الرياض تستسلم لأبوظبي في اليمن.. الإمارات تعود من جديد ومصير مجهول للإصلاح
المساء برس – تقرير: يحيى محمد|
كشفت مصادر رفيعة في صنعاء ووافقتها مصادر أخرى في الانتقالي الجنوبي أن الإمارات استطاعت التغلب على السعودية في الملف اليمني وأن محاولة الرياض الأخيرة تعزيز نفوذها جنوب اليمن باءت بالفشل.
المصادر التي تحدثت لـ”المساء برس” مساء اليوم الخميس، أكدت أن معلومات أتت من جهات دبلوماسية في المنطقة تؤكد أن الرياض عادت من جديد للوثوق في أبوظبي وقبلت بأن تكون الأخيرة هي المسؤولة عن الملف اليمني “المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف”، وذلك بعد أن وجدت الرياض نفسها في دوامة من المشاكل الاقتصادية والسياسية الداخلية والإقليمية بالإضافة إلى عدم قدرتها على التفرغ لمواجهة التهديدات العسكرية التي لا زالت قائمة جنوب المملكة والمتمثلة بتوغل قوات صنعاء “الحوثيين” داخل أراضيها والسيطرة على بعض معسكراتها في كل من جيزان ونجران وعسير.
وقالت المصادر إن أبوظبي استطاعت أن تصور للرياض أن الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف في اليمن لن يكون بمقدور المملكة التعامل معه بالنظر إلى حجم الإشكاليات والمعوقات في هذه المناطق ومن ذلك تعدد التشكيلات العسكرية وتعدد الولاءات والأهداف وأن أبوظبي بات لديها خبرة ودراية في كيفية التعامل مع هذه الملفات كلاً على حده وهو ما جعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يطمئن لنظيره الإماراتي محمد بن زايد ويترك له الملف اليمني التصرف فيه على ألا يكون في ذلك أي ضرر بمصالح السعودية الرئيسية والمتمثلة بشكل رئيسي في إبقاء النفوذ على القبائل اليمنية في المحافظات الشرقية شمالاً وجنوباً بالإضافة إلى تمرير مشروع الأنبوب النفطي الواصل إلى سواحل اليمن الشرقية الجنوبية عبر محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان.
في هذا السياق رفضت قيادات بالمجلس الانتقالي الجنوبي في تصريحات صحفية لـ”المساء برس” توصيف السيطرة على المحافظات الجنوبية بأنها سيطرة إماراتية بأدوات محلية، وقالت إن استعادة المجلس الانتقالي زمام الأمور سواءً بتوافق مع الرياض أو مع الرياض وأبوظبي معاً لا يعني صانع القرار في هذه المناطق هو التحالف السعودي.
لكن المصادر الجنوبية أكدت أن الانتقالي استطاع “فرض إرادته ورغبته في إعادة نشر قواته العسكرية في كل من شبوة وإدارة المحافظات الجنوبية بدءاً بمدينة عدن بشكل كامل دون تدخل من أي شخص يتبع سلطة الشرعية المنفية في الرياض، بالإضافة إلى تعزيز النفوذ والسيطرة على محافظة أبين وإعادة نشر قوات النخبة الحضرمية في حضرموت بشقيها الوادي والصحراء”.
ويرى مراقبون سياسيون إن الإمارات عادت من جديد إلى المشهد اليمني ككل – باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات صنعاء والتي يمثل سكانها 70% من إجمالي حجم السكان باليمن – وأن عودة الإمارات إلى الساحة اليمنية هذه المرة يأتي بتوافق وبقناعة سعودية أيضاً والتي لا تزال غارقة في مشاكلها الداخلية والاقتصادية.
ولفت المراقبون إلى أن ما يؤكد عودة أبوظبي إلى المشهد اليمني، بعد أن كانت قد أعلنت انسحابها من اليمن العام الماضي، هو إعادة انتشار القوات العسكرية التابعة للانتقالي كالأحزمة الأمنية والنخب، بالإضافة إلى تكثيف العمل على إنشاء قوات نخبة بيضانية في محافظة البيضاء يقودها المؤتمر الموالي لأبوظبي عن طريق ياسر العواضي وإيكال البيضاء للمؤتمريين واستبعاد الإصلاح منها، بالإضافة إلى تعزيز نفوذ الانتقالي الجنوبي في المحافظات الجنوبية وتمكينه من إدارة مدينة عدن بالكامل، مضيفين إنه من المحتمل أيضاً أن تعمل أبوظبي على إعادة مشروعها الذي فشل في السابق وهو إنشاء قوات نخبة مأربية في محافظة مأرب عن طريق القيادات القبلية الموالية لأبوظبي في وادي عبيدة ومراد والذين من بينهم “آل بن معيلي” الذي يعمل حالياً على شراء ولاءات القيادات القبلية الأخرى التي سبق ورفضت تشكيل قوات عسكرية خارج سلطة الشرعية في 2017.
عودة الإمارات إلى قيادة الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف يدفع بعدة تساؤلات إلى الواجهة أبرزها وأهمها مصير حزب الإصلاح الذي تناصبه أبوظبي العداء وتعمل على تصفيته ومحاربته على الرغم من أن الحزب كان أكثر الأطراف السياسية اليمنية المشاركة مع التحالف السعودي في الحرب على اليمن وهو من أخرج أنصاره في محافظة تعز وغيرها من المناطق للتظاهر ورفع شعارات “شكراً سلمان شكراً زايد شكراً عاصفة الحزم” تأييداً للتدخل العسكري الأجنبي على اليمن لينقلب الحال بعد ذلك بأقل من عامين من بداية الحرب رأساً على عقب ويصبح الإصلاح أحد أكثر خصوم التحالف.
رغم ذلك لا يزال الإصلاح يكابر ويقامر أمام الرأي العام اليمني من جهة وأمام خصمه الرئيسي في اليمن “الحوثيين” من جهة ثانية، ويحاول امتصاص الصفعات التي يتلقاها واحدة تلو الأخرى من قبل من يفترض بأنه استدعاهم الحزب لمساندته ضد خصومه المحليين، فلا هو أعلن انسحابه من الحرب ومن مساندته للرياض وأبوظبي واتجه بدلاً من ذلك لمد يده لخصمه المحلي “الحوثي”، ولا هو الذي حمل السلاح بوجه التحالف للدفاع عن نفسه وللحفاظ على كرامته وعلى بقائه مستقبلاً، ولا قبل التحالف به كمنفذ لأجندته داخل اليمن كما هو الحال مع تيار المؤتمر الموالي لأبوظبي أو الانتقالي الجنوبي.