الحضور العسكري السعودي في “المهرة”.. خرق المجال الحيوي لعُمان وضرب القبائل ببعضها
تقرير خاص – المساء برس|
تواصل السعودية تحركاتها العسكرية في محافظة المهرة، في إطار مساعيها المستميتة للسيطرة على المحافظة الساحلية التي تحمل بعدًا استراتيجيًا كبيرًا بالنسبة لها، كما تشكل هذه التحركات العسكرية من جهة أخرى خطرًا على أمن سلطنة عمان القومي، والتي تعد المحافظة عمقًا حيويًا واستراتيجيًا لها، وليس من صالحها دخول المحافظة في معترك عسكري كبير تسعى السعودية لجرها إليه، يأتي ذلك في الوقت الذي تستمر المعارضة والمقاومة الشعبية والقبلية للوجود العسكري السعودي والذي وصل إلى حد الاشتباكات المسلحة بين الطرفين.
وفي تحرك جديد للمملكة السعودية في المهرة، كشفت مصادر قبلية، اليوم الخميس، أن القوات استحدثت منشآت عسكرية جديدة في منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان، استمرارًا لمحاولاتها الرامية للسيطرة على المنفذ التجاري العام.
وقالت المصادر إن القوات السعودية تمكنت، قبل أيام، من الوصول إلى منفذ شحن، بعد منعها قبل أيام من مسلحين قبليين مناهضين لوجودها العسكري.
وأكدت المصادر إن أكثر من 20 عربة ومدرعة عسكرية رافقت القوات السعودية في حملتها التوسعية الجديدة في منفذ شحن، مشيرة إلى أن هذه التحركات تنذر بانفجار الوضع عسكريًا في المنطقة.
وكانت السعودية قد سبقت تحركاتها الأخيرة، بشراء ولاءات بعض مشائخ المهرة من خلال ضمهم إلى ما تسمى “اللجنة الخاصة”، حيث أكدت مصادر صحفية، في أبريل 2019، أن القوات العسكرية السعودية المحتلة للمهرة قامت بتخصيص أحد المباني داخل مطار الغيضة لاستقبال مشايخ قبليين من أبناء المهرة وتسليمهم مبالغ مالية شهرية داخل المطار.
وأفاد “الموقع بوست” الإخباري، في تحقيق موسع أجراه حينها، بأن القوات السعودية المسيطرة على مطار الغيضة بالمهرة وبعض المنشآت الحيوية والاستراتيجية داخل المحافظة، خصصت مندوبين لها لاستقبال مشائخ بعض القبائل ممن استطاعت السعودية شراء ولاءاتهم، مشيراً إلى أن القوات السعودية اعتمدت لهؤلاء الموالين لها رواتب شهرية وحصص معينة من التجنيد لأبناء القبائل التي يتزعمها هؤلاء المشايخ.
ونقل الموقع عن مصادر قبلية خاصة قولها إن السعودية تدفع مبلغ 1500 ريال سعودي لكل فرد من أفراد القبائل المعتمدين لديها عبر مشايخ هذه القبائل، لافتة إلى أن السعودية قد كلفت هؤلاء القبليين لحراسة المواقع العسكرية التي تتواجد فيها القوات السعودية في المهرة إضافة إلى حراسة المليشيات المسلحة التي أنشأتها في المحافظة ووزعتها على عدد من النقاط بالخطوط الإسفلتية الرئيسية.
ولم يقتصر الأمر عند هذا فقط، فقد قامت مؤخرًا بشراء ولاء السلطان عبدالله بن عيسى آل عفرار، رئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى، عبر إعطائه حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة التي تعثر إعلان تشكيلها لعدة مرات مؤخرًا بسبب خلافات داخل أروقة أدوات التحالف.
وكان آل عفرار قد عبر عن شكره للدول الراعية لتنفيذ اتفاق الرياض في 5 أكتوبر الماضي، عبر حسابه في تويتر، مثمنًا إعطاء التمثيل للمجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى من خلال منحهم حقفة وزارية في الحكومة الجديدة.
وتسعى السعودية من خلال شراء ولاءات مشايخ في المهرة ولعبها على المتناقضات إلى خلق بؤرة جديدة من الصراع بين مشايخ القبائل الموالين لها من جهة والمناهضين لوجودها من جهة أخرى، والذي بدوره قد يؤدي إلى انفجار الوضع عسكريًا بين أبناء المحافظة الواحدة ويدفع باتجاه الفوضى وعدم الاستقرار وانشغال أبناء المحافظة في صراع داخلي بينهم يمكّن السعودية من السيطرة على الوضع والتحرك لتنفيذ أهدافها دون أي معوقات.
وتمثل هذه التحركات السعودية التي تدفع نحو عدم الاستقرار في المحافظة وكذا إنشاء قواعد عسكرية على طول الحدود العمانية، خطرًا أمنيًا بالغًا على الأمن القومي العماني، حيث ترتبط المهرة بصلات وثيقة مع منطقة ظفار العمانية المجاورة، وتعدها مسقط منطقة عازلة عن الاضطرابات في اليمن.
ويرجع اهتمام سلطنة عمان لإبقاء محافظة المهرة مستقرة وبعيدة عن النزاعات، إلى تاريخ الحرب في ظفار (1963 – 1976)، حيث تلقى خلالها المتمردون الدعم عبر حدود جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك، ولذا فإن هذه المحافظة تعتبر عمقًا حيويًا واستراتيجيًا بالنسبة لها، وأي تحشيد عسكري في هذه المحافظة المحاددة لها يعد تهديدًا لأمنها القومي.
وكان الخبير الاستراتيجي العماني الدكتور عبدالله الغيلاني، قد صرح، في وقت سابق، لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية، أن المهرة كانت دائمًا هي “الفناء الخلفي لسلطنة عمان”، مضيفًا “لقد طورنا الكثير من البنية التحتية هناك، ولدينا روابط سياسية قوية”. وأشار الغيلاني، في حديثه مع الصحيفة البريطانية، إلى أن المهرة تعد منطقة عازلة وقد ظلت مكانًا سلميًا، حتى وضع السعوديون والإماراتيون قواتهم هناك”، حد قوله.