كيف انهارت العملة في مناطق سيطرة التحالف ولماذا لم يحدث ذلك بمناطق الحوثيين؟ (تقرير)
المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
بعد 4 سنوات من نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بعد ضغوطات أمريكية مارسها سفيرها آنذاك لدى حكومة هادي في 2016، ترتفع اليوم الأصوات في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي جنوب وشرق البلاد مطالبة برحيل التحالف ورحيل أدواته ورفع يده عن اليمن والاقتصاد اليمني.
هذه القناعة التي توصل إليها الشارع اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف كانت نتاج ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في المناطق التي يسيطر عليها التحالف من انهيار للعملة وارتفاع للأسعار بشكل جنوني حتى وصل سعر الرغيف الخبز في تعز مثلاً إلى 50 ريال.
أسباب الانهيار بمناطق التحالف
في تصريح لمسؤول في الجانب الاقتصادي بحكومة هادي، طلب عدم كشف هويته، تحدث المسؤول لـ”المساء برس” كاشفاً أن حكومة هادي استمرت وبإيعاز من التحالف السعودي في طباعة المليارات من العملة الجديدة لتغطية “نفقات قواتها ومعاركها ضد الحوثيين”، مضيفاً بالقول: لكن الكارثة هي أن طباعة هذه الكمية من العملة كان بدون غطاء نقدي يحافظ على قيمتها الشرائية، وكان همّ المسؤولين المعنيين بالأمر هو فقط إيجاد أوراق نقدية لمقاتليهم لدفعهم للقتال وضمان عدم تركهم القتال، في حين كانت هناك كارثة اقتصادية تبدأ بالتشكل وهي تضخم هذه الأوراق النقدية بدون عملة صعبة يحافظ على قيمتها وهو ما انعكس بالطبع على الأسعار خاصة المواد الاستهلاكية من الأغذية التي يتم استيراد معظمها من الخارج.
ويؤكد المسؤول الاقتصادي بحكومة المنفى، أن السعودية لم تسمح لحكومة هادي باستئناف تصدير النفط على الرغم من أن كل المناطق النفطية تخضع لسيطرة التحالف، وما سمحت به الرياض من التصدير هو فقط كميات بشحنات قليلة جداً، وهو انتهاك سافر للسيادة اليمنية، وللأسف ارتضت قيادة الشرعية لنفسها أن تبقى بهذا الوضع، والمصيبة الأكبر هي أن السعودية لم تسمح لحكومة هادي بتوريد عائدات بيع النفط إلى البنك المركزي بعدن، بل دفعتها لفتح حساب في البنك الأهلي السعودي لتوريد عائدات مبيعات النفط إلى الرياض، ومن ثم تقوم الرياض بصرف أي مبالغ تريدها حكومة هادي بالعملة الصعبة من حسابها بالبنك السعودي.
مصدر مصرفي في عدن تحدث لـ”المساء برس” أيضاً بهذا الخصوص قائلاً إن لديهم معلومات بأن قيادات بحكومة هادي وآخرين مرتبطين بمسؤولين بارزين في الحكومة عملوا على سحب العملة الصعبة من السوق تدريجياً، لافتاً إلى أن إيرادات الدولة في المناطق الجنوبية تعرضت لعمليات نهب منظم حيث كان يتم تحويل هذه الإيرادات إلى النقط الأجنبي عبر الصرافين الصغار ومن ثم تهريبها إلى الخارج وهو ما خلق لدينا أزمة في الطلب على الدولار.
يضاف إلى ذلك وفق مراقبين اقتصاديين موالين لحكومة هادي قيام سلطة “الشرعية” بتحويل الرواتب الشهرية لكبار المسؤولين إلى الخارج بالعملة الصعبة وذلك بعد أن أوقفت السعودية تمويل رواتب هؤلاء المسؤولين باستثناء قيادات الصف الأول كالرئيس ونائبه ورئيس الحكومة وعدد محدود جداً من المسؤولين الذين لا زالوا يستلمون رواتبهم من السعودية حتى اليوم بينما بقية الموظفين والمسؤولين المتواجدين في الخارج يتم تحويل رواتبهم منذ وقف التمويل السعودي من داخل اليمن وبعد أن يتم تحويلها إلى الدولار.
لماذا لم يحدث الانهيار في صنعاء؟
الإجابة على هذا السؤال أتت من أكثر من مصدر اقتصادي رسمي وغير رسمي في صنعاء، فالمصدر غير الرسمي حاول التركيز على الإشادة بقرار سلطات صنعاء بمنع تداول العملة الجديدة التي طبعتها سلطة هادي بدون غطاء نقدي، لافتاً إن هذا القرار تبين أنه تم اتخاذه بناءً على أسس علمية ولهذا كان أحد أهم الأسباب التي حالت دون وقوع الكارثة الاقتصادية في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، وبسبب هذا القرار أيضاً حافظت سلطة صنعاء على سعر الصرف.
عوامل أخرى لها أهمية بالغة كانت السبب في تمكن سلطات صنعاء من الحفاظ على سعر الصرف، منها – كما يحكيها الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي رشيد الحداد – “تعاون الحكومة والأجهزة الأمنية والقطاع العام والخاص مع البنك المركزي في صنعاء بالإضافة إلى كفاءة البنك المركزي بصنعاء في إدارة العمل النقدي رغم محاولات العدو لإفشال صنعاء ومن هذه المحاولات: 1- تهديد التحالف للبنوك في صنعاء وممارسة الضغوط عليها. 2- قيام التحالف بالإقفال والقرصنة على شبكات التحويلات المالية. 3- محاولات العدوان المستمرة للسطو على أموال المنظمات وتحويلها إلى مناطق سيطرته، غير أن المنظمات استمرت برفض تلك المحاولات بسبب الانفلات الأمني والفشل الاقتصادي الحاصل في عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة العدوان، في المقابل كانت المنظمات تجد صنعاء ومناطق سيطرة حكومة الإنقاذ الاستقرار الأمني والأهم من ذلك نجاح الحكومة بصنعاء في إدارة الملف الاقتصادي بجدارة رغم الحصار”.