صنعاء تدفع بمكون الحراك الجنوبي للقاء غريفيث جوار المشاط ومعلومات جديدة بشأن المفاوضات السرية
-
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
التقت القيادة السياسية لسلطة صنعاء اليوم الإثنين بالمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث والذي وصل صنعاء أمس الأحد لبحث مستجدات سير العملية السياسية وسبل إنهاء الحرب على اليمن من قبل التحالف السعودي الإماراتي ومناقشة تطورات ملف الحديدة.
اللقاء الذي لم يستطع فيه غريفيث التحدث بكلمة واحدة للإجابة على تساؤلات سلطات صنعاء وما طرحته من معلومات سبق لغريفيث أن أكدها في إحاطات سابقة له أمام مجلس الأمن، شابه نوع من الانتقاد وإبداء الاستياء من قيادة صنعاء إذ أن المبعوث الأممي ظل مستمعاً لرئيس مجلس الرئاسة بصنعاء “المجلس السياسي الأعلى” مهدي المشاط والذي ذكّر غريفيث بالخطوات التي قدمتها صنعاء تأكيداً لدعمها للحل السلمي لوقف الحرب والدفع بعملية السلام وهي الخطوات التي كان يتم الإعلان عنها من جانب واحد ويتم تنفيذها دون أن يقوم التحالف بتنفيذ خطوات مماثلة، ومن ذلك على سبيل المثال الخطوة الأحادية التي أقدمت عليها سلطات صنعاء بسحب قواتها من موانئ الحديدة كبادرة حسن نية لتنفيذ اتفاق الحديدة بالإضافة إلى المبادرة أحادية الجانب بشأن وقف استهداف السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة على أمل أن تقوم السعودية بخطوة مماثلة، كما ذكّر المشاط المبعوث الأممي بخطوة الإفراج عن 350 أسيراً من أسرى التحالف الذين وردت أسماؤهم في كشوفات تبادل الأسرى في مفاوضات استوكهولم في ديسمبر العام الماضي والتي تمت من جانب صنعاء فقط في حين لم يقم التحالف بالإفراج عن أي أسير من الأسرى المتواجدين لديه.
المشاط ذكّر المبعوث الأممي أيضاً بأن التحالف لم يقدم على تنفيذ أي خطوة نحو تحقيق السلام في اليمن، مشيراً إلى أن التحالف ظل ممسكاً بالملف الإنساني كورقة حرب ومن ذلك استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي ورفض فتحه حتى أمام الجسر الجوي الطبي الذي اتفقت على إنشائه كلاً من سلطات صنعاء والأمم المتحدة، مشيراً إلى استمرار التحالف باستخدام ورقة الحرب الاقتصادية وأنه زاد من تصعيده في هذا الجانب بالتزامن مع تصعيدها غير المسبوق في الساحل الغربي والحديدة.
كما شمل لقاء غريفيث بقيادة صنعاء لقاءاً بممثلي الحراك الجنوبي السلمي في مؤتمر الحوار الوطني حيث حضر اللقاء رئيس مكون الحراك اللواء خالد باراس ونائبه غالب مطلق وأمين عام الحراك سعيد باكحيل، وخاطبوا غريفيث بالحرف الواحد أن “أبناء المحافظات الجنوبية يرفضون الاحتلال وأدواته، وإن محاولة احتكار القضية الجنوبية في إحدى المكونات التي صنعها الاحتلال لا يساعد على التوصل إلى الحل للقضية الجنوبية واليمن بشكل عام”.
مراقبون اعتبروا تقديم سلطة صنعاء لمكون الحراك الجنوبي بمؤتمر الحوار للقاء غريفيث في هذه الزيارة، رسالة واضحة بأن أي ترتيبات تسعى الأمم المتحدة مدعومة بواشنطن ولندن لتحقيقها وتكريسها في المحافظات الجنوبية بناءً على اتفاق الرياض، مرفوضة جملة وتفصيلاً، وأن على المجتمع الدولي أن يعرف بأنه يحاول بناء واقع في الجنوب مع من لا يمثلون المجتمع الجنوبي وأن ما يتم الترتيب له جنوباً غير مقبول بالنسبة لصنعاء.
وفد الحراك الجنوبي الموالي لصنعاء ولقائه بالمبعوث الأممي في نفس القاعة التي التقى فيها غريفيث بالمشاط ورئيس الحكومة عبدالعزيز بن حبتور، جاء ليؤكد بعض التسريبات بشأن ما يطرحه السعوديون في مفاوضاتهم السرية مع السلطة السياسية في صنعاء ومسقط، حيث بنت السعودية مفاوضاتها مع صنعاء على ما تم الاتفاق عليه بينها والإمارات وخرج في صيغة “اتفاق الرياض” وبناءً على هذا الاتفاق تريد الرياض الاتفاق مع صنعاء على هذا الأساس وهو ما دفع صنعاء برفض مناقشته على الإطلاق وأعلنت موقفها منه عبر عضو مجلس الرئاسة محمد علي الحوثي والذي قال إن هذا الاتفاق لا يعني اليمنيين ويخص أدوات التحالف المحلية.
في هذا السياق يكشف المستشار الصحفي في صنعاء أحمد الحبيشي عن معلومات جديدة بخصوص التطورات في ملف التفاوض وزيارة غريفيث لصنعاء، حيث قال إن “السعوديون والإماراتيون مستعدون لوقف الحرب، مع عدم الإنسحاب من عدن وكافة محافظات الجنوب المحتل ومأرب والجوف والمخا وغرب تعز والتربة، على أن يبقى الوضع كما هو عليه في كافة المناطق، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى التحكيم الدولي!!؟؟”.
الحبيشي قال أيضاً في منشور على صفحته بالفيس بوك إن المفاوضين السعوديين والإماراتيين أبدوا استعدادهم للانسحاب من بعض أجزاء الحديدة وتعز فقط مشترطين أن يتم تسليم هذه المناطق لحزب الإصلاح والمؤتمريين الموالين للتحالف بما فيهم طارق وقواته.
وأضاف الحبيشي إن المبعوث الأممي “يبشر باتفاق بين المتفاوضين في الرياض ومسقط قريباً، والكويت ترحب باستضافة حفل التوقيع على مطالب وشرط السعوديين والإماراتيين”.
وإذا ما صحت المعلومات التي أوردها الحبيشي فإن ذلك يؤكد ما سبق ونشره “المساء برس” نقلاً عن مصادر مطلعة في صنعاء بشأن محاولات السعودية في مفاوضاتها السرية انتزاع موافقة من صنعاء على اتفاق الرياض كي تتمكن من السير في تطبيق الاتفاق من دون بقاءها تحت التهديد العسكري في أي لحظة، ومن ثم البناء على اتفاق الرياض لتصميم اتفاق آخر بين السعودية وصنعاء، وهو ما رفضته الأخيرة جملة وتفصيلاً على الرغم من الضغوط الذي تتعرض لها صنعاء وقيادة وفدها المفاوض المتواجد في العاصمة العمانية مسقط والذي تعرض هو الآخر لضغوط من قبل دبلوماسيين أوروبيين حاولت السعودية دفعهم للتوسط وإقناع وفد صنعاء بهذا الحل الذي ينهي الحرب في اليمن لكنه يبقي على التواجد العسكري الأجنبي في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي ويمكن التحالف من التحكم بالقرار السيادي للبلاد.
عسكرياً يرى مراقبون إن الضربة العسكرية التي وجهتها صنعاء لمعسكرات التحالف في المخا والتي تم الكشف عنها اليوم على لسان متحدث قوات صنعاء العميد يحيى سريع، يراها المراقبون أنها تأتي في سياق مباغتة قوات صنعاء للتحضيرات التي كان يقوم بها التحالف في الساحل الغربي، ربما لاستئناف الهجوم على الحديدة في حال رفضت صنعاء العرض السعودي، وأن الضربة كانت بمثابة الجواب الكافي والقوي للتحالف بأن صنعاء مستعدة أيضاً لأي تصعيد عسكري في أي مكان، وأنها ليست في غفلة عمّا يتم الترتيب له عسكرياً من قبل التحالف تحضيراً لهجمة عسكرية بحرية على الساحل الغربي والتي من المتوقع أن يتم فيها الإعلان رسمياً عن مشاركة وحدات من جيش الكيان الإسرائيلي الذي بدأ بالترويج عبر وسائله الإعلامية بضرورة التحرك لوقف التهديدات التي يشكلها اليمن وقواته العسكرية التابعة لصنعاء والحوثيين على أمن إسرائيل القومي، علماً أن مشاركة إسرائيل لن تكون جديدة على الحرب في اليمن إلا أن ما سيحدث هو كشفها للعلن فقط ورفع مستوى هذه المشاركة، ولعل هذا ما يفسر سبب تصريحات قيادة صنعاء بدئاً من تهديدات زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي بأن اليمن جاهز للرد على أي اعتداء إسرائيلي على اليمن، ومن ثم إعلان قوات صنعاء أنها قادرة على ضرب أهداف استراتيجية وحساسة للكيان الإسرائيلي بأي سلاح في حال تورط في ارتكاب أي حماقة تجاه اليمن.