حادثة اغتيال “حسن زيد” ومطابخ إعلام “العدوان”
طه العزعزي – وما يسطرون – المساء برس|
إنّ سلوك العنف المُشرع دومًا هو في كيفية خلق التنكر وتحوير القضية لأجل حماية ذات المجرم ، وهذه هي المشكلة الفكرية الموجهة واللا أخلاقية التي تعتبر كل حادثة رائجة صيد ثمين أو محل تصنيف مُبتكر ، وماحدث في قضية إغتيال وزير الشباب والرياضة ” حسن زيد ” ، ليس سوى دليل على لا أخلاقيات العدوان وثبوته في تقشير وجه الحقيقة بأظافر الإعلام الناعمة ، فقد قامت أدوات العدوان مباشرة في توجيه بوصلة الإتهام صوب حكومة صنعاء التي كان الشهيد ” حسن زيد ” أحد أكبر رؤوسها ، وبمغالطة تدل على أن هناك عمل ممنهج وتناغم طبيعي بين مؤوسسة الإغتيال الموغلة في الشر وبين ماكينة الإعلام التي يقع الدور الثانوي عليها فيما بعد ، وقعنا على كثير من أفكار الفطاحلة الموكل لهم المغالطة في هذا الأمر وإزاحة القاتل عن المشهد ولو قدر المستطاع.
مالذي نقرأه في هذه الحادثة المختارة والمشتغل عليها بعناية ودقة خصوصًا في ظل التدفق الجماهيري لإحياء مناسبة المولد النبوي وفي ظل تقدم المجاهدين في جبهة مارب وبعد قضية الأغبري ووصول السفير الإيراني إلى صنعاء ، يمكن تقييم الحادثة تبعًا لهذه المجريات .
وكل واحدة من هذه تؤدي إلى الأخرى، إن مناسبة المولد النبوي الشريف بلا شك ستؤدي إلى تغييرات عميقة وستساهم مباشرة بعامل الرفد إلى الجبهات وصيانة النفوس من مكر التجمعات التظاهرية التي كانت قد جُمعت إليها من قبل في حادثة الأغبري ، لم يكن تهديد رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي سهلاً ووصفه بأن “مابعد المولد ليس كما قبله ” ، لقد كانت رسالة في أتم الوضوح ومهددة للعدوان .
غير أن هذه الحادثة حصلت في عمر مبكر من إقامة السفير الإيراني في صنعاء ، وكيف ؟ ، إن هذه الحادثة قصدت إشعار الكثير ممن كانوا سينهجون مانهجه السفير الإيراني من تلك الدول التي تدل المؤشرات الدبلوماسية أنها سترسل سفرائها إلى صنعاء ، فقد فتح السفير الإيراني شهية بعض الدول لمزاولة الدبلوماسية في صنعاء .
وبالفعل إن أعظم مايمكن الوصول إليه من خلال إغتيال قامة تحتل منصب الوزير والسياسي الفذ حسن زيد هي إحباط النفسية الجمعية لدى المحتفلين في صنعاء ، ناهيك عن أن صنعاء لم تألف ظاهرة الإغتيالات كما هو الحاصل في عدن وتعز وهذا بالفعل ماسيكون مثار دهشة وتحقيق وكذلك مثار صدمة نفسية للبعض من المواطنيين ومن القادة أنفسهم ،كيف يحدث هذا في كل سنة مرة واحدة ؟ ، أن يقطف القاتل أرفع رأس من هرم القيادة بطريقة موحشة كما فعل سابقًا بالسيد إبراهيم الحوثي والصماد ، وأخيرًا في هذا العام ” حسن زيد ” .
يواكب هذه الحادثة ، حملة إعلامية ممنهجة توجه هذه الحملة أصابع الإتهام إلى ” أنصار الله ” وهذا مايثير السخرية ويسبب الحادثة ذاتها مرة أخرى ولكن هذي المرة بالكلمة ، وليس ذلك بجديد ، فهي عبارة عن حملة معد لها مسبقًا وقد قيلت أثناء حادثتي إغتيال الشهيدين صالح الصماد وإبراهيم الحوثي .
إن إدعاء تقييم الحادثة من خلال النظر إلى الأمن الكائن في العاصمة صنعاء ، وإعتبار عدم وجود إغتيالات في العاصمة بشكلاً كبير ، وتحكم السلطة في إدارة الملفات الأمنية بكل إقتدار ، وتثبيت الإستقرار بقبضة حديدية واجبة، ليس دليلاً البتة عن أن الإغتيال ولو حددناه بالوحيد جاء من الداخل ، فكيف مثلاً سيحدث ذلك بعد مضي أكثر من ستة سنوات حرب والشهيد ” حسن زيد ” مايزال على كرسي السلطة يخرج خفيف الروح من منزله إلى المكتب الوزاري إلى الجامع إلى السوق بسيارة دون مرافقين بل وأحيانًا بسيكله المتواضع والبسيط جدًا ، ونافشًا سلام أريحية الخطى على جنبات الطريق .
لو كان حقًا هذا الرجل يمثل خطرًا على البلاد لتم صدور القرار الحاسم من قبل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أو حتى مرسوم رئاسي بعزله سواءً في مرحلة الشهيد الصماد أو في مرحلة المشاط ، لكنه كان عن حق يمثل خطرًا حقيقيًا ، خطرًا على العدوان ، ولذلك تم إغتياله.
لقد كان الشهيد ” حسن زيد ” كان يتحلى بروح مرحة جدًا وبسياسة متوافقة لاتكالب عليها الفرقاء ولاتعمل على تخشين العلاقات الأخوية في داخل الجسم السياسي لدى السلطة ذاتها ، وكان كذلك يستقبل السخريات من الجميع بصدر رحب وبدون أي تحسس أو حنق طفولي ، إن الكثير يحب ” حسن زيد ” أتكلم هنا عن الداخل ” المُتهم ” ولكن كانت آلة القتل ترصده وتريده على نحو إستثنائي ، إن الشهيد حسن زيد كان خصمًا لدودًا للعدوان ولذلك قتلوه .
إن مايقوم به العدوان وأدواته الرخيصة هو توفير الإشكالات الهادمة للإستقرار وإستغلال القضية والولوج إلى الثقوب المضيئة في الوقت الحرج ، في قضية الشاب عبدالله الأغبري كان البعض يهاجم الأمن دون إنصاف ، وحاول البعض التسلل إلى الذهن الجمعي عبر فوضى السوشال ميديا وشكك بوزارة الداخلية ذاتها ، لكن الآن في حادثة إغتيال ” حسن زيد ” هناك من يبلع سم كذبته الأولى ويقوم بتصحيحها على نحو بطئ ، ليصبح الخبر ، الأمن موجود في صنعاء ومستحكم فكيف حدث الإغتيال ، إنها محاولة إبقاء الشك محل هدف وعنوان وترويج الشائعات ضمن المؤسسة الدعائية ! .
لايمكن لأي تبرير أو حكم مستمد من أخلاقيات التفكير العقلاني واللا مهووس بصناعة الشهرة والتمجيد أو التبعية أن يذهب إلى النتيجة التي تذهب إليها أدوات العدوان الرخيصة في جملة من القضايا ، دعونا نتكلم بصدق ، بعيدًا عن التزحلق فوق طاولة ملساء ، ما الفائدة من قطع ساقي التي أريد المشي بها يوميًا؟ ، ما الفائدة إن قمت بوخز عيني التي أرى بهما؟ ، ولايمكن حتى إقناع طفل بهذه الأفكار السمجة مهما تم ترقيمها أو لومعتها وتضخيم معانيها بمصطلحات كلامية أكثر رواجًا.
إن من المهم جدًا هو رفع الوتيرة الأمنية واليقظة في وعي المواطن وكذلك رفع الحس الثقافي والقانوني لديه ، إن عيون منفردة تتلصص من هنا وهناك ، ويجب البحث عنها أو حتى الإشتباه بها ومراقبتها حتى يتبين اللبس ، خلايا نائمة يبدو أنها تأقلمت مع سهولة المحيط اللا مبالي لدى بعض القيادات التي تكره باب الشهرة وتطرق التواضع بابًا لها وترفض أي شكل مترف أو يوحي حتى بمظهر وصورة القائد أمام المواطن والمجتمع ، لذلك نجدها تقتنص الفرصة دائمًا لتسوي الكارثة في ظروف مجهولة .
أخيرًا، تكمن خطورة هذي الخلايا ، أنها تجد أخيرًا من يزاول معها عمل إخفاء الحقيقة ونفش الرماد على العيون بطريقة وقحة جدًا ، إنها خطورتها أكثر أنها تحاول أن تتشكل في القضية والدم وتصبح جزء لايتجزأ من الدعوى إلى البحث عن الحقيقة ، وهاهو العدوان يضحكنا حد الحزن الشديد حين يقوم بإستغلال القضية وتحويرها إعلاميًا عبر أدواته في الداخل والمشي بها في طرق ” وعرة “.
المصطلحات والآراء الواردة في مقالات الكتاب لا تعبر بالضرورة عن السياسة التحريرية للموقع