صراع على الموانئ وتهديد باستدعاء الروس والصين تبدي استعدادها واتفاق سري مع صنعاء
المساء برس| تقرير خاص|
وفقاً لتسريبات لا تزال غير مؤكدة حتى اللحظة، فإن اتفاقاً سعودياً إماراتياً على تأجير أهم موانئ اليمن للإمارات، حيث تضغط السعودية على حكومة هادي للقبول بهذه الصفقة التي تبلغ مدتها 50 عاماً.
الإصلاح يواجه الضغوط السعودية بتحريك الرأي العام
منذ يومين بدأ ناشطوا الإصلاح بشن هجوم على الإمارات على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإخراج قواتها من ميناء بلحاف والمنشأة الغازية الأكبر في اليمن وهي إحدى المنشآت الغازية الكبرى في الشرق الأوسط أيضاً، وتزامن ذلك مع مطالبة وزير الثروة السمكية بحكومة هادي، فهد كفاين، بعقد جلسة طارئة لحكومته وتحديد موقف واضح منها بخصوص الوضع في سقطرى الخاضعة لسيطرة الإمارات وأدواتها من المجلس الانتقالي الجنوبي.
بالإضافة إلى انعقاد اجتماع باسم الأحزاب السياسية في شبوة اليوم الأربعاء خرج ببيان طالب فيه بخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف.
ويبدو من الواضح أن الإصلاح يتعرض لضغوط سعودية وإماراتية لإجباره على التنازل عن بلحاف مقابل السماح له بالتواجد في حضرموت التي تعيش صراعاً بدأ يتجه نحو العنف والدم والإصلاح أحد أطرافه، في الوقت الذي أخذ فيه محافظ حضرموت فرج البحسني والمدعوم من واشنطن موقف المحايد فيما يتم من مساومات سعودية إماراتية مع الإصلاح، لكنه – أي البحسني – لا يزال طرفاً في الصراع القائم حالياً في حضرموت.
وسط هذا كله يبدو أيضاً أن هادي لا يملك الحق في التعبير عن موقفه في ما يحدث في الرياض بين التحالف والإصلاح، وهذا واضح من خلال تصريحات وزراء بحكومة هادي تابعين للإصلاح دون بقية الوزراء الآخرين وتصعيد خطابهم وحديثهم ضد الإمارات بشأن بلحاف وسقطرى وغير ذلك.
اصطفاف اشتراكي مع الإصلاح
ويبدو أن التوافق الذي حدث بين الاشتراكي والإصلاح في الحجرية جنوب غرب تعز والذي أدى إلى سقوط الحجرية بيد قوات الإصلاح وإخراج قوات اللواء 35 مدرع التي كانت محسوبة على الإمارات خاصة المنتمين للتنظيم الناصري وعدد من المؤتمريين الموالين لطارق صالح، يبدو أن هذا التوافق تكرر مؤخراً في شبوة بين الطرفين، إذ رصد “المساء برس” ظهور قيادات وشخصيات سياسية من الحزب الاشتراكي على قناة “بلقيس” التابعة للإصلاح والتي تبث من تركيا، وهو تطور لافت في موقف الاشتراكي الذي كان محسوباً منذ بداية الحرب واقفاً في صف الإمارات نكاية بالإخوان المسلمين الممثلين بحزب الإصلاح.
تلويح بفتح المجال أمام تدخل روسي
بعد أن وضع الإصلاح من بداية الحرب على اليمن في 2015 جميع بيضه في سلطة الرياض وأبوظبي، ولم يعد لديه ما يملك من الأوراق الكافية لمساومة التحالف، لم يجد اليوم بُداً من التهديد بالارتماء مجدداً في أحضان قوى دولية جديدة مناوئة للإمارات والسعودية إلى حد ما، وهو ما بدا واضحاً من خلال الاتصال الذي أجراه وزير خارجية هادي، محمد الحضرمي بنظيره الروسي سيرغي لافروف.
الحضرمي تحدث مع لافروف بشأن ما قال عنها “تطبيع الأوضاع في أرخبيل سقطرى وإنهاء التمرد العسكري فيها، مؤكداً حرص الحكومة الحفاظ على أمن وسلمية هذه الجزيرة”، وهو ما فُهم على أنه تلميح باستدعاء تدخل روسي لدعم الإصلاح في سقطرى لمواجهة الوجود الإماراتي.
وبدورها روسيا أبدت تمسكها بموقفها الثابت بشأن دعمها لوحدة اليمن وسلامة أراضيه، حسب ما نقلته وكالة سبأ التابعة لهادي والتي تبث من الرياض، عن الوزير الروسي.
أبوظبي تبرر رفض خروجها من بلحاف
وفي بيان لوزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد يوم أمس، ألقاه أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والسبعين، دعت أبو ظبي إلى ما وصفته بـ”موقف يمني موحد للوصول إلى حل مستدام”، كما قال بن زايد أن قرار مواصلة العملية السياسية في اليمن هو قرار يمني، مؤكدا وقوف بلاده إلى جانب الجهود السعودية المبذولة لتنفيذ اتفاق الرياض.
وتجدر الإشارة إلى أن كلمة بن زايد أمام الأمم المتحدة يوم أمس، جاءت في اليوم ذاته الذي تم فيه عقد اجتماع عسكري رفيع بين السعودية والإمارات بشأن اليمن.
ويبدو أن الإمارات تحاول تبرير تواجد قواتها في بلحاف بذريعة عدم وجود موقف موحد في الجنوب يجعل من تسليمها لبلحاف لقوات هادي قراراً صائباً، ولهذا فإن من المحتمل أن تعمل أبوظبي على إشعال صراع جديد أو خلق حالة من الفوضى الأمنية لتبرير بقائها في شبوة والسيطرة على منشأة بلحاف بحجة حماية وحماية خليج عدن.
صراع دولي والصين تدخل على الخط
بشكل مفاجئ تدخل الصين معترك الصراع الدولي في اليمن، وهو ما يعزز صحة الأنباء المتداولة بشأن الصفقة السعودية الإماراتية التي تسعى الرياض لفرضها على اليمن بشأن تأجير أهم الموانئ 50 سنة قادمة لصالح الإمارات.
ففي مقال للسفير الصيني لدى اليمن كانغ يونغ تناقلته وسائل إعلام تابعة لحكومة هادي، قال السفير إن بلاده تدعم اليمن لتحقيق السلام ووقف الحرب وأنها تتطلع لمشاركة اليمن في مبادرة الحزام والطريق، وهو ما اعتبر من وجهة نظر مراقبين إشارة صينية لحكومة هادي لرفض صفقة الإمارات وأبوظبي التي ترى فيها الصين تعقيداً لمشروع الطريق الحزام والحرير أكبر طريق تجاري عالمي يربط شطري الكرة الأرضية من الشرق إلى الغرب والذي سيمر بحرياً من اليمن.
الصين أيضاً عبرت من خلال سفيرها بأنها على استعداد للاستثمار في إعادة البنى التحتية التي دمرتها الحرب، وقدرة المهندسين الصينيين على استنساخ التجارب الصينية الملهمة في مجال البناء وشق الطرق شريطة تحقيق السلام، حيث قال السفير الصيني أن بلاده تأسف لعدم انخراط اليمن في مفاوضات مبادرة الحزام والطريق، مضيفاً إن الانخراط في هذه المفاوضات ستحقق لليمن التنمية والازدهار من خلال الاستثمار في إعادة البنى التحتية.
هي إذاً رسائل صينية لهادي برفض اتفاقية السعودية والإمارات بشأن تأجير أهم الموانئ اليمنية، والذي سبق وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الهدف من السيطرة على جزيرة سقطرى من قبل الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية هو قطع الطريق على الصين ومنعها من استخدام ميناء جوادور في باكستان كمنطلق لتصدير منتجاتها إلى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وجنوب أمريكا.
تسريبات.. اتفاق سري بين صنعاء والإصلاح
يقف الإصلاح والاشتراكي بوجه المساعي الإماراتية السعودية بشأن تأجير أهم موانئ اليمن، لكن هذا الاعتراض ليس بدافع وطني أو من باب حماية المصالح الاقتصادية العليا لليمن والسيادة على الموانئ، بل لأن الإصلاح ليس طرفاً في هذه الصفقة وليس مستفيداً منها ولا أداة منفذة.
على الرغم من ذلك فإن موقف الإصلاح الذي يحاول منع هذه الصفقة – إن صحت الأخبار – قاد إلى أن يحدث تحالف لم يكن متوقعاً على الإطلاق بين أبرز خصمين سياسيين في اليمن.
حيث تفيد تسريبات أن صنعاء قررت مساندة الإصلاح في مواجهة صفقة الموانئ وذلك من خلال وقف التصعيد العسكري في مأرب كي لا يشكل ذلك ضغطاً على الإصلاح يمنع الحزب من مواجهة صفقة الموانئ.
وسواءً كانت تهدئة صنعاء عسكرياً في مأرب قد أتت باتفاق سري مع الإصلاح أم كانت مبادرة غير معلنة من طرف واحد من قبل صنعاء سرعان ما فهم الإصلاح المغزى من ذلك، ففي كلا الحالتين فإن النتيجة هي تحالف بين صنعاء والإصلاح مكّن الأخير من التفرغ لمناورة الرياض وأبوظبي في الجنوب.
وقبل نحو أسبوعين كانت المعارك في مأرب على أشدها وسط تقدم سريع لقوات صنعاء، حيث كانت المناطق الواحدة تلو الأخرى تتساقط بسهولة أمام الحوثيين، غير أن هذا التقدم السريع هدأ فجأة على الرغم من أن الطريق أمام قوات صنعاء كانت سالكة أمامهم للوصول إلى مدينة مأرب، الأمر الذي يرجح صحة التسريبات القائلة بوجود اتفاق غير معلن، أما بشأن ما تنشره وسائل إعلام الإصلاح من أن قوات هادي تتصدى يومياً لهجمات عنيفة في مأرب من قبل الحوثيين فليست سوى من قبيل التغطية على الاتفاق غير المعلن بين الطرفين.