ما الذي تفوق به الحوثيون على باقي محور المقاومة.. “قنديل” يقدم ثلاثة أبعاد رئيسية أثبتها اليمنيون طوال 5 أعوام
المساء برس – رصد: يحيى محمد|
قدم المفكر والمحلل السياسي الاستراتيجي ناصر قنديل قراءة مختصرة لخلاصة خمسة أعوام من الحرب على اليمن من قبل التحالف السعودي الإماراتي المدعوم غربياً، كشف خلالها أن اليمنيين – بقيادتهم الحالية الممثلة بالحوثيين – تحولوا إلى قوة إقليمية باتت تعمل على صياغة الجغرافيا السياسية والعسكرية للمنطقة واستطاعوا أن يتفوقوا ويفعلوا ما لم يستطع فعله أي طرف من أطراف محور المقاومة بما في ذلك إيران.
وقال البرلماني السابق في لبنان، إن الحرب على اليمن لم تكن لتحدث لولا الرغبة والقرار الأمريكي المباشر، لافتاً إن من الخطأ اعتبار أن الحرب في اليمن هي بين (اليمن والسعودية) أو بين أنصار الله والسعودية، مستدلاً على ذلك بالقول إن قرار أي حرب في المنطقة تتخذه أمريكا بدءاً من حرب تموز الإسرائيلية على لبنان في 2006 ومروراً بالحرب الإسرائيلية 2008 و2009 على غزة.
وقال قنديل إنه “في اليوم الذي تم فيه التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق النووي الإيراني، ومُنح هذا الاتفاق 4 أشهر حتى يتم التوقيع النهائي عليه في 30 حزيران، منذ التوقيع الأولي للاتفاق بدأت في 26 آذار الحرب على اليمن في نفس التوقيت، وذلك لأنه كان المطلوب أن يجري إنضاج الاتفاق بصيغته النهائية على قاعدة تقديم المثال والنموذج للقدرة على كسر وسحق قوى المقاومة وكانت المهمة التي كُلف بها محمد بن سلمان هي أن يسحق المقاومة في اليمن”.
اليمن بوابة مضيق باب المندب
وأضاف قنديل إن مهمة بن سلمان في اليمن كانت لصالحه لكنها قبل ذلك كانت لصالح إسرائيل ولصالح أمريكا قبل الجميع، لافتاً إلى أن “اليمن هو بوابة مضيق باب المندب، وبوابة البحر الأحمر، ما يعني أنه أهم من مضيق هرمز، بالنفط الذي يخرج من هرمز بعضه يذهب إلى شرق آسيا (الصين واليابان) لكن ما يعني أمريكا بصورة أساسية هو النفط الذي يذهب إلى أوروبا وبوابة العبور إلى أوروبا تمر من مضيق باب المندب، فإذا سيطرت إيران على مضيق هرمز يريد الأمريكي أن يبقي يده على العنق الأوروبي قادر أن يتحكم بمستقبل أوروبا من مضيق باب المندب من بوابات البحر الأحمر”.
كَسْرُ اليمن كحل أخير بعد الفشل في ضرب المقاومة في سوريا ولبنان وفلسطين
وقال النائب اللبناني السابق “قنديل”، إن الأهم في هذه القراءة للحرب على اليمن هو أن المحور الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة عندما فشل في كسر المقاومة في لبنان وبعد ذلك في غزة ثم في محاولته تبديل الوضع في سوريا وتحويلها من دولة بمحور المقاومة إلى دولة حليفة للمحور الغربي الإسرائيلي “راهن المحور الغربي على أن الحصار وعدم وجود عمق جغرافي وعدم وجود إمكانات عسكرية لليمن وضعف الخبرة القتالية كما كان يعتقد التحالف، راهن التحالف بأن هذه العوامل سوف تتيح له فرصة لتنفيذ عملية عسكرية أقصاها 6 أسابيع لسحق ركن من أركان محور المقاومة تمثله حركة المقاومة في اليمن”.
استرداد زمام المبادرة.. واليمنيون فعلوا مالم يستطع فعله أي طرف آخر بمحور المقاومة بما في ذلك إيران
يقول المحلل السياسي الاستراتيجي ناصر قنديل إنه ومع مرور سنة خامسة من الحرب على اليمن، “نقرأ اليوم استرداد محور المقاومة لزمام المبادرة ودعونا نقول وبصراحة أنه لا في لبنان في حرب تموز ولا في سوريا في مجمل المواجهة العامة ولا في العراق في المواجهة مع الأمريكان ولا في فلسطين في مواجهة إسرائيل ولا في إيران في الاشتباك مع الأمريكيين، لا توجد ساحة من ساحات المقاومة تمكنت من أن تنتج ماهو أعلى من مستوى الردع وماهو أعلى من مستوى منع مبادرة الطرف الآخر للحرب إلا في اليمن، في اليمن بات زمام المبادرة بيد قوى المقاومة، فمستقبل الأمن السعودي الآن بيد قوى المقاومة، أي أن الذي يبادر من أجل وضع مستقبل الأمن السعودي على الطاولة هو اليمن، المقاومة في فلسطين ولبنان تقدر على فعل هذا لكنها تفعله دفعاً، لكن في اليمن العكس فالمقاومة اليمنية تفعل ذلك ليس دفعاً وإنما لصياغة مستقبل الخليج، والخليج هو قلب النفط العالمي، وقبلة الأعين الأمريكية والغربية على الدوام، وبالتالي عندما تدخل قوة من قوى المقاومة من هذه البوابة الواسعة والعريضة في صياغة مستقبل الخليج فهي تدخل على مستقبل المنطقة ومستقبل العالم”.
ماذا يعني التفوق على الخصم رغم الحصار والعقوبات المفروضة
يرى ناصر قنديل إنه لم تتعرض بلد في العالم لحصار خانق من كل مكان براً وبحراً وجواً ولمدة 5 أعوام وإلى جانب الحصار عقوبات لم يسبق لها مثيل، مثل الذي تم فرضه على اليمن والشعب اليمني من قبل التحالف السعودي المدعوم أمريكياً.
لافتاً إلى أن قدرة اليمنيين على الصمود والمواجهة بل والتفوق على الخصم في ظل الحصار والعقوبات بالطريقة التي فُرضت على اليمن تؤكد أن نظرية الحصار والعقوبات على الخصم لا تنفع وغير مجدية إذا كان هناك إرادة من القيادة ومن الشعب في المواجهة والصمود، مضيفاً “هذا التجانس والتناغم بين القيادة والشعب في اليمن يمكن قراءته من خلال المظاهرات التي كانت تخرج باستمرار بحشود هائلة تضامناً مع فلسطين، وما نجده من تحمل جماعي لشظف العيش من معاناة يومية وفقر وجوع ونقص الدواء ونقص الحيلة في مواجهة تحديات الحياة”.
تجربة مبدعة.. ينتجون المزيد من الأسلحة رغم ما يحدث
رغم ما فُرض عليهم من حصار وعقوبات ورغم الحرب التي تُشن عليهم والجيوش التي حشدت لكسرهم، يقول البرلماني اللبناني السابق “رغم ذلك إلا أن اليمنيون لا يزالون صامدون، بل إنهم يبدعون، ينتجون المزيد من الأسلحة والمزيد من الخطط ويثبتون ويظهرون قدرة تكتيكية واستراتيجية استثنائية وكمثال على ذلك تكفي عملية أرامكو والعمليات العسكرية البرية الأخيرة التي ظهرت فيها الألوية والأفواج والفرق السعودية وما سواها كيف تتلاشى وتتبدد تحت ضرباتهم”.
اليمن تتحول لقوة إقليمية تصيغ الجغرافيا السياسية والعسكرية في المنطقة
وأضاف قنديل في حديثه المصور والمنشور على قناته الرسمية باليوتيوب “نحن على موعد على كل حال، مع نقلات نوعية قريبة أعدكم بها إن شاء الله خلال أسابيع أو أشهر قليلة قادمة، سيكون زمام المبادرة في الجغرافيا بيد قوى المقاومة في اليمن، لليمن التحية لقيادتها وشعبها لكن هي مثال ونموذج على مجموعة من العناصر الجديدة في صياغة الجغرافيا السياسية والعسكرية لا أقول الإقليمية فقط بل ربما الدولية بعقل انفتاحي استثنائي يستطيع الآن أن يجد جسوراً لعلاقة مع روسيا والصين اللتان تخلتا عن اليمن في محطات كثيرة لصالح المشروع الأمريكي، وبالتالي هذه العقلية والقدرة والآلية والإمكانية في فرض الحقائق والوقائع ورسم السياسات تستحق في سنتها السادسة التي تبدأ انتظار المفاجآت”.