قائد البحرية السعودية في سقطرى ومعين يتم إرساله إلى القاهرة بدون سبب والأخيرة تطلق تصريحات غامضة
المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
نشرت وسائل إعلام تابعة للإصلاح صوراً قالت إنها للحمولة العسكرية التي أرسلتها السعودية إلى جزيرة سقطرى قبل أيام.
وقالت وسائل إعلام الإصلاح إن حمولة العتاد العسكري الذي وصل سقطرى تم تفريغه خلال خمس ساعات، ونشرت إلى جانب صوة الحمولة، صوراً قالت إنها لقائد القوات البحرية السعودية العميد عبدالله القحطاني.
ولفتت وسائل الإعلام التي نقلت حسب قولها عن مصادر خاصة بها، إلى أن القائد السعودي التقى بمشائخ ووجهاء جزيرة سقطرى وطلب منهم المساعدة والتعاون لبناء قاعدة عسكرية في الجزيرة بحجة حماية الجزيرة من الاحتلال التركي.
ويرى مراقبون إن تسريب الإصلاح لمعلومات كهذه في هذا التوقيت له علاقة بما يحدث من صراع بدأ يطفو على السطح بين تركيا والخليج بشأن النفوذ والسيطرة على جنوب اليمن، غير مستبعدين أن تكون السعودية قد قررت بالفعل استغلال هذه التحركات لبناء قاعدة عسكرية لها في سقطرى.
تركيا كانت قد أعلنت السبت الماضي أنها تسلمت قيادة قوات المهام المشتركة المعنية بحماية خليج عدن ومياه القرن الإفريقي من القرصنة، وقالت في بيان صدر عن وزارة الدفاع في أنقرة أن قواتها بدأت تقود مهام القوات الدولية (CTF-151) من 25 يونيو الماضي وتستمر حتى 10 ديسمبر القادم.
ويوم أمس الأحد، قيادة القوات السعودية المتواجدة في جزيرة سقطرى تمنح قوات الانتقالي الجنوبي أحقية إصدار تصاريح وتراخيص دخول وخروج السفن إلى ميناء سقطرى، وهو ما دفع بقوات خفر السواحل وأمن ميناء سقطرى إلى إصدار بيان تم فيه الإعلان عن انسحابهم وإخلاء مسؤوليتهم عن الميناء، بسبب ما وصفه البيان بتدخل قوات الانتقالي في مهامها.
وكان البيان الذي حمل توقيع مدير خفر السواحل بسقطرى عبدالمعين غانم قد اتهم قوات الانتقالي بما وصفها بـ”مراوغات واعتقالات طالت قوات خفر السواحل وأمن الميناء”.
خفر السواحل بسقطرى حملت القوات السعودية في سقطرى مسؤولية “ما حدث من خروقات غير قانونية”، وأخلت قوات خفر السواحل في بيانها مسؤوليتها عن أفعال المجلس الانتقالي.
مصادر خاصة أكدت لـ”المساء برس” إن تمكين القوات السعودية للانتقالي من أحقية إصدار التراخيص للسفن لم يكن سوى مراضاة وإسكات للانتقالي بشكل مؤقت، مشيرة إلى أن ذلك كان بمثابة منح الانتقالي الفتات مقابل سكوته عن ما يتم تنفيذه حالياً في سقطرى.
الانتقالي وقبل أن تراضيه السعودية بتمكينه من إصدار تراخيص الميناء، كان قد بدأ بالتلميح بأن أمراً ما يُحاك بشأن سقطرى وأن الموضوع يدار من قبل جهات كبيرة، لكنه لم يدرك ماذا يحدث بالضبط وما وراء الكواليس.
صلاح بن لغبر هو واحد من أبرز الإعلاميين الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي كتب في حسابه على تويتر أمس الأحد تغريدة استهلها بعبارة “سقطرى هام جداً”، كتب فيها أن هناك مؤامرة خطيرة تحاك على أرخبيل سقطرى، وقال إن المؤامرة تحاك من جهات كبيرة، وأضاف بالقول “لن نسكت وما إن ننتهي من جمع وربط الخيوط سنتحدث بوضوح”.
لكن عقب ما شهدته جزيرة سقطرى والقاهرة أمس الأحد، يبدو أنه لم يعد مسموحاً للانتقالي بتجميع خيوط اللعبة وربطها وفهمها ومن ثم تقرير السكوت أو عدم السكوت، فقد تبين أن منحه تراخيص السفن كان ثمناً لسكوته.
وجود قائد القوات البحرية السعودية في جزيرة سقطرى لم يكن صدفة، وفي هذا التوقيت بالذات، ولعل ما يزيد من الشكوك أكثر هو أن يقوم رئيس حكومة هادي، معين عبدالملك وبعد أيام فقط من تواجد القحطاني بسقطرى، بزيارة لا يوجد لها أي سبب أو داعي إلى العاصمة المصرية القاهرة، ليتضح فيما بعد أن الرياض هي من أرسلت معين إلى القاهرة وهي أيضاً من طلبت من القاهرة إقامة مراسم استقبال لعبدالملك على غير ما جرت عليه العادة.
ولعل لغز التحركات الغامضة التي تجري قد حلته القاهرة عبر تصريح رئيس حكومتها مصطفى مدبولي أثناء استقبال عبدالملك، والتي قال فيها إن بلاده ترفض التدخلات الخارجية الغير عربية في اليمن وتدعم دور التحالف بقيادة السعودية لدعم حكومة هادي، ولعل ذلك كان بمثابة الرسالة الواضحة بأن المقصود هي تركيا، هذا بالإضافة إلى الحديث المصري عن جزيرة زقر وأمن جنوب البحر الأحمر وباب المندب.
ويرى مراقبون إن ما حدث أمس الأحد يشير إلى أن الصراع بين معسكر تركيا قطر ومعسكر السعودية الإمارات مصر اقترب من ذروته، فما كان خافياً للعيان وتعلمه كلاً من مخابرات الدول الخمس أصبح اليوم طافياً على السطح ومكشوفاً وبات قيادات هذه الدول يتبادلون التهديدات المبطنة علناً.
كما يرى المراقبون إن إرسال الرياض لمعين عبدالملك واستقبال القاهرة له بهذا الشكل الذي لم يسبق ان حظي به هادي نفسه، دليل على أن الرياض أرادت إبلاغ تركيا أن مصر ستقف عسكرياً إلى جانب السعودية والإمارات بوجه تركيا في اليمن، فطبيعة استقبال القاهرة لعبدالملك توحي بأن الاصطفاف العسكري سيكون إلى جانب حكومة هادي المعترف بها دولياً، لكنه في الحقيقة سيكون اصطفافاً إلى جانب الرياض والرسالة واضحة.
ولعل تعمد الإصلاح تسريب صور قائد القوات البحرية السعودية في جزيرة سقطرى ونشرها في نفس اليوم كان الهدف منه فضح السعودية ولكن على استحياء وبشكل غير مباشر ثم أن الإصلاح وجد في زيارة معين للقاهرة أنها منحته توقيتاً مناسباً لنشر هذه الصور، أما بالنسبة للرياض فإن نشر الصور يصب في صالحها فذلك يعزز من رسائلها التي ترغب بإيصالها إلى تركيا والتي تريد القول أن اليمن يخص السعودية وشركاءها وعلى تركيا أن تعي ذلك وتدرك بأن الرياض لن تسمح لها بالتواجد.
رسالة أخرى أرادت الرياض إرسالها عبر إرسال معين عبدالملك وإظهار استقباله بهذه الطريقة هي أن الرئيس هادي لم يعد موجوداً في المشهد السياسي، وأن معين عبدالملك الذي يوصف تهكماً بـ”سكرتير السفير السعودي لدى اليمن وخادمه المطيع” هو من سيمثل الرئاسة اليمنية من الآن وصاعداً، ولعل ذلك ما يفسر سبب التسريبات الإعلامية التي نشرها الإصلاح خلال الأيام الماضية والتي قال فيها إن هناك أطرافاً تسعى لإزاحة هادي وتجريده من مهامه.
فقط وتأكيداً لكل ما سبق يجدر التذكير في ختام هذا التقرير بأن سماح القوات السعودية لقوات المجلس الانتقالي في سقطرى بالدخول إلى مدينة حديبو عاصمة المحافظة والسيطرة عليها كان في 19 يونيو الماضي، أي قبل 6 أيام فقط من بدء القوات التركية قيادة قوات المهام المشتركة في خليج عدن لمكافحة القرصنة.
بقي شيء واحد وهو أن هناك شيئاً ما قد حدث دفع بتركيا إلى إعلان قيادتها لقوات المهام المشتركة لحماية خليج عدن وذلك لأن هذا الإعلان كان أمس الأول السبت أي بعد قرابة شهر كامل من بدء مهامها فعلياً، فلماذا لم تعلن تركيا عن ذلك في حينه؟.