أسرار ما يدور في الساحل الغربي يكشفها ضباط منشقون عن طارق صالح
متابعات – المساء برس| تقرير: ابراهيم القانص
أصبح جلياً أكثر من أي وقت مضى أن طارق صالح لم يجمع ما استطاع جمعه من القوات التي أطلق عليها حراس الجمهورية في الساحل الغربي ونظيراتها تحت مسمى ألوية المقاومة،
من أجل الثأر لمقتل عمه واستعادة الجمهورية، حسب الشعارات التي يرفعها، فقد حمل العائدون من صفوف تلك الألوية سواء من الضباط أو الأفراد الذين تمكنوا من الإفلات والهرب باتجاه صنعاء، أنباء ما يفعله طارق صالح وحقيقة ما يدور، فما يتم التسويق له من أهداف تلك القوات والمعارك التي تخوضها مختلف تماماً عما يروج له وبعيد كل البعد عن الأهداف المعلنة، فاللعبة أكبر من أنها ثأر لمقتل عفاش أو استعادة الجمهورية، التي لم تكن يوماً مفقودة إلا في مخيلة “طارق” حسب ما اقتضاه الدور أو المهمة الموكلة إليه.
أكد العائدون تباعاً من جبهة الساحل الغربي ممن كانوا يقاتلون في صفوف طارق صالح أنهم لم يروا شيئاً من الأهداف التي تجمعوا للقتال من أجلها، والتي كان أبرزها الثأر لدم عفاش، موضحين أنهم لم يروا صورة من صور عفاش تُرفع في أي لواء أو كتيبة، ولم يسمعوا له خطاباً أو حديثاً مسجلاً قد يسهم في رفع معنوياتهم باتجاه ما جاؤوا لأجله، مشيرين إلى أنهم حين لاحظوا اختفاء ذلك من برامج وأدبيات القوات المنضوين تحت لوائها بادروا إلى نسخ مجموعة من الصور ورفعوها فوق بعض العنابر والمقرات، ولم يتوقعوا حينها ردة فعل طارق صالح إزاء تلك المبادرة، حيث قالوا إن ضباطاً مقربين منه أصدروا أوامرهم بناء على توجيهاته المباشرة بإزالة تلك الصور، بل وحذروا من رفعها مرة أخرى، وكان تبريرهم لذلك أنه مراعاة لزملائهم من ألوية العمالقة الجنوبية المدعومة والممولة من الإمارات.
كان ذلك صادماً بالنسبة لضباط وأفراد تجمعوا لتشكيل قوام تلك الألوية بدافعٍ رئيسٍ هو القتال ثأراً لمقتل “عفاش”، ولم يستطع المبرر الذي سوّقه طارق وضباطه لإزالة الصور ومنعهم من رفعها تخفيف هول الصدمة التي كشفت لهم أن الرجل أتى بهم إلى جبهة الساحل لأسباب وأهداف أخرى خارج حساباتهم وتوقعاتهم، وحسب شهادات العائدين، الذين كان آخرهم العميد عبدالملك الأبيض رئيس عمليات قوات طارق، فإن المفاجآت ظلت تتوالى عليهم بهيئة صدمات لم تكن في حسبانهم، منها أن طارق صالح وجميع ضباطه وقادته يتلقون أوامرهم من المساعد الإماراتي ولا يخطون خطوة واحدة إلا بتوجيه منه.
لم يكن ذلك سهلاً بالنسبة لمن أدرك كيف تسير الأمور في جبهات الساحل الغربي، من المنتمين للقوات التي يقودها طارق صالح، فقد اصطدموا بواقع جعلهم يشعرون بالهزيمة من داخل نفوسهم كون الأهداف التي جاؤوا للقتال لأجلها غير موجودة تماماً، الأمر الذي دفع بمن وجد طريقاً منهم للفرار إلى العودة لصف الوطن حيث ينبغي أن يكونوا في محل العزة والكرامة، وحسب العميد الأبيض فإن حوالي سبعين في المائة من قوات طارق وصلوا إلى القناعات نفسها، إلا أنهم لم يجدوا الفرصة للفرار والعودة إلى صنعاء، وأنه لم يبقَ لدى طارق إلا من يجنون المكاسب ممن يغدق عليهم الأموال ويضمنون له بقاء أتباعهم المغرر بهم.
وتطابقت المعلومات التي أدلى بها العائدون من جبهات الساحل الغربي إلى صنعاء بشأن طريقة تعامل طارق صالح وضباطه النافذين مع ضباط وأفراد قواته، خصوصاً الذين يساوره الشك في تغير قناعاتهم وولائهم، حيث أفاد العائدون بأن أعداداً منهم يختفون في ظروف غامضة، وينقطعون تماماً حتى عن التواصل بذويهم، والذين بدورهم يتصلون بأرقام تحويلات الألوية للسؤال عن أبنائهم أو آبائهم وإخوانهم ولا يجدون جواباً شافياً، حتى من أقرب أصدقائهم فكل ما يعرفونه هو أن أحدهم غاب منذ فترة ولم يظهر بعدها نهائياً.
لم تكن تلك الاختفاءات الغامضة مصادفةً أو أقداراً محتومة، فقد توصل غالبية العائدين إلى أنها تتم بشكل قسري منظم، ويكون الضحايا من تم وضعهم في قائمة المشكوك في ولائهم، وحسب العائدين يتم إيداعهم في سجون سرية أنشئت في بعض الجزر، وبالطريقة الإماراتية نفسها، ويتعرضون لأصناف التعذيب والإهانة والبعض يتعرض للتصفية الجسدية.
كما أكد العائدون أن كثيراً من ضباط وأفراد قوات طارق صالح يبدون مظاهر احتفال عند سماعهم بأي ضربة تنفذها قوات صنعاء في العمق السعودي باعتباره انتصاراً لليمن بشكل عام، إلا أن ذلك يثير غضب طارق وزبانيته، بل يكون سبباً لعقوبات شديدة منها الإخفاءات القسرية، الأمر الذي يعدونه ولاءً مطلقاً للتحالف خصوصاً الإمارات التي تدعم وتموّل وتوجّه تلك القوات.
ويرى مراقبون أن المعارك التي يوفر وقودها طارق صالح من مجاميع تلك القوات التي يزج بأفرادها وضباطها وسط نيرانها المستعرة، رغم أنها خارج ما كان في حساباتهم، ليست إلا جزءاً يسيراً من مهمة كبيرة رسمتها الإمارات وأعدت لها طارق عفاش منذ وقت مبكر، بدأت ملامحها الحقيقية تلوح في الأفق خلال الآونة الأخيرة، حيث استقبل طارق ضباطاً إماراتيين ومصريين وإسرائيليين في الساحل الغربي لبدء تنفيذ ما أوكل إليه من الإمارات وهو في الأساس ما أوكلته إسرائيل لأبوظبي من مهمة الترتيب لبناء القواعد العسكرية التي ظلت تحلم بها تل أبيب وتخطط لها منذ زمن في الجزر اليمنية لضمان سلامتها من أي خطر قد يتهدد وجودها.. تحت شعار حماية وتأمين مضيق باب المندب، وها هو رجل الإمارات وإسرائيل “طارق عفاش” يبدأ بتنفيذ مهمته الأساسية التي حاول إخفاءها بالثأر لدم عمّه واستعادة الجمهورية، والبداية حسب مخطط أبوظبي وتل أبيب ستكون بالترتيب والتجهيز لبناء قواعد عسكرية إسرائيلية في جزيرة ميون وجزيرة حنيش وغيرهما.. أما سقطرى فقد أنجز المهمة عيدروس الزبيدي عبر قوات مجلسه الانتقالي، الوكيل الحصري لأبوظبي في الجنوب، والذي سلمها كاملة للإمارات برعاية سعودية، وهو الأمر الذي يفسر ما اصطدم به العائدون إلى صنعاء من المنشقين من قوات طارق، ومن سيلحق بهم، حين وجدوا أنهم يقاتلون خلافاً لما جاؤوا للقتال من أجله.
المصدر: تقرير نشره موقع البوابة الإخبارية اليمنية