إنهاء الأزمة الخليجية برغبة أمريكية… ابتهاج قطري..تفرّد سعودي..امتعاض مصري – إماراتي.
صلاح السقلدي – وما يسطرون – المساء برس|
لا يعني السكوت علامة الرضاء في كل الأحوال، بل قد يكون أحياناً علامة عن الرفض الغير المُـعلن،أو في أحسن حال علامة عن التحفظ المُـغلّف بالصمت المطبق.
فجأة ودون سابق إعلان مسبق يظهر وزير الخارجية الكويتي (خالد الجار الله ) مُبشرا بطيُّ صفحة الأزمة الخليجية، بمجرد أن وطَأتْ أقدام مبعوث الرئيس الأمريكي وصِهرهٌ( كوشنير) مطارَيّ الدوحة والرياض، مما يعني هذا بالضرورة أنّ قرار إنهاء هذه الأزمة بيد واشنطن مثلما كان قرار اشعالها بيد واشطن، إنفاذا للمصلحة الأمريكية، وأن طرفَــيّ الأزمة ليسا أكثر من أدوات في بلاط البيت الأبيض، وأن الجهود الكويتية الدؤوبة والمخلصة التي ظلّتْ طيلة ثلاثة أعوام تسعى لحل هذه الأزمة كان يتم إفشالها بفعل فاعل ،فهذه الجهود التي أعلنت الكويت عن نجاحها اليوم هي ذاتها التي كانت تعلن عنها بالسابق وكان يتم إجهاضها وتجاهلها طيلة سنوات الأزمة لم يتغير فيها شيئا سوى أن مَـن أشعل هذه الأزمة قد قرر إخمادها لحاجة في نفس حكومته وانصياعاً للمتغيرات بالداخل الأمريكي وبخطط ومخططات بالمنطقة . كما أن الشروط لتي كان يضعها أحد طرفي الصراع لإنهاء الأزمة قد تبخّـرتْ في حضرة كونشير، وصار لزاماً على هذا الطرف أن يقول سمعا وطاعة.
…-السعودية لا يمكن لها أن تقف بوجه الرغبة الأمريكية سواء فيما يتعلق بهذه الأزمة أو سواها من الازمات والمواقف أو في شمولية طبيعة العلاقة مع واشنطن, وبالتالي فلا غرو أن نراها تقبل دون نقاش التوجيهات الأمريكية الصارمة التي قضت بإنهاء الأزمة مع قطر ،لكن ما لم يكن بالحسبان بالنسبة شريكيها الآخرين بالأزمة: الأمارات ومصر هو التفرد السعودي بقرار المصالحة دون اكتراث بهما، وبمواقفيهما المحرج تجاه شعبيهما بعد أن أوسعا قطر جلدا وأنزلوا فيها من التُهم والمساوئ والشتائم وقالوا فيها ما لم يقلهُ مالكٍ بالخمر، يكون من الصعوبة بمكان بعدها لدى القاهرة وأبوظبي الحديث عن مصالحة طارئة تتم خلسة بين عشية وضحاها\ فالصمت الإماراتي – حتى الآن على الأقل- يشي بعدم رضاء أبوظبي بما جرى، فهي بالإضافة الى أن علاقتها مع قطر لم تتغير فيها شيء يمكن البناء عليه مصالحة دائمة بهذه السرعة فأنها أي الإمارات ترى في هكذا مصالحة عاجلة تجاهلاً لها وتنازلاً منها ومن حلفائها عما جرى طرحه فوق طاولة الرباعية( السعودية الإمارات مصر والبحرين) من شروط ونقاط لإنهاء الأزمة – 13 شرطا منها إغلاق قناة الجزيرة- تجبر قطر على العودة الى جادة الصواب والتخلي عن دعمها للإرهاب والتطرف – بحسب الاتهامات التي يطلقها خصوم قطر في هذه الأزمة، كما أن ذلك من المنظور الإماراتي أيضا سيعني تشجيعا ومكافئة مجزية لقطر على سلوكها وتصرفاتها بالمنطقة.
– …. الموقف المصري من هذه المصالحة يتصف بالامتعاض ،ولا يختلف عن الموقف الإماراتي إن لم يكن أكثر منه تبرما شعورا بالخيبة والخسارة ،فضلا عن الشعور بخذلان سعودي أمريكي. فالقاهرة حتى الآن لم يصدر عنها موقفاً مؤيدا – ولا معارضا صريحا- من هذه المصالحة وهو ما يشي بذات الموقف الإماراتي، رفضا مصرياً غير معلن .. فمصر بالإضافة إلى أنها ترى بهكذا مصالحة تتم خلسة خلف الكواليس الأمريكية السعودية ومن خلف ظهرها،ودون أية تعهدات قطرية للكف عن دعمها للتطرف وللإخوان المسلمين في مصر وتثتني الدوحة عن تدخلاتها بالشأن المصري، فأنها تعتبرها مكافئة لقطر وتغليطا للموقف الذي انتهجته مصر بمعية السعودية الإمارات والبحريني، بل وإدانة وإذلالا لهم أمام شعبوهم وأمام المجتمع الدولي. فمن وجهة النظر المصري أيضا- شأنها شأن الإمارتي- لم يتغير في سلوك قطر شيئا يستحق إنهاء مقاطعتها وإخراجها من الوضع المنبوذ،فالموقف القطري تجاه كل القضايا في مصر وسورية وليبيا اليمن وتركيا وحركة الإخوان في المنطقة كله هو ذات الموقف الذي كان قبل الأزمة، وبالتالي فلا جديد يستحق طيّ صفحة أزمة شائكة وخطيرة كهذه سوى أن الأوامر والمصالح والتغيرات الداخلية الأمريكية في واشنطن وخطط ترامب بخنق إيران اقتضت إنهاء الأزمة الخليجية على هذا النحو, وعلى المتضررين أن يبلعوا مرارة الخيبة.!
-ولكن ماذا بشأن الموقف البحريني قد يسأل سائلٌ؟ فيكفي أن نعرف الموقف السعودية من هذه الأزمة أو سواها من الأزمات لنعرف الموقف البحريني, فالمنامة لا يمكن لها أن تسجل موقفا خارج الموقف السعودي أبدا، فهي أشبه بقمر يدور في حول مدار الكوكب السعودي أو قُل بجُــرم سماوي يسبح في مجال الجاذبية السعودية. ولما لا؟ فالسلطة الحاكمة بالمنامة ما كان لها أن تظل بالسلطة يوما واحدا دون الحماية السعودية ومن خلفها بالطبع الحماية الأمريكية… فما يزال عالقا بالأذهان مشهد الدبابات السعودية وهي في دوُّار اللؤلؤة بقلب العاصمة المنامة قبل قرابة عقد من الزمن.
المصدر: مقال منشور للكاتب على صفحته بالفيس بوك