن انتهاك غير مشروع للقانون الدولي وحق الانسان في العيش، وسيعد تلبيتها أقل كلفة من عرضه البائس بتقديم الدعم الاقتصادي فيما لو قبل انصار الله بالحوار، إذ من سيراهن على وعود كهذه فيما واقع المحافظات التي يحتلها مع ابوظبي تعتبر أشد بؤساً وفقراً وقتامة من المناطق المحاصرة على كل مستوى؟.

الا انه ومع كل محاولات الرياض وواشنطن في حشد ما أمكنهما من ضغوط قد صارتا أكثر يقيناً من ثبات الموقف اليمني فيما له علاقة بالمدخل إلى وقف الحرب كهدف مرحلي، وهو ما عبر عنه الناطق الرسمي باسم انصار الله عقب لقائه بوزير الخارجية الايراني وكرد على دعوة بن سلمان.

وايضاً من ان الحل الشامل لن يأتي الا من بوابة صنعاء ووفقا لمصلحة اليمن وسيادته على مبدأ الشراكة الوطنية، وفي حال جاء منتقصاً لهاتين المسلمتين فإن أي حل لن يعد أكثر من تأسيس لحروب قادمة أشد وأنكى.

قد يعجبك ايضا