الرياض تساوم الحوثيين على مأرب بمغريات سياسية
صنعاء – المساء برس|
تكشف التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بأن التحالف يسعى لتجنب وقوع مدينة مأرب بيد الحوثيين، بعد اقترابهم منها يوماً بعد يوم.
وكان غريفيث قد قدم مقترحاً باتفاق أطلق عليه “الإعلان المشترك لوقف النار في اليمن” لكل من قيادة السلطة السياسية في صنعاء عبر رئاسة وفدها المفاوض المتواجد في العاصمة العمانية مسقط والرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي رئيس السلطة المنفية بالرياض.
ووفقاً للتسريبات المتاحة والتي تعمدت الرياض كشف بعضها فقد تضمن المقترح ما يمكن اعتباره أنها “مغريات سياسية” تقدمها الرياض لسلطة صنعاء على أمل قبولها بهذا المقترح والانخراط في تنفيذه بما يمنع من مواصلة تقدم قواتها العسكرية نحو مدينة مأرب التي باتت قاب قوسين أو أدنى من السقوط.
كما تؤكد المعطيات على أرض الواقع أن هناك تقدماً متسارعاً لقوات صنعاء في مأرب، وفي المقابل يتهيب التحالف السعودي الإماراتي من هذا التقدم، وهذا ما تكشفه تكثيف التحركات السياسية للتحالف بدعم بريطاني أمريكي بالتزامن مع ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط العسكري.
ولعل ما زاد من مخاوف التحالف بشأن مأرب هو توافد قبائل المحافظة واصطفافهم إلى جانب الحوثيين، زاد ذلك بعد الجريمة التي ارتكبت بحق آل سبيعيان في وادي عبيدة والتي تحول السكوت عنها عاراً يلحق باقي القبائل التي لم تبدِ موقفاً من ذلك، الأمر الذي أكد أن مسألة دخول الحوثيين إلى مأرب باتت مسألة وقت لا أكثر.
ولهذا فإن التحالف ذهب لاستغلال عامل الوقت بمسارين متوازيين الأول سياسياً عبر محاولة وقف اطلاق النار بمبادرة غريفيث والمغريات التي تضمنتها للحوثيين سياسياً واقتصادياً، والمساري الثاني عسكرياً من خلال تحريك مسلحين متطرفين وعناصر من تنظيم القاعدة في كل من مأرب وبعض المناطق بالبيضاء وإحداث ضغط عسكري في الجوف والساحل الغربي وتكثيف الغارات الجوية الذي لوحظ خلال الأيام الماضية خاصة على مأرب، وكل ذلك بهدف إشغال الحوثيين قدر المستطاع عن التقدم نحو مدينة مأرب.
ومن وجهة نظر مراقبين سياسيين فإن سقوط مأرب بالنسبة للسعودية يعني بسط سيطرة الحوثيين على أكبر منطقة جغرافية ممتدة ومرتطبة بالحدود السعودية وهو ما يعني تطويق السعودية، حيث سيتمكن الحوثيون بعد استعادة مأرب من الوصول إلى الوديعة في حضرموت وهو ما تتهيب منه الرياض أكثر من أي شيء آخر.
عسكرياً يرى مراقبون أن الضغط الذي تمارسه الرياض في مأرب لن يجدي نفعاً خاصة وأن تكثيف الغارات الجوية انقلب ضد قوات هادي الموالية للتحالف والتي تعرضت لأكثر من غارة خلال الأيام الماضية عن طريق الخطأ أدت لمقتل العشرات من مقاتلي هادي، ما يعني أن استخدام التحالف للطيران أصبح ضرره أكثر من نفعه.
هناك مسار آخر يتعلق بالجانب الاقتصادي سار التحالف السعودي للعمل عليه واستغلاله خلال الفترة القريبة الماضية، تمثل باحتجاز سفن المشتقات النفطية وما صاحب ذلك من تلويح بتدويل ملف خزان صافر العائم بالبحر الأحمر قبالة الحديدة وهو ما يعني تدويل ملف الحديدة برمته، هذا التهديد إلى جانب الضغط العسكري وتكثيف القصف الجوي أرادت منه الرياض تهديد الحوثيين من جهة، وعبر ما يطرحه غريفيث اليوم تساوم الرياض الحوثيين من جهة ثانية علّها تتمكن من إقناعهم بالعدول عن استعادة مأرب مقابل إيهامهم بالحصول على مكاسب سياسية لا تزال حبراً على ورق رغم ما يشابها من ثغرات وهفوات لا يمكن تطبيقها وفق الرؤية المقترحة.
تجدر الإشارة إلى أن الرياض سربت بعض بنود مقترح غريفيث للإعلان المشترك عبر مراسل قناة العربية لدى الأمم المتحدة طلال الحاج الذي نشر ذلك على حسابه بتويتر.