باحثون أمريكيون زاروا الجبهات في اليمن أكثر من مرة وقدموا تقريراً عن خيارات واشنطن بشأن تقدم قوات صنعاء

ترجمة خاصة – المساء برس|

اعتبر تقرير لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن التحولات التي طرأت على التوازن العسكري الذي وصفه التقرير بالمتزايد الهشاشة في اليمن منذ الربع الأخير للعام الماضي وحتى الآن، يؤكد أن السعودية لا تقدم الدعم الكافي على الخطوط الأمامية لمقاتلي الشرعية المتحالفين معها.

التقرير الذي أعده الباحثان الأمريكيان الكسندر ميلو وهو محلل الأمن الرئيسي في شركة استشارية رائدة في مجال المخاطر، ومايكل نايتس وهو زميل قديم في معهد واشنطن ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، واللذين قاما بزيارة إلى اليمن ودول التحالف أكثر من مرة وراقبا العمليات العسكرية في جبهات قتالية مختلفة داخل اليمن وعلى الحدود مع السعودية، أشار إلى أن الرياض في الوقت الذي لا تقدم فيه الدعم لحلفائها في الشرعية تفشل في الوقت ذاته في استكمال محادثات السلام غير المعلنة مع الحوثيين.

التقرير الأمريكي حذر من “عدم السيطرة على الحوثيين عسكرياً سيدفع باستمرار قواتهم في استخدام ترسانتهم العسكرية المتزايدة الحجم والمتطورة لشن المزيد من الهجمات واستغلال ضعف مقاتلي التحالف”.

ويعترف الباحثان العسكريان إن قوات صنعاء شنت هجمات ناجحة في الجوف ومأرب والضالع والبيضاء وصعدة، “وخلال هجوم صعدة طوقوا عناصر من ثلاثة ألوية تابعة للجيش اليمني، وحاصروا وحدات من الحرس الوطني السعودي في منطقة كتاف وقتل ما يقارب من 200 عنصر من قوات هادي وأسر أكثر من 1300 جندي وتم أيضاً أسر عدد غير معروف من الأفراد السعوديين”.

ويشير التقرير إلى أن خسارة التحالف لجبهة نهم كانت خسارة فادحة وكبيرة، واصفاً إياها بأنها “معقلاً دفاعياً شديد التحصين”، مضيفاً بأن هذه المناطق أضيفت إليها مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف.

ويسرد التقرير الأمريكي عدة نقاط قال إنها لعملية تطوير عسكري متزايد لقوات صنعاء بدأ تنفيذها منذ نهاية ربع 2019:

التحول السريع لقوات النخبة بين جبهات مختلفة:
يقول التقرير إن المعلومات والتقارير الميدانية العسكرية التي يتم الحصول عليها من قوات التحالف وقوات الشرعية تشير إلى أن قوات صنعاء تقوم بنقل كوادر محدودة من القادة التكتيكيين ومقاتلين من الصف الأول ومستشارين من حزب الله اللبناني وأسلحة خاصة يجري تحويلها من نقطة هجوم إلى أخرى.

زيادة استخدام الضربات الصاروخية الدقيقة وضربات الطائرات المسيرة:
يعترف التقرير هنا بدقة الإصابة للصواريخ الباليستية اليمنية التي يتم تصنيعها داخل مراكز أبحاث الصناعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في صنعاء، ومنها حسب وصف التقرير “صواريخ تكتيكية دقيقة بعيدة المدى مثل بدر 1P وطائرات بدون طيار متفجرة تكتيكية تم إطلاقها مراراً وتكراراً على أهداف للقيادة العسكرية الموالية للتحالف بداية هجمات الحوثيين”، ورصد التقرير الأمريكي أن مثل هذا الهجوم التكتيكي الذي يبدأ باستهداف مقرات القيادة ومن ثم الهجوم البري، تكرر على الأقل 9 مرات في مأرب والجوف منذ يوليو العام الماضي، ويضيف التقرير “مع توجيه ضربات دقيقة على موقع محافظ مأرب سلطان العرادة ووزير الدفاع محمد المقدشي الذي أصيب بجروح طفيفة ويبدو أن الدفاعات الصاروخية السعودية لم تبذل أي جهد للتصدي لهذه الضربات”.

استغلال التصدع في العلاقات القبلية:
في هذا الشأن يقول التقرير إن قيادة سلطة صنعاء وقواتها “تمكنت على نحو يعكس مهارتهم في رصد توزع الجنود في ساحات القتال في اليمن، من تشتيت المليشيات المتحالفة مع الشرعية والتحالف بشكل فعال أثناء الهجمات التي شنتها قوات الحوثي في البيضاء ومأرب والجوف وحجة”.

تعزيز الدفاعات:
يقول التقرير إن قوات صنعاء عززت من دفاعاتها ومكاسبها “الإقليمية الداخلية” الجديدة بسرعة عبر حقول ألغام تكتيكية، الأمر الذي أحبط هجمات التحالف.
كما زعم التقرير إن عمليات الاعتراض الأمريكية للسفن المتجهة إلى اليمن عن دعم حيوي لتعزيز الدفاعات العسكرية لقوات صنعاء، زاعماً إن من ضمن هذا الدعم “أنواع جديدة من الصواريخ المضادة للمروحيات إيرانية الصنع وصواريخ مضادة للطائرات ومخزونات كبيرة من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات”.

تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قدم حلولاً لوقف توسع قوة الجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء، ومنها ما وصفه التقرير في عنوان فرعي بـ”إحداث شقاق بين الحوثيين وإيران”، حيث قال التقرير إنه “على الرغم من أن الولايات المتحدة ليست طرفاً مقاتلاً في الحرب” – وهو ما سبق وأكد مسؤولون أمريكيون عكسه بشأن المشاركة الفعلية للقوات الأمريكية في الحرب على اليمن – يقول التقرير رغم أن واشنطن ليست طرفاً في الحرب إلا أن لديها مصلحة قوية في إضعاف العلاقات المتنامية بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني وحزب الله.

وأضاف التقرير إن على واشنطن تجميد الخطوط الأمامية العسكرية والدقة في محادثات السلام، فمن وجهة نظر الباحثين المعدين للتقرير فإنه وبما أن القتال في اليمن قد وطد الروابط بين الحرس الثوري الإيراني وصنعاء فمن مصلحة أمريكا الاستراتيجية إنهاء الحرب، لكن التقرير اشترط على واشنطن ألا يكون إنهاء الحرب بانتصار الحوثيين، ولتحقيق ذلك يقدم التقرير توصية مفادها أن على الولايات المتحدة مواجهة من وصفهم التقرير بـ”المتشددون الحوثيون الذين سيتبنون موقفاً أكثر تعنتاً إذا استمروا في عدم دفع أي ثمن لهجماتهم المنتظمة الناجحة على خصومهم”، داعياً الولايات المتحدة لوقف ذلك إلى بذل قصارى جهدها للتعجيل بالدبلوماسية السعودية وإبطاء التقدم العسكري للحوثيين.

ويقترح التقرير الأمريكي أن على الإدارة الأمريكية الإلحاح على الرياض ومعها لصياغة عرض ورؤية تقدم للحوثيين، هذا العرض – وفق التقرير – “يطالب الحوثيين بالحد من علاقاتهم مع إيران بشكل كبير”، في مقابل ذلك تقدم السعودية تعويضات حقيقية للحوثيين على شكل: تعويضات غير ملموسة (الاحترام والاعتراف بهم وطمأنتهم) وتعويضات ملموسة (إعادة الإعمار ووقف إطلاق النار) على حد سواء “.

ويضيف التقرير إن على واشنطن أيضاً أن تضغط على السعودية لإعادة تفعيل دعمها الجوي لقوات الشرعية من الناحيتين التغطية الجوية بالطيران والضربات المدفعية على الخطوط الأمامية للمواجهات بين الطرفين، مشيراً إلى أن ذلك يمكن أن يساعد من تجميد تقدم الحوثيين وإعادة الاعتبار لقوات هادي المنهار.

وتأكيداً لما سبق ونشره “المساء برس” في وقت سابق بشأن وجود تفاهمات بين السعودية والإمارات بشأن عودة قوات أبوظبي إلى مدينة مأرب، يقول التقرير الأمريكي إنه يتطلب من السعودية تجديد الدور الذي كانت تلعبه الإمارات ومنها “تعزيز الحملة الجوية وتعزيز الدفاعات الجوية للتحالف باستخدام أنظمة صواريخ باك 3 من الدرجة الأولى في مأرب”، وهي المنظومات التي كانت تنشرها أبوظبي قبل أن تقوم بسحبها حين انسحبت من مدينة مأرب.

ويبدو أن التقرير الأمريكي لم يتم إتاحة للنشر إلا بعد أن باشرت واشنطن تنفيذ التوصيات التي وردت في التقرير الذي أعده خبيران عسكريان أمريكيان سبق أن زارا جبهات القتال في اليمن أكثر من مرة، ويتضح ذلك من خلال تطابق ما ورد من توصيات في التقرير مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن مؤخراً ومنها التفاهمات السعودية الإماراتية بشأن إعادة أبوظبي وقواتها إلى مأرب، وأيضاً وصول قوات أمريكية وبريطانية إلى مدينة عدن قبل عدة أيام بقوام 450 جندياً، ووصول بارجتين أمريكيتين إلى بلحاف في شبوة وتم إنزال 10 مروحيات بلاك هوك و4 منظومات باتريوت و110 من المارينز وغرفة عمليات ميدانية، ومعدات عسكرية ثقيلة وعشرات المدرعات والآليات الأمريكية، حسب ما كشفته مصادر عسكرية يمنية رفيعة لـ”المساء برس” وتم نشر ذلك في تقارير سابقة هذا الشهر، بالإضافة إلى وصول قوات أمريكية إلى جزيرة سقطرى من وحدات المارينز استقبلتهم قوات إماراتية متواجدة في الجزيرة وتسيطر على مساحات ساحلية كمنطقة عسكرية مغلقة تمنع الاقتراب منها منذ دخولها سقطرى عام 2016.

قد يعجبك ايضا