الخاسر والرابح من المبادرة السعودية الأمريكية المكررة.. تحليل
خاص – المساء برس|
قبل أيام قليلة من دخول اليمن العام السابع من الحرب التي تشن عليه من قبل تحالف دولي تقوده واشنطن وتشارك فيه بريطانيا وتنفذه بشكل مباشر السعودية والإمارات، أتت السعودية معلنة مبادرة باسمها لوقف الحرب على اليمن، غير ان المبادرة ليست جديدة فما كانت تقدمه الرياض أمام صنعاء من شروط يتم إيصالها عبر المبعوث الأممي أعلنته الرياض اليوم رسمياً في مؤتمر صحفي، كما أن المبادرة هي ذاتها التي تقدم بها المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينج والتي سبق ورفضتها صنعاء وكشفت بنودها.
إذاً نحن الآن أمام مبادرة معلنة رسمياً من قبل السعودية ومرفوضة رسمياً من قبل صنعاء من قبل حتى أن يتم إعلانها، إذ سبق أن أعلنت صنعاء على لسان كبير مفاوضيها محمد عبدالسلام أن أمريكا تقدمت بمبادرة من بنودها فتح جزئي لمطار صنعاء مقابل وقف صنعاء إطلاق النار والهجمات على السعودية.
الرياض بدورها تعترف أن مبادرتها مبنية على أساس أن يكون الحل السياسي مستنداً للقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، ومنذ بداية الحرب وسلطة صنعاء ليس لها موقف رافض بشأن استناد الحل في اليمن إلى مخرجات الحوار الوطني التي تم التوافق عليها بينما المبادرة الخليجية التي فرضت وصاية على اليمن منذ العام 2012 والقرار الأممي 2216 فهذان الشرطان مرفوضان جملة وتفصيلاً من قبل صنعاء منذ بداية الحرب وهما أساساً محور الصراع والحرب وبالتالي فإن رفض صنعاء لمبادرة الرياض ليس بجديد لكون المبادرة تستند لمعطيات كانت أساساً محور الحرب، فعلى سبيل المثال القرار الأممي 2216 ينص على تسليم قوات صنعاء لسلاحها لقوات هادي التابعة للتحالف والانسحاب من المدن الرئيسية بما في ذلك العاصمة صنعاء والسماح لقوات التحالف “قوات هادي” بالسيطرة على المدن الرئيسية وصنعاء، وهذا ما يجعل من المبادرة السعودية غير منطقية ولا معقولة إذا كان غرضها الوصول إلى هذه الأهداف التي لم تستطع أخذها بالقوة العسكرية على مدى 6 سنوات من الحرب.
على الجانب الآخر فإن رفض صنعاء للمبادرة يبدو منطقياً جداً وذلك لكون الرياض وفي مبادرتها المزعومة تعترف وتقر بأنها تستخدم الملف الإنساني في اليمن ورقة حرب وسلاح ضد صنعاء، فالمبادرة مضمونها أن رفع الرياض يدها عن الملف الإنساني مرتبط بوقف قوات صنعاء قصف السعودية، فإذا لم تتوقف صنعاء عن ضرب السعودية فإن الرياض ستستمر بفرض الحصار الاقتصادي على الشعب اليمني وتفرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً، ولذلك كان رد كبير مفاوضي صنعاء محمد عبدالسلام بالرفض القاطع لجمع السعودية الملف الإنساني والاقتصادي مع الملف العسكري في مبادرتها وربط الإنساني بالعكسري.
بالعودة إلى محور التقرير الذي نسرد فيه تحليلاً للمحلل السياسي والناشط علي النسي، حول المستفيد والخاسر من المبادرة السعودية الأمريكية في حال تم قبولها أم رفضها من قبل صنعاء، فإن الخاسرون من المبادرة هي السعودية وحكومة هادي سواءً تم قبولها أم رفضها من قبل صنعاء.
فبالنسبة للسعودية فإن إعلان المبادرة من السعودية وبمعزل عن الأمم المتحدة يعتبر اعترافاً من الرياض بأنها طرف مباشر في الصراع في اليمن وليست مجرد منفذ قرارات دولية، وذلك سيلزمها بتبعات الحرب الاقتصادية من إعادة إعمار بالإضافة إلى المسؤولية الأخلاقية والقانونية في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان.
أما بالنسبة لحكومة هادي فإن إعلان المبادرة يعتبر هزيمة للتحالف وأهدافه التي كان أولها إعادة هادي إلى صنعاء، كما أن التحالف استغنى عن حكومة هادي فإعلان المبادرة من الرياض دون معرفة حكومة هادي يثبت أنها أصبحت على الهامش، فالرياض تطلق مبادرة وصنعاء تناقش وحكومة هادي تقف على الجانب كبقية المتفرجين.
كما أن اعلان المبادرة يعتبر دقاً لآخر مسمار في نعش حكومة هادي وإعلان نهايتها، فالمبادرة أعلنها وزير الخارجية السعودي دون وجود وزير خارجية حكومة هادي أو من يمثل جانب هادي، وكأن الأمر لا يعنيهم وذلك دليل آخر على تهميش “الشرعية”.
أما الرابحين من المبادرة السعودية الأمريكية، فهي صنعاء، حيث إن عدم إبدائها أي تعليق رسمي بالقبول الصريح أو الرفض الصريح للمبادرة بعد إطلاقها يعد نصراً سياسياً ومعنوياً لها وذلك كالتالي:
أولاً: إعلان المبادرة جاء من الرياض وليس من حكومة هادي، وهذا نصر لما يطرحه الجانب السياسي والإعلامي لصنعاء من أن الحرب هي مع السعودية وليست صراعاً داخلياً بين اليمنيين.
ثانياً: بموقف صنعاء فإنها قد نجحت في تحميل السعودية تبعات الحرب في كافة الملفات.
ثالثاً: أصبحت حكومة صنعاء صاحبة الكعب العالي وهي من تعدل المبادرات وتطالب الطرف الآخ بتقديم تنازلات أكثر.