صالح.. الرئيس الذي خدع شعبه وكشفته وثائقه بأنه “الرئيس الدمية”
-
زكريا الشرعبي – وما يسطرون – المساء برس|
يدرك اليمنيون حقيقة أن السعوديين يمضون خلف وصية مؤسس النظام السعودي عبدالعزيز ال سعود ، بأن عليهم ألا يسمحوا بيمن مستقر، ومستقل..وتنفيذ ملوك السعودية واحدا تلو الآخر لهذه الوصية بحذافيرها، غير أن تقرير صنعاء الرسمي الخاص بجريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وضعهم أمام حقائق جديدة، أبرزها ما عرضته الوثيقة الأمريكية لمراسلات بين الملحق العسكري السعودي في اليمن، صالح الهديان ، ومسؤول الملف اليمني في الديوان الملكي علي مسلم، وتأكيد هذه الوثيقة حرفيا..أن علي عبدالله صالح،الذي ألصق لنفسه من صفات التبجيل والوطني في سني حكمه، لم يكن في الحقيقة سوى “قاتل غادر”، ومجرد دمية وضعها الملحق العسكري السعودي في كرسي الحكم، لتدير المملكة اليمن من خلاله.
ما يجعل اغتيال ابراهيم الحمدي، أكبر من اغتيال لرئيس، هو أن الاغتيال كان للمشروع الذي وضع لبناته الرئيس،ففي حين كانت الجمهورية التي لطالما تغنى بها صالح كيافطة يمدد خلفها أذرع حكمه الدموية،قد عادت إلى حضن الملكية السعودية، وأصبحت الرياض تدير اليمن بما يسمى “اللجنة الخاصة، كفناء خلفي لا كبلد مستقل، نهض الرئيس إبراهيم الحمدي بحركة 13 يونيو التصحيحية لمسار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر واتجه نحو بناء مشروع اليمن المستقل الموحد ذو السيادة الكاملة، الذي يحتضن التنمية والاكتفاء الذاتي، ويحكم بالديمقراطية والتعددية، حتى أنه كان هو مؤسس حزب المؤتمر الشعبي العام الذي نسبه صالح لنفسه، وكان صاحب مشروع فرض السيادة على البحر الأحمر، وصاحب مشروع الوحدة،وصاحب مشروع بناء الجيش، وصاحب مشروع التعاونيات الزراعية، وصاحب الكثير من المشاريع التنموية والبنى التحتية في اليمن.
ولأن السعودية تعتبر التحرك لليمن كبلد ذا سيادة وتوجه تنموي ، أمرا محظورا ، قررت التخلص من الرئيس ابراهيم الحمدي، وتنصيب أحد أدواتها حاكما بأمر لجنتها الخاصة، فكان اغتياله بمثابة اغتيال للحلم اليمني، لمشروع التحرر والاستقلال، اغتيال للشعب اليمني بشكل كامل، فوأدت التنمية بعده، وتحول الشعب اليمني، إلى شعب من المغتربين والعاطلين عن العمل، إذ تذكر التقارير أن اكثر من 5 مليون مغترب في السعودية فقط، وهذه أيضا ورقة تستخدمها الرياض لتركيع اليمن، كما أن 80 % من سكان الجمهورية يعيشون تحت خط الفقر، وهذه النسبة وإن وإن كانت الحرب قد رفعتها إلا أنها تعود إلى زمن صالح ففي 2009 احتل اليمن رأس القائمة السلبية للدول التي تعاني من فقر مدقع، حتى أن دراسة لمؤسسة السلام الأمريكي قرعت جرس الانذار حينها وأشارت إلى «اختفاء احتياطات النفط والماء.. ورهط من المهاجرين الذين يُشتبه بأن لبعضهم ارتباطات بتنظيم القاعدة، وحكومة ضعيفة تزداد عجزا عن تسيير الأمور».
وأشارت إلى أن “عاصفة هوجاء حصادها الفشل تلوح الآن في أفق اليمن، وهناك كثيرون قلقون من أن يكون اليمن أفغانستان القادمة، فيخلق مشكلة عالمية مغلَّفة بدولة فاشلة”
في ذات العام أيضا وصفته منظمة الشفافية العالمية بأنه رابع أكبر دولة عربية في الفساد ولم يسبقه سوى الصومال والسودان والعراق، فيما أصبح ضمن أول 10 دول في الفساد على مستوى العالم، وضمن الـ 20 دولة فاشلة على مستوى العالم، والسادس عالميا، من حيث مستوى الخطر.
كل هذا كان على عكس ما أراده الحمدي لليمن، فرغم أنه لم يحكم سوى عامان وبضعة أشهرارتفعت مؤشرات النمو الاقتصادي اليمني إلى 10% ومستوى دخل الفرد ارتفع بنسبة 300%، لذلك
كذلك وإذ كان الحمدي قد اتجه للوحدة مع الجنوب على أسس راسخة، تجمع اليمن سياسيا وجغرافيا وشعبيا، لم تكن الوحدة التي تباهى صالح بتحقيقها سوى وحدة شكلية ويمكن القول أنها كانت لغما لم يلبث سو 4 سنوات من إعلانها حتى انفجر، مخلفا الكثير من المظلوميات.
وبينما كانت اليمن في عهد الحمدي منيعة من التدخلات الأجنبية، صارت أحد أكبر مسرح التدخلات والعمليات الأمريكية، وبينما كان قد اتجه للتنقيب عن الثروات وعلى رأسها نفط تهامة، جاء النظام الذي وضعته السعودية ليردم كل ما تم التنقيب عنه.
ليس هذا فحسب، فحتى الجيش الذي كان الحمدي قد أسسه على قواعد وطنية، جاء صالح ليرده إلى إقطاعيات له ولأصحاب النفوذ في نظامه، حتى إن كتيبة كاملة ووفقا لوثائق وزارة الدفاع كانت مكلفة بحراسة ضريح الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر.
لقد حرم اليمن برصاصات غادرة اطلقها النظام السعودي باصبعي صالح والغشمي على الرئيس الحمدي، من 40 عاما من عمره، كان يمكن أن يصبح فيها في مصافي الدول المتقدمة لا بلدا يعيش على منح الأجانب، ويستورد كل شيء، وتتوقف الحياة فيه لمجرد منع سفن المشتقات النفطية من الدخول إليه.
إنها لعنة النفط..ولعنة العمالة
-
المصدر: مقال للكاتب منشور في موقع الخبر اليمني