صنعاء أربكتهم.. قادة القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية مجتمعون بدبي والسبب الطائرات اليمنية المسيرة
العسكرية اليمنية تربك الحسابات العسكرية لكبرى الدول بسبب "إنتاج الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية"
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
في مدينة دبي بدولة الإمارات اجتمع عدد من قادة القوات الجوية في جيوش عدد من الدول حول العالم، ثلاثة من قادة القوات الجوية في كل من الجيش الأمريكي والجيش البريطاني والجيش الفرنسي ركزوا حضورهم واجتماعهم في دبي لبحث ما وصفوه بـ”خطر الطائرات المسيرة التي تستخدم في ضرب أهداف مدنية وعسكرية في الخليج”، الإشارة هنا إلى الطائرات المسيرة اليمنية المصنعة محلياً والتي يتم بها استهداف المنشآت الاقتصادية والعسكرية السعودية.
ووفقاً لما نقلته وكالات أنباء غربية بينها الوكالة الألمانية، فإن القادة الثلاثة الذي اجتمعوا مع نظرائهم ضمن “مؤتمر دبي الدولي لقادة القوات الجوية 2019” وبحضور مجموعة من خبراء سلاح الجو، حذر القادة الثلاثة من أن خطورة الطائرات المسيرة تكمن في أنها تحلق لمدى يصل إلى ألف كيلو متر وأنها تحمل ما يقرب من 10 كيلو جرام من المتفجرات وتحلق على مستويات منخفضة لتستهدف منشآت مدنية واقتصادية وتخلف قتلى وخسائر اقتصادية كبيرة.
القادة الثلاثة قالوا إن هذا التطور في استخدام سلاح الجو المسير لضرب أهداف اقتصادية، يتطلب تطوير استراتيجيات وزارات الدفاع لدى بلدانهم لمواجهته.
القوات اليمنية في صنعاء تربك الحسابات العسكرية لكبرى الدول
خلال السنوات القليلة الماضية، كانت منطقة الشرق الأوسط هي أكثر منطقة تستخدم فيها الطائرات المسيرة، وكان النصيب الأكبر من استخدام هذا السلاح الجديد هو من قبل القوات العسكرية اليمنية التي تشارك فيها وتقودها جماعة أنصار الله “الحوثيين” وذلك لمواجهة الحرب التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي الذي تشارك في قيادته بشكل مباشر الولايات المتحدة الأمريكية ويليها بريطانيا.
فبمقابل امتلاك التحالف السعودي للغطاء الحربي الجوي باستخدام المقاتلات النفاثة الأمريكية والبريطانية والفرنسية والتي من خلالها شن على اليمن من بداية الحرب في مارس 2015 حتى الآن ما يقارب الـ 300 ألف غارة جوية، وألقى أكثر من نصف مليون صاروخ جو أرض بينها قذائف محرمة دولياً، وفق الإحصائيات الرسمية لقوات صنعاء، على مختلف المدن اليمنية استهدفت بشكل مباشر منشآت مدنية وفعاليات مجتمعية كالأعراس وصالات العزاء وأسواقاً شعبية بالإضافة إلى ضرب البنية التحتية، بمقابل ذلك كله اتجه اليمنيون المناهضون للتدخل العسكري الأجنبي في اليمن وعلى رأسهم أنصار الله “الحوثيين” إلى تطوير ما لديهم من مخزون من أسلحة قديمة منها على سبيل المثال صواريخ (أرض أرض وأرض جو) وبدأوا بشن الهجمات على الأراضي السعودية مستهدفين القواعد العسكرية والمعسكرات القريبة من اليمن.
ومع امتلاك القوات اليمنية لعقول عسكرية وهندسية سبق لها الدراسة في روسيا وبلدان أخرى نهاية العقدين الأخيرين للقرن الماضي استغلت القيادة العسكرية التابعة لحكومة صنعاء هذه العقول وقامت بإعادة تفعيلها في السلك العسكري ودفعت بها لتطوير قدرات الأسلحة القديمة (الصواريخ) وجعلها تقطع مسافات أطول مما كانت عليه وقت إنتاجها.
وشيئاً فشيئاً تطور الأمر لأن يصل بالمهندسين العسكريين اليمنيين في صنعاء إلى إنتاج طائرات مسيرة بدأت مهامها بالجانب الاستطلاعي العسكري ثم تم تطويرها حتى بدأ استخدامها في مهام قتالية تقطع مسافة عشرات الكيلو مترات، ثم تحول الأمر لتطويرها كي تقطع مسافات أطول حتى وصلت لقطع مسافات تتجاوز الألف كيلو متر حيث استهدف سلاح الجو المسير اليمني منتصف العام 2018 مطار أبوظبي بطائرة مسيرة يمنية الصنع لم يتم الكشف عن اسمها ومواصفاتها إلا العام 2019 بعد ضرب خط أنابيب ضخ النفط من شرق المملكة إلى غربها في الدوادمي وعفيف، وتلى ذلك استهداف واحد من أكبر حقول المشتقات النفطية والآبار التابعة لأرامكو – عملاق النفط السعودي وعصب اقتصادها – وذلك في ضربة حقل الشيبة جنوب شرق المملكة والذي يبعد بضعة كيلو مترات عن العاصمة الإماراتية أبوظبي، ثم جاءت الضربة التي قصمت ظهر السعودية اقتصادياً وأفقدت حكام الرياض الثقة في مزاعم الحماية الأمريكية للسعودية ونفطها مقابل مئات المليارات من الدولارات وهي الضربة التي استهدفت منشأتي أرامكو في بقيق وخريص شرق الرياض منتصف سبتمبر الماضي وأدت لتوقف نصف الإنتاج السعودي من النفط الخام والغاز، ودفعت بالرياض إلى إعادة النظر في حربها باليمن والبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها.
ويبدو أن الفشل الأمريكي في حماية أرامكو السعودية من الطائرات المسيرة اليمنية، هو ما دفع قادة القوات الجوية بالجيش الأمريكي للبحث عن حلول عسكرية تقود إلى تحييد ومواجهة الطائرات المسيرة التي استطاع مصنعيها في اليمن جعلها غير مرئية للرادارات التابعة لبطاريات “الباتريوت” الأمريكية المنتشرة حول أهم المنشآت النفطية السعودية لحمايتها من أي استهداف صاروخي.
قائد القوات الجوية الإماراتية السابق:
“الطائرات المسيرة اليمنية باتت عنصراً مقاتلاً يتطلب من دفاعنا الجوي تطوير قدراته لمواجهة هذا الخطر”
بالعودة إلى ما دار في اجتماع دبي، تحدثت الأنباء أن ديفيد جولدفين رئيس الأركان بسلاح الجو الأمريكي، و مايك ويجستون رئيس أركان سلاح الجو البريطاني، وفيليب لافين رئيس اركان سلاح الجو الفرنسي، وجوزيف غاستيلا قائد القوات الجوية الامريكية في منطقة جنوب غرب آسيا، أكدوا على “ضرورة التعاون في مجالات التدريب وتطوير القدرات لمواجهة الأجيال الجديدة من الأسلحة، والتصدي للمخاطر والتهديدات الدولية خصوصاً في منطقة الخليج، والحفاظ على أمنها واستقرارها”.
وقال اللواء خالد عبدالله المزروعي قائد القوات الجوية والدفاع الجوي السابق بالإمارات إن العام الجاري شهد العديد من الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة الحاملة للمتفجرات في السعودية، لتصبح هذه الطائرات عنصرا مقاتلا يتطلب من قوات الدفاع الجوي تطوير قدراتها لمواجهة هذا الخطر المستحدث.
ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الألمانية فإن المزروعي قال “لابد من إعادة صياغة استراتيجيات الدفاع الجوي بالمنطقة، بما يشكل حائط صد لمنع وصول مثل هذه الطائرات لاهداف مدنية أوعسكرية”.
ونقلت الوكالة أيضاً عن رياض قهوجي – الرئيس التنفيذي لشركة سيجما المنظمة للمؤتمر – قوله إن “المتحدثين في الاجتماع أكدوا على خطورة الطائرات المسيرة التي باتت تشكل تهديدا على منطقة الخليج، على ضوء الهجمات التي تعرضت لها السعودية هذا العام”، مضيفاً إن المؤتمر تناول “كيفية إدخال الذكاء الإصطناعي بالمنظومات الدفاعية الجوية، وأجهزة الرادار والإستشعار وأجهزة الإتصال بما يضمن مواجهة أية تهديدات متطورة والرد السريع لأي خطر، أصبح هناك دور متقدم للذكاء الإصطناعي للتأسيس لجيل جديد من الطائرات والقدرات الدفاعية”.
ويرى مراقبون بأن دول الخليج قادمة على موجة ابتزاز غربي جديد، حيث من المتوقع أن تدفع الدول الغربية بدول الخليج لتمويل ما سيتم تنفيذه من أبحاث وتجارب وابتكارات عسكرية جديدة في مجال سلاح الجو المسير والأنظمة الدفاعية التي بإمكانها التصدي لهذا السلاح الجديد.