صنعاء تبعث برسالة مشفرة للإصلاح في مأرب عبر افتتاحية إحدى صحفها الرسمية
صنعاء – المساء برس|
وجهت سلطة صنعاء رسالة مبطنة لسلطة مأرب وحزب الإصلاح المهيمن عليها، تتعلق بالمبادرة الأخيرة المعلنة من قبل صنعاء بشأن ترتيب الوضع مع مأرب وتجنيب اليمن سفك المزيد من الدماء، حيث ألمحت صنعاء أن هدف المبادرة هو مساعدة من تورطوا مع التحالف ممن لا يملكون قراراهم اليوم في مأرب من الخروج من عباءة الرياض تدريجياً وبدون أن ينصدموا عسكرياً مع التحالف.
سلطة صنعاء اختارت افتتاحية صحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم الجيش اليمني “قوات صنعاء” لتوجه الرسالة للإصلاح، حيث تحدثت الصحيفة عن أن من وقفوا مع التحالف السعودي الإماراتي ضد قوات صنعاء وجماعة أنصار الله، باتوا هم أول المدركين لحقيقة مشاريع الرياض وأبوظبي على اليمن، والتي وصفتها افتتاحية الصحيفة بـ”مشاريع وحشية قذرة”.
وأضافت الافتتاحية إن المؤيدين للتحالف السعودي رغم علمهم بحقيقة أهداف التحالف في اليمن إلا أنهم “لا يزالون يمضون فيها منفذين كل مشاريع الأمريكي والسعودي والإماراتي على الرغم من أنهم يعيشون النهايات الوخيمة التي تنتظرهم”.
رسالة صنعاء لمأرب والإصلاح تمثلت في تأكيد صنعاء على أن القيادة السياسية والعسكرية لا تزال فاتحة المجال أمام مأرب لتجنب المزيد من سفك الدم اليمني ولما فيه مصلحتي صنعاء ومأرب معاً ولما يدفع نحو تحقيق مصالحة وطنية شاملة تضم الجميع بما في ذلك من تورطوا مع التحالف السعودي، في إشارة إلى المبادرة التي أعلنتها صنعاء ووضعتها على طاولة الإصلاح وقيادة سلطة مأرب التي يقودها سلطان العرادة.
وأكدت سلطة صنعاء في افتتاحية “26 سبتمبر” أن المبادرات التي تقدمها أمام الطرف الآخر هدفها تطبيع الأوضاع تدريجياً، ومساعدة من تورطوا في العمل مع التحالف السعودي ولا يستطيعون حالياً امتلاك قرارهم، في أن يُخرجوا أنفسهم تدريجياً من تحت عباءة التحالف.
افتتاحية الصحيفة الرسمية العسكرية في صنعاء أعادت التذكير بالمبادرة الأخيرة المعروضة على مأرب والتي تمثلت في “فتح طريق صنعاء نهم مارب أمام كل المواطنين من أبناء اليمن وتشغيل محطة الكهرباء الغازية في مارب وإمداد المناطق المتضررة وعلى رأسها صنعاء والتعامل مع الثروات النفطية والغازية كحق للشعب اليمني وفي هذا كله مصلحة لكل أبناء الشعب اليمني بما فيهم من يرزح تحت الاحتلال ومرتزقتهم الذين ما زالت تحركهم الأموال النفطية المدنسة التي يرمي بها النظام السعودي الإماراتي لهم ثمن بيعهم وطنهم ودماء شعبهم”.
وأكدت صنعاء إنها تدرك طبيعة الوضع الذي تعيشه قيادات الشرعية والإصلاح في مأرب الخاضعة لسيطرة التحالف ومدى عدم قدرتهم على اتخاذ أي قرار، وبناءً على هذا الوضع فإن صنعاء تصيغ مبادراتها بالقدر الذي يمكن للطرف الآخر تنفيذه، حيث أوردت الافتتاحية “نعي أنهم لا يملكون قرارهم لكن عبر هذه المبادرات لعل وعسى أن يبدوا نوعاً من التمرد على أسيادهم ولو لمرة واحدة بعد أن تكشفت الأمور وتجلت لهم كحقائق ناصعة”.
تضيف صنعاء في رسالتها لمأرب، إن الطرف الآخر سواءً استجاب أم لم يستجب للمبادرة فإن صنعاء هي الرابحة، وذلك من خلال تحقيق المبادرة لهدفها الأدنى وهو إسقاط الحجة أمام الله وأمام الشعب بما في ذلك أبناء مأرب الخاضعين لسلطة مأرب الموالية للتحالف.
ويرى مراقبون إن من مصلحة سلطة مأرب الاستجابة لمبادرة صنعاء، خاصة وأن المبادرة لا تحمل أي مكاسب لأنصار الله حيث تصب المصلحة التي تتضمنها المبادرة للمواطنين اليمنيين سواءً في مناطق سيطرة سلطة صنعاء أو في مناطق سيطرة سلطة مأرب، ولعل هذا – حسب ما يراه المراقبون – قد يكون المبرر أمام سلطة مأرب لقبول مبادرة صنعاء وتنفيذها، إذ من المتوقع أن يمنع التحالف سلطة مأرب من الاستجابة للمبادرة، وهنا يفترض على سلطة مأرب استغلال مسألة أن المبادرة لا تخدم الحوثيين تحديداً بقدر ما تخدم المواطن نفسه، وإذا كان كانت سلطة مأرب ذكيّة فعليها استغلال الفرصة التي قدمتها صنعاء لهم، أولاً من باب إبداء مأرب نوعاً من التمرد على التحالف ولكن بالقدر الذي لا تراه الرياض أنه تمرد واضح من قبل سلطة مأرب عليها، ثانياً من باب حفظ ماء الوجه لسلطة مأرب أمام مؤيديها ومؤيدي الشرعية في المحافظات الجنوبية ومحافظة تعز.
تدرك صنعاء أن سلطة مأرب تتخوف من التنسيق مع صنعاء خوفاً من أن تعتبر الرياض هذا التنسيق تمرداً عليها، كما أن صنعاء تدرك أيضاً أن سلطة مأرب تريد التنسيق مع صنعاء ولهذا اختارت صنعاء أن تساعد الطرف الآخر في تحقيق تنسيق مع صنعاء بالقدر الذي لا يقود إلى تصادم مباشر بين سلطة مأرب والتحالف، ويمكن القول إن القبول بالمبادرة يعني احتفاظ مأرب بالسلطة تحت عباءة الشرعية ولا مانع من التنسيق مع سلطة صنعاء تحت غطاء “المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب أولاً” وبهذا لن تكون سلطة مأرب قد وضعت نفسها في موقف صدامي مع التحالف كما تعتقد.