العيون على حضرموت
متابعات – المساء برس|
خلال الايام القليلة الماضية اصبحت حضرموت، المحافظة الأهم في اليمن، محور الصراع المحلي والاقليمي ، فمالذي يخطط لهذه المحافظة التي تشكل 3 مساحة اليمن وتربطها مناطق شريط حدودي طويل مع السعودية إضافة إلى موقعها الاستراتيجي على الساحل الشرقي وثروتها النفطية والمائية؟
في هذه المحافظة الاهداء على الاطلاق، تفجرت فجأة ثورة العنف في شوارعها، فشوهد العشرات من المحتجين يقطعون شوارع المكلا ومناطق اخرى بحجة المطالبة بخدمات، مقابل شن قوات تابعة للمحافظ البحسني تعرف بـ”النخبة الحضرمية” اسواء ردة فعل تمثلت بإطلاق النار على المحتجين مما تسبب بسقوط مصابين واعتقال اكثر من 50 شخصا. وبين هذه الفوضى تصاعدت الاغتيالات لتشهد المحافظة خلال اليومين الماضين اكثر من 3 حالات خلال 24 ساعة ابرزها استهداف مدير أمن حضرموت السابق جمال عون والذي توفى بعد اصابته بعدة طلقات نارية في المكلا لتمتد هذه الاعمال إلى الهضبة النفطية بوادي وصحراء حضرموت حيث استهدف مسلحون قائد المنطقة العسكرية الاولى صالح ابو عوجاء وبعدها بساعات تم اغتيال احد جنود النخبة في شبام. هذا السيناريو الذي لم تعتاد المدينة عليه بعد ظل التحالف يطبقه في عدن حيث سقط مئات القتلى والجرحى بمسيرة طويلة امتدت لسنوات في اهم محافظة جنوب اليمن. وخلافا لعدن التي اصبح الان تعيش حافة الهاوية رغم محاولات التحالف ابقاء حبل للنجاة لسكانها، يبدو الوضع في حضرموت مختلفا ويشير إلى أن رعاة الحرب على اليمن يريدون حسم ملف هذه المحافظة بسرعة.
لم تكن الاحتجاجات مجرد صدفة، بقدر ما تعكس معركة بين اطراف عدة تحاول الاستفادة من تداعياتها. داخليا يبرز الاصلاح كأحد عوامل هذه الاحتجاجات وقد استبقها بطرح رئيس فرعه صلاح باتيس كمرشحا لمنصب المحافظ ويطمح بقوة للاستحواذ على هذه المحافظة التي تشكل ثلث مساحة اليمن ، ولا يعول فقط على الاحتجاجات التي ينظمها خصومه كالحراك والانتقالي، بل يحاول استغلالها لإعادة ترتيبات صفوفه عسكريا لتطويق المدن الساحلية وقد بدأ هذه الخطوة بتحريك قواته إلى شبوة المجاورة وبدأ عملية اعادة تموضع من مفرق الصعيد في شبوة حتى راس حويرة في المكلا وهدفها ضرب عصفورين تطويق الامارات في بلحاف ومحاصرتها في المكلا.
يلقي الاصلاح حاليا بكل ثقله السياسي والعسكري وحتى الاقتصادي متدثرا بغطاء الشرعية وهدفه حسم ملف المحافظة لصالحه ولو بتقديم تنازلات للحل تتضمن اعادة تقسيم اليمن إلى 3 اقاليم وبما يمنحه الاقليم النفطي الذي لا يزال تحت قبضته خصوصا في ظل المخاوف من تداعيات تحرير قوات صنعاء لمأرب وتبعات ذلك على إمبراطورتيه جنوب وشرق اليمن. يحضا الاصلاح في هذه الاقليم بدعم سعودي ليس لجناحه الايدلوجي بل بحكم المصالح المتغلغلة بين اطراف سعودية كالسفير السعودي محمد ال جابر وقيادات مصلحية في الحزب كحميد الاحمر وعلي محسن ممن تسهل للسفير الاستحواذ على عائدات هذه المناطق من النفط والغاز مقابل امتيازات حماية ونقل ومشاركة بالقليل، فالسعودية منذ اللحظة الاولى لحربها على اليمن ركز الاهتمام بما يسمى بـ”اقليم حضرموت” الذي يضم شبوة والمهرة ايضا وكلها طموح بإبقاء هذا الاقليم خاص بها في إطار مكاسب الحرب، لكن لا يبدو أن الامارات مستعدة للتنازل عن هذا الجزء مع أن السعودية سبق وأن اغرتها بسقطرى الجزيرة الاستراتيجية عند الطرف الاخر من الساحل الشرقي لليمن، فالأخيرة تدفع باتباعها في المجلس الانتقالي بقوة للتوغل في هذه المحافظة على الاقل لأبرام اتفاق يمنحها وجود في شبوة المحاذية لتمويل عملياتها من عائدات الغاز المسال والذي يقدر بمليارات المكعبات سنويا.
لن تتوقف حالة الفوضى والعنف في حضرموت قريبا وقد تتسع لتشمل منا\طق اخرى في المحافظة مترامية الاطراف، فالتحالف الذي تعمد ايصال عدن إلى الهاوية ويحاول مساومة قواها الحالية لتنفيذ اجندته مقابل انقاذ ما تبقى منها سيعمل بكل تأكيد على الانهيار الشامل في حضرموت ففي نهاية المطاف لا هدف له من الحرب الممتدة ل6 سنوات سوى التدمير الممنهج في بلد يطمح لإبقائه تحت عبائته الخليجي لاستنزاف موارده.
المصدر: تقرير لموقع “البوابة الإخبارية اليمنية”