السعودية تدفع ثمن حماقتها في اليمن
إبراهيم القانص – وما يسطرون – المساء برس|
السياسة السعودية تجاه اليمن كانت ولا تزال مدفوعة بأحقاد أزلية، وما كان لسياسة المملكة أن تراعي حقوق الجوار مع جارتها اليمن أبداً، حتى وإن ملأت الدنيا ضجيجاً بأنها ترعى مصالح اليمنيين وتحرص على سلامتهم وسيادة بلادهم، لكن الواقع يترجم على الأرض النوايا الحقيقية لنظام المملكة تجاه اليمن، وما شعاراتها المرفوعة إلا لكسب الولاءات المساعدة في تنفيذ الخطط، بطريقة أشبه ما تكون بـ”دسِّ السُّم في العسل” وذرّ الرماد على العيون.
الأيادي البيضاء التي تزايد السعودية بأنها ممدودة باستمرار لليمنيين، عبر أبواقها الإعلامية التلميعية، ليست سوى مخالب تنشبها في الجسد اليمني، لانتزاع ما تريده من أطماع ليست بالجديدة، والمبالغة الشديدة في إظهار حرصها على مصالح اليمنيين وسلامتهم ليست سوى خناجر مسمومة تغرسها باستمرار في خاصرة اليمن، ولم تستوعب حتى اللحظة أن اليمن عمقها الاستراتيجي الأمني، وأنها منذ شنت عليه حربها الشاملة فتحت على نفسها أبواب الجحيم.
ما كان للمملكة أن تقفز، في لحظات غرور وكبرياء زائف، فوق حقائق التاريخ، الذي بدأ تدويناته بتوثيق اليمن كحضارة سبقت التاريخ نفسه، وعبر مراحله وحقبه الغابرة قدّم الإنسان اليمني مجسداً بوضوح تام كيف كان ذلك الإنسان وكيف يصبح حين تُغزى أرضه وتُنتهك سيادته، وكيف أنه خُلق مجبولاً على الشموخ والعزة والاستقلال وقوة الإرادة وصلابة الموقف حين يتعلق الأمر بالدفاع عن كرامته وأرضه واستعادة حقوقه، ورغم أن المملكة حسب جغرافيتها متاخمة لليمن وأكثر شعوب المنطقة معرفةً وإدراكاً لطبيعة اليمن واليمنيين إلّا أنها ارتكبت حماقة كبرى بتجاهلها كل ذلك عن جيرانها، وها هي الآن تجني ثمار ما حصدته في نفوسهم وأرضهم، وفي حدودها الجنوبية تتجرع على مدار الساعة صنوف الردود اليمنية على ما اقترفته بحقهم منذ بدء عملياتها العسكرية في 2015، ولا بد أنها الآن تستذكر ما تناسته عمداً من تدوينات التاريخ عن أولي القوة والبأس والإيمان والحكمة، بمجرد رؤية قادتها التسجيلات المرئية التي يوزعها الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء، وما تحتويه من مشاهد لمدرعاتها وآلياتها الحربية الحديثة والغالية الثمن وهي تتهاوى أمام مقاتلين يمنيين بأسلحة بسيطة جداً لكنهم يحملون بأساً شديداً وإرادة يعرفها جيرانهم جيداً.
تبحث السعودية الآن، وبدون شك، عن مخرج من ورطتها في اليمن، والتي كلفتها ثمناً باهظاً، سواء في عجزها الاقتصادي الذي بدأت آثاره تظهر في واقع مواطنيها المعيشي نتيجة إنفاقها على الحرب وشرائها كميات مهولة من الأسلحة، أو في صورتها التي تعرضت للتشويه أمام العالم بسبب انكسار قواتها بعتادها الكبير والحديث أمام مقاتلي قوات صنعاء بإمكاناتهم البسيطة، لكنها حتى وهي تبحث عن مخرج من الورطة تصر على إحداث شرخ كبير قبل خروجها من اليمن ليظل اليمنيون يدفعون تكاليف حقدها الباهظة، وقد ذكرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية أن هناك توجهات مشتركة بين المملكة وبريطانيا لحل النزاع في اليمن عن طريق فصل الشمال عن الجنوب، حتى تظل البلاد في حالة ضعف تمكن القوى العالمية، التي تستخدم السعودية كوكيل لها، من تحقيق أطماعها في اليمن.
المصدر: مقال منشور للكاتب في موقع البوابة الإخبارية اليمنية