اليمن ملجأ المعارضين السعوديين.. في ذكرى اغتيال ناصر السعيد 17 ديسمبر 79م
متابعات خاصة – المساء برس|
أبو جهاد ناصر آل سعيد الشمري، المعروف باسم “ناصر السعيد” (1923 – 1979) ولد في مدينة حائل شمال وسط سلطنة نجد عام 1923 أي بعد سقوط حائل بيد عبد العزيز آل سعود بعام واحد، ويُعتبر أول معارض لنظام حكم آل سعود في السعودية منذ نشأتها عام 1932.
انتقل إلى الظهران عام 1947 للعمل في استخراج النفط وتكريره مع شركة أرامكو وعاش مع بقيه العمال السعوديين ظروفاً معيشية صعبة فقاد مع زملائه هناك سلسلة من الإضرابات للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية والسكنية ورضخت الشركة لمطالبهم، وفي عام 1953 قاد ناصر السعيد انتفاضة العمال للمطالبة بدعم فلسطين وتم اعتقاله وأرسل إلى سجن العبيد في الإحساء وافرج عنه لاحقاً، وبعد وفاة عبد العزيز آل سعود أقيم حفل استقبال للملك الجديد سعود في مدينة حائل وهناك ألقى ناصر السعيد خطاباً طالب فيه بإعلان دستور للبلاد وبإصلاح وتنظيم الموارد المالية للدولة وحماية الحقوق السياسية وحقوق حرية التعبير للمواطنين وحقوق الشيعة، وفي عام 1956 غادر من حائل إلى مصر بعدما أخبره عبد الرحمن الشمراني عن صدور أمر بالقبض عليه وإعدامه.
أشرف السعيد في القاهرة على برامج إذاعية معارضة لحكم آل سعود في إذاعة صوت العرب ثم انتقل إلى اليمن الجنوبي عام 1963 وانشأ مكتب للمعارضة هناك وتقابل هناك مع أحد العسكريين الشباب المنشقين وهو المعارض السعودي عبد الكريم أحمد مقبل القحطاني وقد اشتركا لاحقاً في تأسيس تنظيم اتحاد شعب الجزيرة من القاهرة منتصف الستينيات، انتقل السعيد بعدها إلى دمشق بعد انتهاء الحقبة الناصرية الثورية بمصر بموت الرئيس المصري جمال عبد الناصر ثم وفي زيارة إلى بيروت اختطف فيها في 17 ديسمبر 1979 بتعليمات أسرة آل سعود وعبر السفير السعودي في بيروت.
نضال السعيد في الخارج
في عام 1956 اتسعت حركة ناصر السعيد لتعبر عن الحركة الناصرية فقام السعيد وزملائه في أرامكو بإضراب شامل بمطالب سياسية إصلاحية فأمر الملك سعود باعتقال قيادات العمال وأصدر مرسوماً ملكياً في 6 نوفمبر 1956 يحرم الإضراب ويعاقب القائمين به بالسجن، كما أمر الملك سعود باغتيال ناصر السعيد، فأشعره صديقه عبد الرحمن الشمراني من الحرس الملكي بذلك فهرب إلى القاهرة، وبعد خروجه من السعودية وخصوصاً خلال الستينيات أصبح ناصر السعيد معارضاً للسعودية من الخارج ينشر البيانات ويحرض ضد النظام، وانشأ ما اسماه اتحاد شعب الجزيرة العربية ذات التوجه الناصري الإسلامي في كانون الأول 1962 في استديو لإذاعة صوت العرب في القاهرة، وهناك تدفق صوت ناصر السعيد من الإذاعة حاملاً على من يسميهم «آل سعود اليهود أعداء الله، وأولياء الشيطان».
كان الزمان وقتها هو ذروة النزاع السعودي – المصري في اليمن أواخر عام 1962 ولم يكتف ناصر ببرنامجيه الإذاعيين “أعداء الله و أولياء الشيطان” وبكتابة المقالات في صحف ومطبوعات مثل صوت الطليعة؛ فقد انتقل خطوة أخرى في حربه على آل سعود حينما افتتح مكتباً للمعارضة السعودية في اليمن، وأسس تنظيماً سماه اتحاد شعب الجزيرة العربية جمع أطيافاً من ذوي الإيديولوجيات المتباينة، ودعا صحبة رفيق دربه الطيار المنشق عبد الكريم أحمد مقبل القحطاني إلى الكفاح المسلح من الحدود اليمنية، ولكنّ هذه المرحلة من نضال ناصر السعيد المفتوح ضد آل سعود، سرعان ما ضاقت إمكانياتها بعد هزيمة 1967 وكانت قد ابتدأت منذ عام 1956 تاريخ لجوء ناصر إلى مصر هارباً بنفسه من بطش الملك سعود الذي لم يعد يحتمل صوت السعيد، لذا فقد اضطر ناصر السعيد للتنقل متخفياً بين العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا.
اختطف المعارض ناصر السعيد في بيروت عام 1979 عبر عملاء سعوديين بقيادة السفير السعودي في لبنان الفريق علي الشاعر، وبعد حوالى أكثر من ثلاثين عاماً على مرور الحادثة، كشف الحارس البريطاني لأمراء آل سعود “مارك يونق” أن ناصر السعيد لم يتم التخلص منه في السعودية عام 1979 كما قيل سابقاً بل أنه تمّ التخلص منه في لبنان بعد اختطافه بأمر من الأمير فهد بن عبد العزيز ولي العهد ورمي جثمانه من طائرة على السواحل اللبنانية وترك أشلائه وجسده الممزق نهباً وغذاء للضواري والوحوش، وأكد يونق أن مصدر معلوماته هو من الملك فهد شخصياً، ولا تزال زوجة السعيد أم جهاد تنتظره بعد مضي أكثر من ثلاثين عاماً من اختفاءه والتي حمّلت الحكومة السعودية مراراً المسؤولية الكاملة عن اختطاف زوجها المناضل ناصر السعيد.