أكدها مصدر رفيع بالقاهرة: الإصلاح وصل لقناعة باستحالة البقاء في مأرب تحت ضغط هجمات صنعاء

تقرير خاص – المساء برس|

لم يعد بإمكان الإصلاح أو القوى الموالية للتحالف إنكار أن الوضع العسكري في مأرب بات محسوماً لصالح قوات صنعاء والحوثيين، وهذا ما تؤكده قيادات حزب الإصلاح والقيادات الإخوانية المهيمنة على سلطة هادي والتي وصلت لقناعة باستحالة البقاء في مأرب والتمسك بها لوقت أكثر في ظل استمرار الضغط العسكري والهجمات “الحوثية”.

ووفقاً لمعلومات أكدها مصدر سياسي رفيع موالي للتحالف، ويقيم في العاصمة المصرية القاهرة، في تصريح خاص لـ”المساء برس” مشترطاً إخفاء هويته، فإن “القيادات العسكرية في مأرب من غير التابعة للإصلاح لديها معلومات بأن الحزب الإخواني المدعوم من تركيا وقطر وصل إلى قناعة بأن البقاء في مأرب يمثل معركة استنزاف له وأن استمرار الإصلاح تحشيد قبائل مأرب للقتال مع التحالف ضعفت إن لم تكن قد انعدمت خاصة مع المرونة التي أبداها الحوثيون تجاه قبائل مأرب والتي من خلالها استطاعوا إقناع قبائل كثيرة بترك القتال إلى جانب التحالف السعودي والالتزام بالحياد أو الانضمام لهم للقتال ضد التحالف”.

ولقراءة المشهد بشكل أوضح يجب التعريج على فقدان الإصلاح لمصادره المالية التي كان يستولي عليها ويهيمن عليها خاصة تلك القادمة من التحالف السعودي لتمويل قواته في مأرب بعد أن سحبت الرياض وبدفع من أبوظبي البساط من تحت الإصلاح وسلمته لقيادات المؤتمر الموالية للإمارات والتي تعد الخصم اللدود للإصلاح في مأرب ممثلة برئيس أركان قوات هادي صغير بن عزيز، فالإصلاح تعرض لخسارة فادحة بعد فقدانه الهيمنة على مخازن وزارة الدفاع التموينية ومخازن الذخائر ورواتب المجندين اللذين ظل يستلم مرتباتهم من السعودية بموجب كشوفات تبين للرياض العام الماضي أنها كانت كشوفات وهمية، وكل تلك العوامل من وجهة نظر مراقبين أضعفت من قدرة الإصلاح على دفع القبائل للقتال ضد قوات صنعاء بسبب عدم قدرته المالية على شراء ولائهم، رغم أن ما كان يقدمه الإصلاح للقبائل خلال السنوات الماضية كان مجرد الفتات بمقابل ما يجنيه الحزب وقياداته من أموال تم استثمارها بالكامل في الخارج خاصة في تركيا.

ومن زاوية أخرى يمكن قراءة الانهيار الذي حدث في جبهات مأرب، بأن الإصلاح فيما يبدو يحاول تأديب السعودية التي تخلت عن الحزب والتفت نحو تيار المؤتمر والإمارات ودعمت قيادات هادي غير الإخوانية بمقابل تقليص نفوذ الإصلاح وقياداته وتعمّد إضعافه، فالإصلاح خلال الأسابيع الماضية تعمّد التخلي عن معركة مأرب بشكل غير مباشر وتعمّد تقديم تسهيلات لقوات صنعاء للسيطرة على مساحات شاسعة ومن ذلك مثلاً الانسحابات المفاجئة التي حدثت في بعض الجبهات من قبل مقاتليه، وكذا عبر تسريب معلومات عسكرية دقيقة جداً لاستخبارات صنعاء العسكرية بشأن الوضع في الجبهات كي يسهل عليهم السيطرة عليها، خطوة الإصلاح هذه لا يمكن اعتبارها إلا أنها كانت بمثابة الانتقام من السعودية التي عملت على إقصائه وتقليص هيمنته على سلطة الشرعية من خلال إزاحته عن المشهد تدريجياً وإدخال المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤتمر الإمارات إلى السلطة، وهو ما دفع بالإصلاح إلى تسهيل سقوط المناطق المحيطة بمدينة مأرب بيد الحوثيين بشكل متسارع على اعتبار أن تلك المناطق كانت القيادة العسكرية فيها لدى الشرعية تابعة للقيادات التي صعدتها الرياض بناءً على رغبات الإمارات، ومع وصول الحوثيين إلى أبواب مأرب ذهب الإصلاح إلى الدفع بعناصره وخلاياه النائمة التي كانت منتشرة وموزعة في المناطق الجنوبية بما في ذلك الاستعانة بتنظيم القاعدة وداعش للقتال في مأرب، وحشدهم جميعاً نحو الجبهات، وهي خطوة قصد الإصلاح بها أن يثبت للرياض بأنها ما زالت بحاجته ولا تستطيع التخلي عنه وأنه لولا الإصلاح لكان الحوثيون يرفعون الصرخة داخل مقر القائد العسكري السعودي ابو سلطان، وأن سقوط المناطق المحيطة بمأرب بيد الحوثيين تتحمل مسؤوليته القيادات الموالية للإمارات وعلى رأسها بن عزيز.

حالياً يحاول الإصلاح التمسك بمدينة مأرب ليس لأنه يريد للمدينة أن تبقى تحت سيطرته بقدر ما يريد إثبات أنه الأجدر بمن يمكن للرياض الاستعانة به في الداخل اليمني وذلك بهدف ثني الرياض عن تمكين الانتقالي الجنوبي من المناطق الجنوبية وقبول الرياض إبقاء الإصلاح مسيطراً على حضرموت وشبوة والمناطق النفطية بالإضافة إلى إمكانية إعادته إلى عدن، ما يعني أن الإصلاح يستخدم مأرب فقط كوسيلة للبقاء في الجنوب بضوء أخضر سعودي على المدى الطويل، وليس كغاية هدفها الإبقاء على مأرب خارج سيطرة سلطة صنعاء، فمن وجهة نظر مراقبين سياسيين فإن الهدف الرئيسي للإصلاح هو الجنوب وأن البقاء في معارك مستمرة وصراع دائم مع صنعاء في مأرب سيضعف الحزب ويشغله عن معاركه وأهدافه في الجنوب ضد الانتقالي، بالإضافة إلى أن الإصلاح لا يجد حرجاً من أن يعقد اتفاقاً وصفقة مع صنعاء بشأن مأرب، بينما لا يمكنه فعل ذلك مع الانتقالي في الجنوب ولهذا فإن المصلحة الاستراتيجية للإصلاح هي الإبقاء على قوته العسكرية الرسمية وغير الرسمية في المناطق الجنوبية لضمان بقاءها تحت سيطرته وسلطته سواءً في المرحلة الحالية أو مستقبلاً في مرحلة ما بعد وقف الحرب، فالجنوب بالنسبة للإصلاح هو ورقة الجوكر الرابحة التي تبقيه رقماً صعباً على الساحة السياسية اليمنية يمكن من خلالها التفاوض والحصول على أكبر حصة ممكنة من السلطة.

ولعل أبرز الأدلة والمؤشرات على أن قيادات الإصلاح سواءً الموجودة داخل البلاد أو المتواجدة في الخارج وصلت إلى قناعة بأن التمسك بمأرب لم يعد أمراً ممكناً، هو حركة الهجرة التي شهدتها قيادات الإصلاح التي كانت موجودة في مأرب ومغادرتها إلى تركيا، وهو ما يكشف أن القيادات العليا للإصلاح فقدت الأمل في أن مأرب ستبقى تحت سيطرتهم وأن مسألة بقاء المعارك مع الحوثيين على أبواب المدينة فقط وبقاء المدينة تحت السيطرة هي فقط مسألة أيام فقط وأن الوضع في النهاية سيصب في صالح الحوثيين الذين يحققون يومياً مكاسب سواءً على المستوى العسكري أو على المستوى السياسي والاجتماعي من خلال ضم المزيد من القبائل إلى صفهم وتفكيك الشرعية في مأرب من الداخل.

قد يعجبك ايضا