صنعاء تكشف تفاصيل صفقة النصف مليار دولار بين صالح وحميد الأحمر وأمير سعودي كبير
صنعاء – المساء برس|
كشفت صحيفة 26 سبتمبر الصادرة عن وزارة الدفاع في صنعاء بدائرة التوجيه المعنوي في تقرير مفصل تفاصيل الصفقة التي تمت بين علي عبدالله صالح الرئيس الأسبق وحميد الأحمر رجل الأعمال المعروف والقيادي البارز في حزب الإصلاح (تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن).
وكشف التقرير أن الخلاف بين صالح والأحمر في 2011 بلغ ذروته حين اتجه حميد الأحمر لدعم التحرك الشعبي والاحتجاجات المطالبة بإسقاط سلطة صالح حينها، يقول التقرير إن الأحمر دفع عن طريق حزب الإصلاح بالمزيد من أنصاره في الإصلاح إضافة إلى الأحزاب اليسارية الأخرى المتحالفة ضمن اللقاء المشترك إلى الخروج لساحات الاعتصام في المدن الرئيسية اليمنية، في المقابل دفع صالح بأنصاره إلى ميدان السبعين، ومنذ العام 2011 حتى ما قبل مقتل صالح في ديسمبر 2017، ظل الطرفان يتبادلان الاتهامات فيما بينهما بشأن الأموال والفساد والنهب.
حميد الأحمر، وفق التقرير، سارع إلى اتهام صالح بأنه يمتلك عشرات المليارات من الدولارات، فرد صالح بالمثل وحاول نفي ما جاء في وسائل إعلام معارضيه بطرقه الخاصة، لكن كان معظم المسحوقين من أبناء الشعب اليمني لا يعلمون حقيقة ثروة الأول أو أموال الثاني.
ويضيف التقرير أن الصراع بين حميد وصالح دفع الأخير إلى أن ينزل نفسه إلى مستوى حميد الأحمر الذي يعد من جيل الأبناء بعد أن كان صالح والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يتساويان ويقفان على نفس المسافة في السلطة والحكم منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وحتى وفاة الشيخ عبدالله عام 2007.
وتقول الصحيفة إن ما تم كشفه في خضم التقرير المنشور ليس سوى نقطة في بحر الأموال المنهوبة ومقدمة من مقدمات هوامير الفساد في بلد صنف قبل الحرب بأنه أفقر بلدان العالم.
ويقول التقرير إن الخلاف بين صالح وحميد بدأ على نصف مليار دولار، مضيفاً إن العلاقة بين الطرفين بدأت من تسعينيات القرن الماضي بصفقة مالية كبيرة وصفها التقرير بأنها أكبر صفقات الفساد خلال تلك الفترة حيث بلغ إجمالي تلك الصفقة نصف مليار دولار.
صفقة الحدود
بمصطلح “صفقة الحدود” استهل التقرير سرد تفاصيل أكبر صفقة فساد تمت بين صالح وحميد الأحمر في تسعينات القرن الماضي، حيث نقلت الصحيفة عن مصادر موثوقة تفاصيل صفقة النصف مليار دولار والمرتبطة بصفقة الحدود وما عرف وقتها بإتفاقية جدة 2000م حيث توجب على السلطتين اليمنية والسعودية في تلك الفترة البدء في ترسيم الحدود وهنا لم يغب عن مخيلة السياسي اليمني هذه النقطة ولم يفت هوامير الفساد مثل هذا الجانب ليبرز إسم حميد الأحمر من جانب وأمير سعودي كبير من جانب آخر قبل أن يفرض صالح نفسه على الطرفين معاً ليصبح الشريك الثالث في تلك الصفقة.
أمير سعودي
يكشف التقرير أن شركة أوروبية جرى اختيارها لتنفذ ترسيم الحدود، وأن الاختيار وقع على شركة معروفة بأنها من الشركات التي تمارس الفساد وسمعتها سيئة في مجال ترسيم الحدود، غير أن هوامير الفساد لا يحبذون إلا مثل هذه المؤسسات والشركات التي ستعمل على التغطية على فسادهم ونهبهم للأموال وتعمل على شرعنة ذلك بعد أن تكون قد ضمنت حقها الكامل من الأموال لتبدأ بتقديم عروض بمبلغ كبير يتجاوز المليار والنصف مليار دولار وكان ذلك بالاتفاق مع هوامير الفساد ثم يستقر المبلغ عند مليار و200 مليون دولار 50% منه سيذهب إلى الفساد.
استدعاء الأحمر
يكشف التقرير أن قضية الحدود بأكملها كانت عبارة عن صفقة فساد مليارية وبالعملة الصعبة، وأن ما يتم كشفه في سياق هذا التقرير هو ما جرى بعد تلك الصفقة المليارية من صفقة أخرى بلغت نصف مليار دولار تقاسمها كلاً من علي عبدالله صالح وحميد الأحمر وأمير سعودي كبير.
بحسب المصادر فإن صالح لم يعترض على اسم حميد الأحمر كشريك للشركة أو مقاول من الباطن بل وعمل فيما بعد على دفع الشيخ عبدالله بن حسين على استدعاء نجله للحضور فكانت تلك الصفقة تتويجاً ليس لعلاقة الرئيس بالشيخ بل لعلاقة الرئيس بابن الشيخ الذي سيصبح فيما بعد من أكبر التجار والمستثمرين في اليمن وكان صالح وقتها يرى في حميد بأنه شريك مناسب يمكن أن يدير له بعض أمواله من خلال الدخول معه في شراكات مختلفة منها شراكة في أكبر مشروع استثماري حيث ظلت تلك الشراكة مخفية على الناس حتى اليوم، حسب وصف التقرير.
صالح يطالب بحقه
يكشف التقرير أن صالح بدأ يشعر بالانزعاج بسبب تجاهل حميد الأحمر والأمير السعودي لنصيبه من الصفقة الذي لم يصل إليه بعد ولم يكن قد تم الاتفاق على نصيبه برقم معين، فيقرر صالح أن يهدد بوقف عمل شركة ترسيم الحدود وبعد اتصالات عدة يقرر صالح ارسال احد مقربيه إلى دولة أوروبية وهناك يجري تقاسم النصف مليار دولار.
يضيف التقرير أن صالح كان جشعاً حين طلب نصف المبلغ فيما النصف الآخر كان يفترض أن يقسم بين حميد والأمير السعودي الكبير، فحاول الأمير السعودي إرسال نجله إلى تعز كون صالح كان حينها هناك وعند ساعات الفجر الأولى توصل صالح مع نجل الأمير السعودي إلى توافق انعكس على لقاء المندوبين في المدينة الأوروبية وبالتالي عادت الشركة إلى استئناف عملها.
بداية الصراع
يؤكد التقرير إن صالح كان يأمل في أن تكون الصفقة بداية لعلاقة جيدة مع حميد الأحمر، الأخير اتجه لتوسيع تجارته واستثماراته داخل اليمن مستنداً إلى نفوذ والده الشيخ عبدالله وإلى حزب الإصلاح في الوقت ذاته كان حميد يرى أن صالح غير جدير بالثقة لا سيما في ممارسات الفساد وصفقاته بالمليارات، بينما صالح كان يشعر بأنه بحاجة إلى صفقات إضافية فدخل مع الأحمر في مشروع استثماري كبير، في حين كان حميد والأمير السعودي قد بدأ كلاهما بمحاربة صالح ليس مالياً وتجارياً فقط بل وسياسياً أيضاً.
مختلفون سياسياً ومتفقون تجارياً
يؤكد التقرير أيضاً أن المشروع الاستثماري الكبير بين صالح وحميد بقي مستمراً وكانت عائدات صالح تصل إليه حتى في ذروة الأزمة والخلاف بين الطرفين، كاشفاً أن الأحمر زج بالمخدوعين من الإصلاح في حرب 2011 وزج صالح بوحدات جيش الدولة في حرب كان في ظاهرها أنها حرب دولة ضد حزب أو جماعة لكنها في حقيقة الأمر كانت حرب مصالح وأموال وصفقات ونفوذ وما الشعب في كل ذلك إلا ضحية، وللأسف ضحية مزدوجة، فكان ضحية فساد الطرفين حين كانا متفقين وكان ضحية الطرفين حين اختلفا وتحاربا، وتساءلت الصحيفة “هل يدرك الشعب حقيقة ما جرى رغم مرور عقدين من صفقة نصف المليار دولار؟”.
أموال الشعب تنفق لتغذية الصراع
يؤكد التقرير أن صالح كان ينفق ببذخ شديد من أموال الشعب على قطاع الطرق في سبيل تحقيق اكبر قدر من الفوضى بهدف هزيمة خصمه الذي وصل إلى السلطة، في المقابل حاول حميد الاحمر تعويض خسارته المزعومة وأمواله التي أنفقها على الساحات خلال فترة الاعتصامات والاحتجاجات من الخزينة العامة مستنداً في ذلك إلى الحكومة التي تشكلت بعد عزل صالح والتي كان يظن أنها باتت تابعة له.
لماذا لا نتقاسم صفقة أعظم وأكبر؟
تحت هذا العنوان ضخت الصحيفة الرسمية بعضاً من المعلومات المغيبة عن الشارع اليمني، حيث تقول “دار هذا التساؤل بين صالح وحميد عقب نجاح صفقة النصف مليار دولار (رغم الخلاف الذي حدث) فلعدة أيام كان هناك حديث ونقاش يدور في كواليس دار الرئاسة وفي إطار ضيق جداً يتضمن صفقة تصل قيمتها الى أربعة مليار دولار نعم أربعة مليار دولار وكان صالح متحمساً بشكل غير عادي لتنفيذها ورأى ضرورة العمل على إتمامها غير أن تداعيات الخلاف على الصفقة السابقة لم يشجع بقية الأطراف على تنفيذها ناهيك أن هذه الصفقة كانت عبارة عن خداع وتضليل يتعلق ايضاً بمرحلة ما بعد اتفاقية جدة وترسيم الحدود وهي الصفقات التي أضاعت فرصة الحصول على مليارات الدولارات كان من المفترض أن تدخل الخزينة العامة للدولة بموجب وساطة كدعم للاقتصاد إلا أن توجه رأس الدولة لممارسة الفساد واهتمامه بما سيحصل عليه من مصالح شجع الآخرين على التنصل عن بعض التزاماتهم وعلى ما يبدو أن ذلك كان بإتفاق بين الجانبين فما وصل الى حسابات صالح والاحمر (الشيخ ونجله) يكفي لأن يتنازلا سوياً عن كل شيء مقابل إرضاء السعودية”.