جهود لتنفيذ «اتفاق الرياض»: العقبات على حالها
الأخبار – تحليل: لقمان عبدالله| متابعات – المساء برس|
على رغم الزخم والدعم الكبيرَين اللذين حظي بهما «اتفاق الرياض»، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع لا يزال يعترضه الكثير من العقبات والمطبّات، وخصوصاً أن الراعي السعودي تعمّد أن يترك لنفسه في الاتفاق مساحة واسعة من الانتقائية لاختيار ما يناسب أجندته وفق الظروف والمتغيرات السياسية والميدانية، ولم يَنْحُ إلى تحجيم نفوذ شريكه الإماراتي في ميناء عدن وجزيرة سقطرى. ويحاول سفراء ما يسمّى «الرباعية الدولية» (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، والإمارات) تذليل العقبات أمام تنفيذ الاتفاق، مُهدّدين الأطراف المعطّلين لذلك بعصا مجلس الأمن، لكن الأمور لا يبدو أنها تسير على ما يُرام.
يحصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» (الموالي لأبو ظبي) تفسيره للاتفاق بعودة رئيس الحكومة الموالية للرياض وعدد قليل من وزرائه إلى عدن، من دون منحهم صلاحية ممارسة مهامّهم، إلى حين تشكيل حكومة جديدة بعد 45 يوماً من توقيع الاتفاق. ومع أن المجلس حصر عمل تلك الحكومة بصرف المرتّبات، إلّا أنه في الوقت نفسه شنّ حملة سياسية وإعلامية عليها، مُحمِّلاً إياها مسؤولية البسط على الأراضي والاستيلاء على الممتلكات العامة والمساحات الخالية والمتنفسّات. وفي هذا الإطار، ترأس مساعد الأمين العام لهيئة رئاسة «الانتقالي»، فضل الجعدي، اجتماعاً موسعاً، اعتبر فيه أن «غياب الدولة شجّع هوامير الفساد ليس على البسط وحسب، بل وتزوير الوثائق كما هو حاصل اليوم». في المقابل، تتهم حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، «الانتقالي» بأنه المتسبّب في الوضع المزري الذي وصلت إليه عدن وبقية المدن والمحافظات الجنوبية، من جراء تمرّده وفسحه المجال أمام أنصاره للبسط على الأراضي العامة والخاصة والإخلال بالأمن والسكينة.
تريد السعودية أن يؤدي الاتفاق في مرحلة أولى إلى توحيد الجبهة الموالية لـ«التحالف»
أما التحدّي الأكبر الذي يواجهه «اتفاق الرياض»، فهو تنفيذ الشقّ العسكري منه، إذ ترى حكومة عبد ربه منصور هادي ضرورة دمج الفصائل المسلحة التابعة لـ«الانتقالي» والمموّلة من الإمارات والبالغ عديدها 90 ألف مقاتل ضمن التشكيلات العسكرية التابعة لقوات هادي، في حين يدعو «الانتقالي» إلى حفظ «الهوية الجنوبية» لتلك الفصائل، والإبقاء على هيكليتها الحالية، مع ترقيم الجنود ضمن «جيش الشرعية»، وهذا ما يرفضه الجانب السعودي. وتشكّلت، أوائل الأسبوع الحالي لجنة عسكرية برئاسة العميد أمجد خالد، المحسوب على «الشرعية»، مهمّتها الإشراف على تنفيذ الاتفاق بكامل بنوده العسكرية والأمنية، غير أن «الانتقالي» شنّ حملة محمومة على اللجنة، طالت في المقام الأول قائد «لواء النقل» التابع لـ«الحرس الرئاسي»، العميد أمجد خالد، الذي اتُهم بالانتماء إلى جماعة «الإخوان المسلمين» وممارسة الإرهاب. بالتوازي مع ذلك، يستمرّ التحشيد العسكري المتضادّ بين الطرفين. وفي هذا الإطار، عزّز «الانتقالي» وجوده في محافظة أبين، وتحديداً في قرية الشيخ سالم القريبة من مدينة الشقرة الساحلية، والتي يسيطر عليها المجلس منذ شهر آب/ أغسطس الماضي. وجاءت هذه التعزيزات بعد يوم واحد من وصول تعزيزات عسكرية لقوات هادي إلى مدينة عتق في محافظة شبوة.
على رغم كلّ ما تقدم، أمل الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، أن «يفتح اتفاق الرياض الباب أمام تفاهمات أوسع للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة وفقاً للمرجعيات الثلاث، يتيح للشعب اليمني العزيز استشراف مستقبل يسوده الأمن والاستقرار والتنمية». وتريد السعودية أن يؤدي «اتفاق الرياض»، في مرحلة أولى، إلى توحيد الجبهة الموالية لـ«التحالف»، ومن ثمّ – في مرحلة ثانية – أن يشكّل أرضية للتفاوض مع حركة «أنصار الله» في الشمال، وهو ما ترفضه الأخيرة. وينصّ الاتفاق، في أبرز بنوده، على عودة حكومة هادي إلى عدن، وتوحيد التشكيلات العسكرية كافة تحت سلطة وزارتَي الداخلية والدفاع، وتشكيل حكومة كفاءة بالمناصفة بين شمال اليمن وجنوبه.