ما دلالة تصريحات السفير السعودي بشأن الغارات الأخيرة على صنعاء والحديدة والاتصالات مع صنعاء؟
صنعاء – المساء برس|
بعد خمس سنوات من الحرب على اليمن وفرض الحصار البحري والبري والجوي تأتي السعودية اليوم – قائدة التحالف العسكري على اليمن – لتتحدث وتبرر هجماتها الأخيرة التي استهدفت بها العاصمة صنعاء وتحاول التأكيد على أنها لا تريد التصعيد العسكري بهذه الهجمات، بل تبلغ صنعاء بشكل مباشر بأنها لا تقصد بهذه الغارات التصعيد العسكري.
ما حدث هو أن السعودية حرصت كل الحرص على أن تقنع صنعاء بأن الغارات التي شنتها ظهر أمس الأول الإثنين على العاصمة صنعاء ومحافظة الحديدة، فلماذا تحرص السعودية على إقناع صنعاء بأنها لا تريد التصعيد؟.
الجواب على ذلك وفق مراقبين محليين، هو أن الرياض كانت متخوفة جداً من أن تعتبر صنعاء هجمات الرياض عليها تصعيداً عسكرياً فتقوم هي بالرد على هذا التصعيد، معنى ذلك أن الهجمات الأخيرة التي شنتها صنعاء على الرياض والتي استهدفت العاصمة وكلاً من نجران وجيزان وعسير جنوب المملكة كانت موجعة بالفعل لدرجة أن الرياض سارعت إلى الاتصال بصنعاء لتهدئة الموقف بعد قصفها على صنعاء بـ20 غارة كانت جميعها على أهداف سبق أن ضربتها من قبل باستثناء استهداف اسطبل الخيول في الكلية الحربية شمال شرق العاصمة والذي ذهب ضحيته نفوق 75 خيلاً عربياً أصيلاً وجرح 27 خيلاً أخرى، بل واعتذار الرياض بشكل رسمي لصنعاء عن استهداف اسطبل الخيول، ما يعني أنه كان من الواضح جداً أن الرياض كانت متأكدة من أن صنعاء سترد على هذا الاستهداف وأن الرد قد يكون أكثر وجعاً من الهجمات الأخيرة على الرياض وجنوب المملكة التي لم تكشف صنعاء عن تفاصيل “أهدافها الحساسة” التي ضربتها بالعمق السعودي.
في السابق لم تكن الرياض تصدر أي تعليق بعد ارتكابها أي جريمة إنسانية ترتكبها طائراتها في الداخل اليمني، فما الذي تغيّر الآن حتى تنقلب الآية وتحاول سراً وعلناً أن تبرر غاراتها الأخيرة باتصالات مباشرة مع صنعاء تتضمن تأكيداً أن هذه الغارات ليست تصعيداً وإنما فقط للرد على هجمات صنعاء الأخيرة من جهة واعتذاراً رسمياً بشأن نفوق الخيول العربية التي قصفت في الكلية الحربية، ليس ذلك فحسب بل ذهبت الرياض إلى ما هو أبعد حيث لم تكتفِ بالتحدث سراً مع صنعاء بل دفعت بسفيرها لدى اليمن للتصريح لوسيلة إعلام غربية يكشف فيه بأن الرياض تواصلت بصنعاء وأكدت لها أنها لا تريد التصعيد العسكري وأنها أبلغت صنعاء أن هذه الغارات هي فقط رداً على هجمات الرياض وجنوب المملكة.
يبدو أن الرياض تتخوف بشكل كبير من أي رد عسكري يمني.. ألهذه الدرجة أصبحت الرياض تخاف من صنعاء؟!، يقول مراقبون: نعم إلى هذه الدرجة وأكثر، فالوضع أصبح مختلف تماماً بعد أن استطاعت صنعاء تطوير قدراتها العسكرية واستطاعت الحصول بأي شكل على تقنيات تكنولوجية عسكرية مكنتها من تصنيع أسلحتها الاستراتيجية بنفسها.
السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر قال في تصريحه لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن بلاده ترغب بوقف شامل لإطلاق النار في اليمن إذا رغب الحوثيون، وقال بأن الغارات الأخيرة على صنعاء ليست تصعيداً ضد الحوثيين وقواتهم، وأضاف إن هناك اتصالات يومية مع صنعاء منذ الهجوم على منشآت أرامكو في سبتمبر 2019 وأن هذه الاتصالات مستمرة حتى اليوم، بل ذهب السفير إلى القول إن الرياض مستعدة لرعاية اتفاق بين الحوثيين وخصومهم، فلماذا تعمّد آل جابر كشف كل هذه المعلومات التي تتضمن استصغاراً لبلاده وقدرتها العسكرية بوجه الحوثيين والقوات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء؟
المعروف أن الرياض لا تملك قرار وقف الحرب، فواشنطن هي صاحبة القرار الأول والأخير بهذا الشأن، ولهذا اختار السفير السعودي بتوجيهات من قيادته في قصر اليمامة أن يصرح لواحدة من أكبر الصحف الأمريكية ويكشف هذه المعلومات، الهدف من ذلك هو إشعار واشنطن بأن الرياض لم تعد قادرة على الاحتمال وأنها تسعى لوقف الحرب، ليس ذلك فحسب بل تريد الرياض أن تطلع الرأي العام الأمريكي أنها تريد وقف الحرب وتضع الإدارة الأمريكية أمام مستجدات وتطورات جديدة فوق الطاولة وليس تحتها، إذ كان بالإمكان أن تبلغ الرياض ما تريد للبيت الأبيض بشكل سري من دون اللجوء لوسائل الإعلام الأمريكية.