الرغيف بمناطق “شرعية الجوع” بـ50 ريال والدولار يقترب من الـ(ألف).. (تقرير)
المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
“تسقط شرعية الجوع” بهذا الهاشتاق عبر ناشطون ومواطنون عاديون على حساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم الذي يبدو أنه سيتحول إلى ثورة جياع، بسبب ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي جنوب وشرق البلاد بسبب انهيار سعر الصرف ووصول سعر الدولار الواحد إلى 925 ريالاً حتى نهاية أمس الأربعاء، في مقابل الحفاظ على سعره مستقراً في مناطق سيطرة حكومة صنعاء عند 600 ريال.
في لقاء معين عبدالملك رئيس حكومة هادي المنفية بالرياض بالمبعوث البريطاني الخاص لمنع المجاعة والشؤون الإنسانية نيك داير أمس الأول الثلاثاء، طلب معين من المبعوث البريطاني حشد الموارد الدولية بشكل عاجل لدعم برنامج الحكومة الجديدة، وهو مطلب حذر منه مراقبون اقتصاديون في ظل بقاء الوضع على حاله وبقاء حكومة هادي في الرياض الأمر الذي لن يحل مشكلة المجاعة في مناطق سيطرة التحالف وانهيار العملة بل سيفتح الباب أوسع أمام مسؤولي هادي للفساد والنهب.
المستفز في الأمر أنه وفي الوقت الذي تعاني فيه العملة المحلية في مناطق سيطرة التحالف من انهيار في قيمتها أمام الدولار والعملات الأجنبية وهذا على عكس الوضع في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، يقول معين عبدالملك الموصوف بأنه الخادم المطيع للسفير السعودي لدى اليمن والذي يعتبر هو الآخر الحاكم الفعلي للشرعية ومناطق سيطرة التحالف، يقول معين إن “ممارسات جماعة الحوثي تضاعف من كارثية الوضع الاقتصادي والإنساني الراهن وفي مقدمة ذلك حظر تداول العملة الجديدة وما نتج عنه من وقف دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها”، ما يعني أن حكومة المنفى لا تريد أن يبقى الانهيار الاقتصادي منحصراً في مناطق سيطرة التحالف جنوب وشرق البلاد بل تريد أن يعم ذلك الوضع كافة المناطق اليمنية.
ويرى مراقبون إن حكومة هادي أصبحت اليوم تنفذ حرفياً أجندة التحالف السعودي الإماراتي الاقتصادية تجاه اليمن في الجنوب قبل الشمال، حيث تتعمد الحكومة المنفية اتخاذ سياسات وإجراءات تصب جميعها في مصلحة التحالف السعودي الهادفة لضرب العملة الوطنية والدفع نحو انهيار اقتصادي هدفه إضعاف الشعب اليمني وإنهاكه ليسهل بذلك السيطرة عليه وفرض سياسات تركيعية سواءً كانت تلك السياسات مرحلية أو مستقبلية وعلى المدى الطويل، وهذا ما نلاحظه بشكل واضح في المناطق الجنوبية والشرقية والتي وصل فيها سعر الرغيف الخبز إلى 50 ريالاً.
مؤخراً أيضاً بدأ المبعوث الأممي إلى محاولة تحريك المياه الراكدة فيما يتعلق بمفاوضات الجانب الاقتصادي لإعادة توحيد عمل بنكي صنعاء وعدن، لكن وبشكل مفاجئ سمح التحالف السعودي بدخول شحنة من الأموال المطبوعة (العملة الجديدة) والمقدرة بـ150 مليار ريال، بهدف قطع الطريق على مساعي مكتب المبعوث الأممي الهادفة لإنهاء الانقسام المالي بين مركزيي صنعاء وعدن.
ويرى مراقبون اقتصاديون إن تسارع انهيار سعر الصرف في الجنوب نتيجة طبيعية “لعمليات نهب الثروات النفطية والإيرادات لصالح مسؤولي حكومة هادي بفنادق الرياض، والتي تتقاسم تلك العائدات دون أن يدخل خزينة مركزي عدن دولاراً واحداً”، يضاف إلى ذلك ضخ كميات هائلة من الأوراق النقدية بالطبعة الجديدة بدون تأمين قيمتها بالعملة الصعبة ما يجعلها مجرد أوراق لا قيمة لها حتى بلغ الوضع في الجنوب حالة التضخم في الأوراق النقدية، والمصيبة أن هذه العملة باتت كلها خارج البنك المركزي في عدن وفوق ذلك فإنها فنياً غير آمنة حيث تبين سهولة القيام بتزويرها واكتشفت كميات كبيرة منها في السوق يتم تداولها وهي مزورة دون علم المواطنين.
هذا الوضع دفع بالشارع الجنوبي بمختلف طبقاته وفئاته بما في ذلك النخبة السياسية، إلى المطالبة بإعادة البنك المركزي إلى صنعاء واعتباره جهة سيادية محايدة لا علاقة لها بالصراع السياسي كما كان عليه الحال قبل نقله في أغسطس 2016، فمنذ بداية الحرب وحتى نقل البنك ظل المركزي محافظاً على استقرار العملة نوعاً ما، وظل يعمل بشكل حيادي في ظل إدارة بن همام له في تلك الفترة ولم تفرض سلطة صنعاء حينها أي سياسات أو قرارات على إدارة البنك حتى أنها كانت تصرف رواتب جميع الموظفين في الشمال والجنوب بما في ذلك مجندي هادي الذين كانوا يقاتلون ضدها إلى جانب التحالف السعودي.
دعا عضو مجلس الشورى والقيادي بحزب المؤتمر الموالي للتحالف عصام شريم، إلى إعادة البنك المركزي إلى صنعاء، وقال في تغريدة على حسابه بتويتر “لوكان اعادة ادارة البنك المركزي الى صنعاء سوف توقف تدهور العملة الوطنية وتعيد الريال الى جزء من عافيته ولو بالحد المقبول فإنني ادعوا الى عودة البنك المركزي الى صنعاء والاقرار بالعجز والفشل في ادارته عبر منظومة الشرعية الغير متسقة او متجانسة مع ذاتها حتى”.
كما غرّد الصحفي البارز، فتحي بن لزرق، بأن إعادة المركزي إلى صنعاء وإعادة إدارته السابقة واحداً من ثلاثة حلول لوقف انهيار سعر الصرف بالجنوب، هي “إما وأن يتحمل التحالف مسؤوليته ويقوم بدعم العملة طالما وهو من يسيطر على المحافظات المحررة، وإما أن يعود الرئيس والحكومة وتتحمل الشرعية مسؤوليتها، وإما أن يعاد البنك المركزي إلى صنعاء وتعود له إدارته السابقة ويتم تجنيبه الصراع”.