آخر تطورات اتفاق الحديدة.. مؤشرات تهدد بعودة انفجار الوضع عسكرياً بالساحل الغربي “تقرير”
الحديدة – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
لا يبدو أن هناك نوايا من قبل التحالف السعودي الإماراتي للمضي قدماً نحو إنجاز ما يمكن إنجازه بشأن اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة استئناف المفاوضات بين طرفي صنعاء والتحالف من خلال لجان التنسيق والمراقبة لدى الطرفين برعاية أممية عبر لجنتها برئاسة الجنرال الهندي أبهجيت جوها.
ذلك ما يبدو واضحاً من خلال مساعي طرف التحالف لإعادة جلسات المشاورات إلى نقطة الصفر، علماً أن الجلسة التي انعقدت مؤخراً على متن السفينة التابعة لبرنامج الغذاء العالمي الراسية بالمياه الإقليمية اليمنية قبالة الحديدة هي الجلسة السابعة التي تنعقد بين طرفي صنعاء والتحالف بمشاركة وإشراف اللجنة الأممية على مدى العام الجاري، ما يعني أن التحالف السعودي الإماراتي يريد إلغاء ما تم الاتفاق عليه والتوصل إليه خلال الجلسات الست السابقة والتي نتج عنها نشر نقاط مراقبة لدى مناطق سيطرة طرفي قوات صنعاء والقوات الموالية للتحالف السعودي.
مفاوضون بلا قرار.. ومقترح جديد لتنفيذ الاتفاق صنعاء توافق والشرعية تنتظر الإذن من الرياض
ووفقاً لمصادر تحدثت لـ”المساء برس” فإن الطرف الموالي للتحالف رفض المقترحات الجديدة التي قدمها رئيس فريق لجنة المراقبين الأممية الجنرال “أبهجيت” وهي مقترحات صيغت تحت عنوان “مفهوم العمليات الميدانية لتنفيذ إعادة الانتشار” في الحديدة بناءً على ما تم الاتفاق عليه في السويد، وبعد ذلك طلبت اللجنة الموالية للتحالف من الجنرال أبهجيت مهلة زمنية قالت إنها “للتشاور ودراسة المقترحات ومن ثم الرد عليها بعد عدة أيام” حسب المصادر، في حين تؤكد المصادر ذاتها إن طلب المهلة يشير إلى أن من يتفاوضون مع لجنة صنعاء ومع الأمم المتحدة – أي فريق الشرعية الموالي للتحالف – لا يملكون أي قرار بأيديهم وليس لهم حق اتخاذ أي قرار بالموافقة أو الرفض أو حتى المناقشة إلا بعد الحصول على إذن من التحالف السعودي الإماراتي “صاحب القرار الفعلي”، وهو ما يعد مؤشراً على أن جلسات المفاوضات ستكون متعثرة وستمتد لوقت أطول وأنه من الوارد جداً ألا تخرج بأي نتيجة في نهاية المطاف.
في حين لم يطلب فريق صنعاء في لجنة التنسيق أي مدة زمنية لدراسة المقترحات واتخذ الفريق قراره أثناء الجلسة وما بعدها، حيث وافق الفريق على تلك المقترحات بموجب التفويض الذي منحته سلطات صنعاء له وتكليفه بتمثيل صنعاء في لجنة التنسيق المشتركة.
من جانبها كشفت مصادر صحفية وسياسية مطلعة ومقربة من فريق صنعاء بلجنة التنسيق إن المقترح الذي قدمه رئيس لجنة التنسيق الأممية الجنرال أبهجيت جوها يتضمن ثلاث نقاط رئيسية تمثلت في إنشاء مركز قيادة متقدم يتبع لجنة تنسيق إعادة الانتشار يبدأ عمله قبل يومين من تنفيذ أول عملية إعادة انتشار وأن مهمة مركز القيادة الإشراف المباشر على إعادة الانتشار، وأيضاً تشكيل مجموعة من فرق التنسيق والارتباط لتنسيق عملية إعادة الانتشار بين الطرفين، وأيضاً خارطة طريق مزمنة ومحددة تتعلق بفتح الممرات الآمنة لإغاثة مديرية الدريهمي وسكانها المنكوبين بفعل الحصار العسكري المفروض من قبل قوات التحالف منذ أكثر من عام جنوب الحديدة، وكذا تخصيص الممرات الآمنة لتنقل المدنيين.
آخر أسبوعين تصعيد عسكري هو الأول من نوعه منذ استوكهولم
بالتزامن مع ما يصاحب أداء الفريق الموالي للتحالف السعودي من مماطلة وتأخير للوقت قدر المستطاع وبحجج مختلفة، كالتشاور ودراسة المقترحات، فإن تصاعد وتيرة التحركات العسكرية والهجمات التي شهدتها الحديدة من قبل القوات الموالية للتحالف السعودي الإماراتي منذ أكثر من 15 يوماً يُنبئ بأن ثمة نوايا للتصعيد العسكري ومساعي لتفجير الحرب من جديد في الحديدة واستئناف التحالف السعودي لشن الغارات الجوية باستخدام الطائرات المقاتلة وطائرات الدرون، علماً أن التحركات العسكرية للتحالف السعودي والقوات الموالية له في الحديدة لم يتوقف منها شيء إلا الغارات الجوية للتحالف، وعلى مدى العام الجاري استمرت عمليات القصف المدفعي والقصف بالرشاشات المتوسطة على أطراف مدينة الحديدة استهدفت منازل مدنيين ومنشآت تجارية خاصة أدت لمقتل وجرح أكثر من 700 شخص من المدنيين، كما استمر الحصار العسكري مفروضاً على مديرية الدريهمي بالكامل من قبل القوات الموالية للتحالف هذا بالإضافة إلى قيامها بشن هجمات عسكرية برية بشكل متقطع في حين اكتفت قوات صنعاء بالتعامل مع هذه التحركات بالتصدي لها ورصد الخروقات المنتهكة لاتفاق وقف إطلاق النار بالحديدة وتقديم ذلك على شكل تقارير يومية للجنة المراقبة الأممية وللمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وفق ما أكدته وزارة الدفاع بحكومة صنعاء في مؤتمرات صحفية سابقة.
ووفقاً لمراقبين فإن القيادة السياسية لصنعاء استطاعت أن تضع التحالف السعودي في مأزق أخلاقي وموقف محرج أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموماً، وذلك بعد أن قررت أن تُقدم على خطوات تنفيذية بشأن اتفاق السويد في الحديدة بشكل أحادي ومن دون أن تشترط على التحالف السعودي تنفيذ خطوات مماثلة وفق ما نص عليه اتفاق السويد، ومن ذلك على سبيل المثال، عملية إعادة الانتشار من موانئ الحديدة الثلاثة (الصليف، رأس عيسى، ميناء الحديدة) والتي كان يجب أن تتم مقابل أن يقوم التحالف بسحب قواته المنتشرة على الأطراف الجنوبية الشرقية لمدينة الحديدة، وهي خطوة أقرت بها الأمم المتحدة ورحبت بها، في حين لا يزال فريق التحالف السعودي يتخذها ذريعة لتأخير المفاوضات وإعادتها إلى نقطة الصفر بحجة أن قوات خفر السواحل وقوات الأمن المحلية التي تسلمت مواقع قوات صنعاء بعد انسحابها هي قوات تميل أكثر إلى سلطات صنعاء ولا تميل للشرعية رغم أن هذه القوات هي القوات المنتخبة والمعينة منذ العام 2014 وما قبله.
تصعيد سعودي إماراتي على المستوى الإعلامي
وعلى المستوى الإعلامي فإن الماكينة الإعلامية للتحالف السعودي الإماراتي وعلى رأسها (مواقع إخبارية جرى إنشاؤها منذ أواخر العام الماضي ومطلع العام الحالي بالإضافة إلى مجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وتليجرام وواتس اب) بدأت منذ نحو شهر تقريباً بالحديث عما تصفه بـ”الإنجازات والتقدمات العسكرية للتحالف في جبهة الساحل الغربي” حيث ركزت هذه الوسائل الإعلامية على تخصيص معظم موادها الإعلامية للساحل الغربي بشكل يشبه طبيعة التغطية الإعلامية أثناء ما كانت فيه جبهة الساحل الغربي تشهد أعنف المعارك وذروتها العام الماضي.
الرياض تنتظر الموقف الإسرائيلي
مع تصاعد الحديث الإسرائيلي بشأن الخطر الذي يتهدد الأمن القومي الإسرائيلي من جهة اليمن، وتهديدات المسؤولين الإسرائيليين التي تصاعدت بشكل لافت مؤخراً وعلى رأسها تهديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بضرب إيران في اليمن، حد زعمه، فإن مراقبون يرون بأن الرياض تنتظر الموقف الإسرائيلي النهائي مما إذا كانت ستكشف علناً عن مشاركتها في الحرب على اليمن وتوسع من هذه المشاركة أم لا، ولهذا فإن المراقبين لا يستبعدون أن تكون المماطلة السعودية بشأن تنفيذ اتفاق السويد في الحديدة على أرض الواقع نابعة من أن الرياض تنتظر من إسرائيل أن تشارك التحالف السعودي علناً في الحرب على اليمن وتحديداً المشاركة في عمليات عسكرية جوية وبحرية في جبهة الساحل الغربي اليمني، الذي يعد هدفاً استراتيجياً لإسرائيل منذ عقود.