لماذا يُهدّد الحوثيون وحُلفاؤهم فجأةً باستِئناف الهجمات على السعوديّة والإمارات؟
-
عبدالباري عطوان – وما يسطرون – المساء برس|
لماذا يُهدّد الحوثيون وحُلفاؤهم فجأةً باستِئناف الهجمات على السعوديّة والإمارات؟ وما هي الأهداف “الحيويّة” و”الحسّاسة” التّسعة التي يستعدّون لضَربِها في البَلدين؟ وهل يشهد العام الجديد تصعيدًا على كُل الجبَهات.. وما هي الأسباب الحقيقيّة؟
تهديد العميد يحيى سريع، المُتحدّث العسكريّ باسم قوّات حركة “أنصار الله” الحوثيّة وحُلفائها، بتوسيع رُقعة أهدافها العسكريّة ليشمَل مراكز حيويّة، وحسّاسة، على طُول وعَرض جُغرافيا دول العُدوان، من ضِمنها ستّة أهداف بالغة الأهميّة في السعوديّة وثلاثة أُخرى في الإمارات، هذا التّهديد يعني للوهلةِ الأولى أنّ المُفاوضات السريّة التي بدأت في أيلول (سبتمبر) الماضي ربّما وصلت إلى طريقٍ مسدود، وأنّ التوتّر عاد إلى المُربّع الأوّل.
مِن الطّبيعي أن لا يُفصِح العميد سريع عن هذهِ الأهداف، وكيفيّة ضربها في البَلدين المذكورين، لأنّ هذا الأمر مِن الأسرار العسكريّة، ولكن ما يُمكِن استنتاجه بالقِياس إلى الهجَمات العسكريّة السّابقة لحركة “أنصار الله” وقوّاتها مِن المُتوقّع أن تكون مطارات ومُنشآت نفطيّة.
الهجَمات الثّلاث التي شنّتها الحركة على مُنشآت أرامكو السعوديّة وبدأت بضربِ مضخّات خط أنابيب شرق غرب قُرب الرياض، ثم مصافي النّفط في حقل الشيبة في الرّبع الخالي، وأخيرًا المُنشآت النفطيّة الأكثر أهميّةً لشركة أرامكو في بقيق وخريس، ومعامل التّكرير والفصل، هذه الهجمات غيّرت موازين القِوى في حرب اليمن، وكشفت ضُعف الإجراءات الأمنيّة الحمائيّة السعوديّة.
استِخدام 25 صاروخ كروز مُجنّح وطائرة مُسيّرة مُجنّحة لضرب مُنشآت أرامكو في بقيق وخريس كان الحدث الأخطر في عام 2019، لأنّ الهُجوم دفع السعوديّة إلى الحديث بشكلٍ مُباشرٍ إلى حركة “أنصار الله” الحوثيّة والاعتراف بها كقُوّةٍ شرعيّةٍ على أرض اليمن لا يُمكن التوصّل إلى اتّفاقٍ بُدونها، فهذا الهُجوم أدّى إلى فُقدان الثّقة ببطّاريّات صواريخ “باتريوت” والرّادارات الأمريكيّة التّابعة لها، وهي المَعدّات التي كلّفت عشَرات المِليارات من الدّولارات.
لا نعرف أين ستكون الضّربة القادمة في حال إعطاء الضّوء الأخضر لها، فالقيادة الحوثيّة عوّدتنا وغيرنا على المُفاجآت، ومن غير المُستَبعد أن تكون القادمة أخطر من الهُجوم على عصَب الصّناعة النفطيّة في بقيق، وهي الضّربة التي خفّضت إنتاج النّفط السعوديّ إلى النّصف.
والشّيء نفسه يُمكن قوله أيضًا عن الأهداف الإماراتيّة الثّلاثة، عُنصر المُفاجأة هُنا ربّما يكون أكبر، لسببٍ بسيط وهو أنّ الحوثيين لم يستَهدِفوا العُمق الإماراتيّ، ومُنشآته الحيويّة بأيّ هُجومٍ في السّابق، ومن غير المُستبعد أن تكون مصافي النّفط، وربّما محطّات الماء والكهرباء والمطارات من بين الأهداف.
السّؤال الذي يطرح نفسه هو عن أسباب إطلاق هذه التّهديدات، وتحديد الأهداف المُدرجة على قائمة الهُجوم في هذا الوقت بالذّات؟ هل طفَح كيْل الحوثيين من “مُناورات” قُطبيّ التّحالف في حرب اليمن؟ وهل تقدّم الحوثيون بطلباتٍ أثناء المُفاوضات السريّة رفضتها السعوديّة والإمارات، أم أنّ هُناك خطّة لمحور المُقاومة الإيراني اللّبناني العِراقي السوري بتسخين جميع الجبَهات مع مقدَم العام الجديد؟
لا نملك إجابات، ولكن ما يُمكن قوله إنّ هذه التّهديدات يجب أن تُؤخَذ بكُل جديّة، لأنّ حركة “أنصار الله” باتت أكثر تسليحًا، وإذا قالت فعلت.. واللُه أعلم.
المصدر: مقال منشور للكاتب في صحيفة “رأي اليوم” اللندنية