بريطانيا وعبر سفيرها تبارك لطارق صالح إشهار المكتب السياسي لقواته.. تقرير يكشف ما تحت الطاولة
تقرير خاص – المساء برس|
كشفت بريطانيا وقوفها خلف موضوع إشهار طارق صالح كيان سياسي في الساحل الغربي وباب المندب، ما يكشف الغرض الحقيقي من هذا الإجراء الذي يأتي بعد إعلان الرياض وواشنطن مبادرة منقوصة لوقف الحرب في اليمن وبدء مشاورات سياسية في ظل تجاهل واضح لهادي وحكومته والإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي.
حيث أجرى السفير البريطاني إلى اليمن مايكل آرون لقاءً عبر تقنية الفيديو مع قائد قوات ما يسمى المقاومة المشتركة في الساحل الغربي طارق صالح والذي نصب نفسه رئيساً للمكتب السياسي للمقاومة، حيث رحب السفير البريطاني وبارك لطارق صالح إشهار كيان سياسي في الساحل الغربي.
وشارك السفير البريطاني “آرون” تغريدة لأحد الحسابات التابعة لإعلام طارق صالح على حسابه الرسمي بتويتر جاء فيها مباركته لإشهار المكتب السياسي وتمنياته للمكتب بالتوفيق في مهامه.
رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية يناقش مع السفير البريطاني المستجدات على الساحة اليمنية
ورحب السفير البريطاني بإشهار المكتب السياسي للمقاومة الوطنية متمنيا له التوفيق في مهامه وأن يساهم في دعم الحلول السياسية وتحقيق السلام الذي يستحقه اليمنيين.@HMAMichaelAron pic.twitter.com/qeKEzqE9KV— فتئ الجوف (@SaifAbd06166502) March 29, 2021
في هذا السياق أيضاً ربطت مصادر سياسية جنوبية بين الحراك الذي شهدته مدن الجنوب على المستوى الشعبي وما تلا ذلك من خروج لحكومة هادي من عدن وعودتها إلى منفاها في السعودية ومصر بالمستجدات الأخيرة التي شهدتها منطقة الساحل الغربي بقيادة طارق صالح على رأسها إشهاره ما يسمى المكتب السياسي للمقاومة الوطنية المشتركة.
المصادر قالت وفق ما نشره موقع “الجنوب اليوم” في تقرير موسع له بشأن خفايا إشهار المكتب وعلاقة ذلك بالدور الإسرائيلي في المنطقة وتحديداً باب المندب، قالت إن خطوة طارق هي في الأساس خطوة دفعت بها الإمارات التي شعرت بضعف شعبية الانتقالي من جهة وأدركت أن مسألة استمرار الحرب على اليمن لم تعد ممكنة وأن المجتمع الدولي عازم على إنهائها والبدء بمفاوضات سياسية، ولهذا أرادت بهذه الحركة إشراك طارق في المفاوضات المقبلة على اعتبار أنه أصبح طرفاً سياسياً مسيطراً على منطقة جغرافية ذات أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة لدول التحالف ومن خلفها أمريكا وبريطانيا الحاضرتان فعلياً جنوب البلاد بقوات عسكرية تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، ومؤخراً إسرائيل التي كشفت وسائل إعلامها نشاطاً عسكرياً لها في جزيرتي ميون وسقطرى جنوب البلاد.
فالإمارات تهدف لفرض وجود طارق في هذه المنطقة الجغرافية خلال المرحلة المقبلة ولم يأتي إشهار المكتب السياسية لما يسمى المقاومة الوطنية إلا كغطاء سياسي لفرض وجوده في هذه البقعة من اليمن، التي باتت تتنافس عليها عدة قوى إقليمية بهدف فرض السيطرة على باب المندب والساحل الغربي حيث تستخدم الرياض حكومة هادي بينما تستخدم الإمارات طارق صالح فيما دخلت مؤخراً على الخط جماعة الإخوان المسلمين – حزب الإصلاح – بفرعه المعروف بموالاته لقطر وتركيا ولهذا سارع الإصلاح للسيطرة على المرتفعات الجبلية الجنوبية الغربية لتعز المطلة على جنوب الساحل الغربي من المخا وحتى باب المندب.
وتأتي التطورات الأخيرة لطارق صالح في الساحل الغربي لتكشف اللغز وراء الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل مدة لطارق صالح ومجموعة من الضباط الإماراتيين في جزيرة ميون المهيمنة على باب المندب، ليتبين اليوم أن ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية بشأن وجود نشاط إسرائيلي مشترك مع الإمارات في جزيرتي ميون وسقطرى كان لطارق صالح يد فيه وأن اللقاء مع الإماراتيين في جزيرة ميون تضمن أيضاً لقاءاً سرياً لطارق صالح مع ضباط مخابرات إسرائيليين في التوقيت ذاته وفي نفس المكان، وهو ما يجعل تحركات طارق مؤخراً وإعلانه المكتب السياسي وتنصيب نفسه رئيساً للمكتب يأتي بترتيب واتفاق مع الجانب الإسرائيلي أيضاً، وبترتيب إماراتي بريطاني أيضاً، بدليل مباركة السفير البريطاني مايكل آرون إشهار طارق صالح المكتب السياسي ومحادثته مع طارق صالح اليوم عبر تقنية الفيديو، حيث قام السفير البريطاني بإعادة نشر تغريدة لأحد الحسابات التابعة لطارق صالح يحمل اسماً مستعاراً تضمنت التغريدة أن السفير آرون رحب وبارك تشكيل المكتب السياسي وأنه سيساهم في دعم العملية السياسية في اليمن، في حين نشرت وسائل إعلام طارق خبر اللقاء مع السفير بأنه تضمن نقاش ضرورة مشاركة جميع المكونات السياسية الموجودة على الأرض وضرورة ألا يستني الحل أي مكون سياسي يفرض حضوره الجغرافي.
وبعيداً عن كل الاعتبارات يرى حقوقيون وسياسيون إن اللعبة الإماراتية الإسرائيلية باتت مكشوفة في الساحل الغربي لليمن وباب المندب، وأن الدفع بطارق صالح الذي لم يعد خافياً على أحد بأنه يعمل لصالح وبموجب التوجيهات الإماراتية المعلنة رسمياً تطبيعها للعلاقات مع إسرائيل، لإشهار مكتب سياسي ليس سوى شرعنة استباقية لسيطرة الإمارات وإسرائيل على باب المندب تحت غطاء قوات طارق صالح ومكتبه السياسي، وخلافاً لكون ذلك التخطيط والتوجه يعد كشفاً واضحاً لأجندة خطيرة يجري العمل لتنفيذها في اليمن بعيدة جداً عن أهداف التحالف التي أعلنها في مارس 2015 لتدخله العسكري في اليمن، فإن هذا التوجه يعد منافياً للدستور اليمني الذي يجرّم التعاون مع دولة أجنبية عسكرياً للإضرار بالمصلحة الوطنية.
جانب آخر من المؤامرة التي يجري حياكتها جنوب اليمن، وهو أن سماح التحالف لطارق صالح بتهيئة الأرضية في باب المندب والساحل الغربي الجنوبي لليمن لواقع سياسي وعسكري غير خاضع للسيادة اليمنية وباب المندب الذي لن يكون خاضعاً للسيادة اليمنية الجنوبية ومنحه الضوء الأخضر لفرض وجوده كمكون سياسي يعد ضربة موجعة للقضية الجنوبية من قبل التحالف السعودي الإماراتي والذي عمل خلال الست السنوات الماضية عمر الحرب على جر الحراك السلمي الجنوبي إلى حراك مسلح من جهة عبر فكفكته ودفع عناصره للانضمام للمجلس الانتقالي الجنوبي كمقاتلين من جهة وتحويل أبناء الجنوب بشكل عام إلى مخزن بشري يستخدمه التحالف كمقاتلين مأجورين في الجنوب أو خارج الجنوب بل وحتى خارج اليمن داخل الحدود السعوية الجنوبية.
كما يعد تجاهل التحالف للقضية الجنوبية من مبادرة السعودية لوقف الحرب تأكيداً على استمرار التحالف تنفيذ مؤامرته بالتوافق مع الإمارات ضد القضية الجنوبية.
والواضح في نهاية الأمر أن التحالف يتجه لمنح طارق صالح ممارسة دور سياسي قادم الأيام ليكون بذلك الدور أكبر حجماً وأكثر أهمية من المجلس الانتقالي الجنوبي أو من هادي وحزب الإصلاح هذا إن لم يكن هذا الدور بديلاً للطرفين اللذين أنهكهما الصراع المسلح جنوب اليمن خاصة مع اعتبار طارق صالح هو الأقرب والأكثر ولاءً وطاعة لما يصدر من الإمارات من توجيهات بتنفيذ أي دور عسكري أو سياسي وبالتأكيد لن يكون هذا الدور إلا على حساب الانتقالي من جهة والإصلاح والشرعية من جهة ثانية.
وباختصار.. أياً كان الحل في اليمن فإن ما يتم اليوم هو تخطيط مسبق لجعل منطقة جنوب الساحل الغربي وصولاً إلى باب المندب خارج السيادة اليمنية سواءً سيادة الشمال أو سيادة الجنوب أو حتى سيادة اليمن ككل.