ثاني تحقيق صحفي من داخل المخا يكشف تفاصيل المهمة التي أوكلتها أبوظبي لطارق صالح ومن هم ضحيتها؟

التحالف يستبدل أدواته بالساحل الغربي.. النتيجة مصير مأساوي لمن قاتلوا مع التحالف

المساء برس – تقرير: يحيى محمد|

نشرت صحيفة “اليمن” الصادرة من صنعاء والمهتمة بالتحليلات السياسية والاستراتيجية، تحقيقاً أجرته مصادر الصحيفة من الساحل الغربي لليمن، كشفت فيه أن حالة التوتر في المخا جنوب غرب الساحل تزداد يوماً بعد آخر بين قوات طارق صالح قائد ما يعرف بـ”المقاومة الوطنية المشتركة في الساحل الغربي” من جهة وقوات ألوية “العمالقة” من جهة مقابلة وهذه الأخيرة عبارة عن مجاميع من السلفيين المتشددين يقاتلون بصفوف التحالف أنشأتهم الإمارات منذ 2016 قبل انخراط طارق صالح وينضم للقتال مع أبوظبي بالساحل الغربي، العمالقة أيضاً وعلى الرغم من تبعيتها لأبوظبي إلا أنها رفضت الانضمام لإدارة طارق ضمن “المقاومة المشتركة”، هذا من جانب، ومن جانب آخر ظهر صراع بين طارق وقوات “المقاومة التهامية”.

في عدد سابق كانت الصحيفة قد أجرت تحقيقًاً من داخل المخا، وكان “المساء برس” قد أعاد نشر هذا التحقيق في حينه، حيث استطاعت الصحيفة الخروج بحصيلة من المعلومات الخطيرة تتضمن تفاصيل الصراع وتطوره بين الطرفين، وكشف التحقيق أن طارق صالح يبدو أنه حصل على ضوء أخضر من الإمارات للتخلص من ألوية العمالقة والمقاومة التهامية أو القيادات والأفراد الرافضين الانضمام تحت إمرته.

وكشف التحقيق أيضاً أن من بين الوسائل والأساليب التي استخدمها طارق لتصفية خصومه، تعبئة إطارات الأطقم الخاصة بألوية العمالقة بالغاز المنزلي بدلاً من الهواء داخل ورش الصيانة العسكرية التابعة لما يعرف بـ”المقاومة المشتركة” في مدينة المخا والتي تخضع لمهندسين يتبعون طارق صالح بعضهم كانوا ضباطاً في جهازي الأمن القومي والأمن السياسي بصنعاء في عهد نظام صالح.

مؤخراً ظهر الصراع جلياً في مدينة الخوخة جنوب الحديدة، بين طارق والتهامية والذي كشف مدى هشاشة قوات “حراس الجمهورية” التي خسرت أحد أكبر معسكراتها بعد هجوم لمجاميع من المقاومة التهامية، بقيادة احمد الكوكباني الذي استطاع السيطرة على معسكر اللواء الرابع لما يسمى “حراس الجمهورية”.

التفاصيل الحقيقية لما حدث في الخوخة وأسباب الصراع

الصحيفة حصلت على تفاصيل جديدة بشأن الصراع الدائر بين طارق والعمالقة والذي توسع ليشمل “المقاومة التهامية”، ففي الخميس الماضي أفادت مصادر محلية أن قوات تابعة لطارق صالح حاصرت مقر اللواء الأول مقاومة تهامية الذي يقوده احمد الكوكباني، وكان المطلوب لرفع الحصار، تسليم الكوكباني لنجله “شعيب” الذي تتهمه قوات طارق بقتل أحد أفرادها ويدعى محمد أبو لحوم في سوق القات بمدينة الخوخة جنوب غرب محافظة الحديدة.

المعلومات الواردة أفادت أن اشتباكات وقعت بين قوات الطرفين في الخوخة وأدت لسقوط قتلى وجرحى من الجانبين، رغم ذلك أصرت قوات طارق صالح على ضرورة تسليم الكوكباني لنجله.

وبالتوازي عملت الخلايا الإعلامية لطارق صالح على نشر معلومات، لا يعرف مدى صحتها، تفيد بأن نجل الكوكباني متهم بممارسة اعتداءات على المواطنين بما فيهم الصيادين والتجار، وقال أحد المغردين من أتباع طارق صالح إن “شعيب احمد الكوكباني يرتكب جرائم بحق المواطنين في الساحل الغربي ويقوم بفرض اتاوات على التجار وينهب الاموال من المزارعين مستغلاً نفوذ والده العميد احمد الكوكباني قائد اللواء الاول مقاومة تهامية”.

المطالبة بالكوكباني استمرت من قبل قوات ما يسمى “حراس الجمهورية” بضغط من طارق صالح نفسه، الأمر الذي دفع بمحافظ الحديدة التابع للتحالف والمحسوب على الإصلاح، حسن طاهر للضغط على الكوكباني لتسليم نجله إليه، وهو ما حدث بالفعل، حيث أفادت المصادر أن “طاهر” تسلم نجل الكوكباني “شعيب”، ولا يعرف ما إذا كان قد قام طاهر بتسليمه لطارق صالح أم سلمه لقائد أحد ألوية العمالقة الآخرين، حيث أفادت معلومات أن طاهر قام بتسليم نجل الكوكباني لأحد قادة ألوية العمالقة الآخرين من غير الموالين لطارق صالح، ولا تزال هذه المعلومات محل شك، خاصة وأنه لا يزال من غير المعروف حتى اللحظة ما إذا كان محافظ الحديدة لا يزال يعمل لصالح حزب الإصلاح أم أن الرجل بدأ يتماها مع مهمة طارق صالح وينحاز إليه.

ولعل ما يرجح هذه الفرضية، هو ما حصلت عليه “اليمن” من معلومات من مصادرها بالساحل الغربي تفيد بأن طاهر رفع في ديسمبر الماضي بمذكرة لـ”علي محسن الأحمر” يشعره فيها بأن قائد اللواء الأول مقاومة تهامية أحمد الكوكباني يرفض تسليم أمن مديرية الخوخة، ومن تلك اللحظة بدأت التوترات والمشاحنات بين طارق والكوكباني تتصاعد تدريجياً، الأمر الذي يعني أن “المقاومة التهامية” دخلت على خط الصراع بين طارق صالح وباقي قوات الساحل الغربي التابعة للتحالف السعودي الإماراتي.

الأهم من كل ذلك، هي المعلومات التي أوردتها الصحيفة والتي تفيد بأن قصة الكوكباني والصراع الدائر بينه وبين طارق صالح، لم تكن قضية نجله إلا وسيلة فقط للضغط عليه ومحاربته من قبل طارق صالح الذي – فيما يبدو – حصل على ضوء أخضر من الإمارات لإخراج أي قوات أو قيادات من الساحل الغربي أظهرت تمردها ورفضت التوجيهات التي وصلتها من الضباط الإماراتيين المتواجدين في المخا حتى الآن ومن ذلك أيضاً رفضها الانصياع لطارق صالح والتسليم بقيادته لها.

توسع نطاق الصراع في الساحل الغربي بين أدوات أبوظبي

حالياً يحارب طارق صالح كلاً من: “المقاومة التهامية” و”ألوية العمالقة” وبعد تعيين أبوظبي لطارق قائداً لما يسمى “قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي” وضم جميع القوات من مقاومة تهامية وعمالقة وحراس الجمهورية تحت قيادته، رفضت العمالقة الخضوع لهذا القرار في حين بقيت قيادة المقاومة التهامة متحفظة على موقفها وحاولت مجاراة الوضع، لكن تبين في وقت لاحق أن عملية الضم لم تكن إلا خطوة أولى لبدء تصفية المقاتلين السابقين واستبدالهم بأتباع طارق صالح بناءً على اعتبارات مناطقية بحتة.

وثيقة تكشف مستجدات الصراع بين العمالقة وطارق

خلال الأيام القليلة الماضية، تقول الصحيفة إنها حصلت على وثائق تؤكد تصاعد الصراع بين العمالقة وطارق وتصعيد الأخير محاربته واستهدافه للعمالقة بالفصل والإقصاء والاعتقالات والتصفيات الجسدية إما بشكل جماعي كما يحدث مع حركة الأطقم المفخخة أو بشكل فردي.

وفي رسالة رفعها ضباط وأفراد الوية العمالقة المسؤولين عن إدارة أمن المخا، تقدموا فيها بشكوى ضد صادق اليتيم قائد قطاع الأمن في القطاع الغربي من الساحل الغربي وجار الله القردعي وهذا الأخير هو القائم بأعمال مدير بحث المخا حيث عينه طارق في هذا المنصب خلفاً للمدير السابق التابع للعمالقة والذي تفيد المصادر بأنه تم توقيفه عن العمل ومن ثم اعتقاله.

وحسب المصادر فقد بدأت قصة استهداف العمالقة المتولين لأمن المخا بنقلهم مالياً وإدارياً من الإدارة العامة لألوية العمالقة إلى المقاومة الوطنية “المقاومة المشتركة بالساحل الغربي”، ليبدأ بعدها مسلسل “الإقصاء والتهميش والتغيير والاستحواذ” منذ أن تم تعيين “اليتيم” قائداً لقطاع الأمن.

صادق اليتيم أداة طارق لاجتثاث العمالقة

ووفق المعلومات فإن اليتيم، كان ضابطاً بجهاز الأمن القومي في صنعاء في عهد نظام صالح، وقبل عامين كان اليتيم مسجوناً في شرطة المخا بتهمة أنه “متحوث” حيث كان يشغل نائب مدير أمن المخا سابقاً وظل بهذا المنصب حتى سيطرت قوات صنعاء على مدينة المخا، وبعد سيطرة التحالف على المنطقة عاد اليتيم إلى المخا وبقي محل شك بأنه يتواصل مع قوات صنعاء، وتشير المعلومات أيضاً أن اليتيم تم الإفراج عنه بضمانة ليعود بعد ذلك بقرار من طارق كقائد لقطاع أمن الجزء الغربي من الساحل الغربي.

ومن المهام التي أوكلت إلى صادق اليتيم، إنشاء سجون سرية في المخا وجنوب غرب الحديدة، وحسب مصادر “اليمن” فإن عدداً من الأفراد والضباط الجنوبيين الرافضين للانخراط تحت قيادة طارق معتقلون في هذه السجون التي أنشئت قريباً بإشراف مباشر من صادق اليتيم وبتوجيه من طارق وضوء أخضر من الإمارات.

فصل 86 ضابط وجندي جنوبي من المخا دفعة واحدة

حالياً يقوم “اليتيم” بتعسف واستهداف ضباط وأفراد ألوية العمالقة والقوات التي تتبع القيادي الجنوبي السابق هيثم قاسم، كما تشير المعلومات أن من يتم إقصاؤهم وإبعادهم من الساحل الغربي من العمالقة أو المقاومة التهامية يتم استبدالهم بآخرين من الأمن المركزي التابعين لقائد الأمن المركزي سابقاً في عدن عبدالحافظ السقاف، وكشفت المعلومات التي وردت بتحقيق صحيفة “اليمن” قيام اليتيم بفصل 78 فرداً و8 ضباط من إدارة أمن المخا دفعة واحدة واستبدالهم بأمن مركزي موالين لطارق كانوا يتبعون عبدالحافظ السقاف.

شهادات من داخل صفوف العمالقة تكشف مصير من قاتلوا مع أبوظبي بالساحل الغربي

وأوردت الصحيفة شهادات لعدد من الضباط والأفراد في الساحل الغربي التابعين للتحالف والتي تفيد بقيام صادق اليتيم بقطع “نصف الصرفة اليومية عن الضباط”، بالإضافة إلى استفزاز الأفراد والضباط من خلال إجبارهم على أخذ دورات تدريبية على الرغم من أنهم يقاتلون بالساحل الغربي منذ 3 سنوات في حين من يجبرهم على خوض هذه الدورات ضباط جدد يتبعون طارق صالح، وهو ما استفز الجنوبيين بشكل كبير.

وكشفت الشهادات قيام قيادة طارق بقطع مخصص البترول للمنتمين للعمالقة بإدارة أمن المخا وفي أحسن الأحوال (تخفيض المخصص من 7 آلاف لتر إلى 3 آلاف لتر فقط) بالإضافة إلى التحكم بكروت الصرف التي باتت تصرفها قوات طارق.

وأضافت المصادر قيام قيادة قوات طارق بتوقيف عدد من الضباط بهدف استفزازهم فقط ودفعهم للاحتجاج ومن ثم تلفيق أي تهمة ضدهم وزجهم بالسجون السرية التي أنشأها صادق اليتيم مؤخراً.

وحسب المصادر فإن قيادة قوات طارق تصف ضباط وأفراد ألوية العمالقة والمقاومة التهامية بالصعاليك والمليشيات، بقصد إشعارهم بأنهم غير نظاميين ورفضوا الانخراط بصفوف قوات “المقاومة الوطنية بالساحل الغربي”.

ومن مظاهر التعسفات التي تطال ضباط العمالقة بالساحل الغربي قيام قائد قطاع الأمن، بإيقاف أحد الضباط والتوجيه باعتقاله بذريعة أنه قام بالإفراج عن أحد الصيادين المعتقلين من أبناء المخا بتهمة التجسس لصالح الحوثيين، على الرغم من أن اليتيم في اليوم ذاته قام بالإفراج عن بقية الصيادين المعتقلين لديه وصرف لكل واحد منهم مبلغ 100 ألف ريال كتعويض عمّا طالهم من اعتقال وضرب، في حين قام الضابط بالعمالقة بأخذ ضمانة حضورية حين أفرج عن الصياد المعتقل لديه ورغم ذلك اتخذ اليتيم هذا الإجراء حجة لاعتقال الضابط الجنوبي.

وكشفت المعلومات تلقي ضباط وأفراد العمالقة تهديدات مستمرة بالفصل والطرد من إدارة أمن المخا، ونقلت مصادر “اليمن” عن صادق اليتيم أنه هدد قبل أيام من وصفهم بـ”المزوبعين” بإرسال كتيبتين من “المقاومة الوطنية” لـ”دعس الافراد والضباط المزوبعين” في إشارة إلى قوات العمالقة الجنوبية.

بالإضافة إلى ذلك تم إسقاط عدد من أسماء أفراد وضباط العمالقة من كشوفات الراتب، وتشير المعلومات أن أحد الضباط لم يستلم رواتبه منذ 6 أشهر بدوافع عنصرية حسب وصف المصادر.

وتصف المصادر إن القوة العسكرية التابعة لأمن المخا التابعين لألوية العمالقة وقعوا في الفخ بعد أن تم ضمهم مالياً وإدارياً لقوات طارق صالح.

إحلال سنحان وذمار بدلاً عن الجنوبيين

يقول أحد الضباط إن ما يتعرض له أفراد وضباط العمالقة هو اجتثاث بكل ما تعنيه الكلمة، مشيراً إن الهدف من ذلك هو إحلال طارق صالح لأفراد ينتمون لسنحان وذمار، واصفاً ما يحدث لهم بأنه “تجاوز لكل تضحياتهم التي قدموها من باب المندب وذباب والعمري وحتى المخا”.

قد يعجبك ايضا