أنصار الله بين مفاوضتين مع الرياض.. ما الذي تغير؟
المساء برس – تحليل: جمال عامر|
ثلاثة اعوام واشهر قليلة تفصل مفاوضات ظهران الجنوب عن مفاوضات اكتوبر الجاري والتي لازالت بين انصار الله والنظام السعودي.
ثمة متغيرات جذرية حدثت بين زمني المفاوضتين فرضت واقعا جديدا يصب في صالح انصار الله على المستوى السياسي والعسكري بمقابل ضربات موجعة نالت من التحالف الذي انتهى بالرياض وحيدة حتى من الحليف الشقيق وكذا مما تبقى من الحلفاء الدوليين الذين تحولوا من مشاركين متحمسين في الحرب الى وسطاء سلام يبدون تبرما معلنا من فشل خمس سنوات من جرائم قتل كان الأبرياء اكثر اهدافها، جعل مايقرب من 18 دولة تمتنع عن بيع الاسلحة للرياض وابوظبي بالاضافة الى وضعهما ضمن القوائم السوداء من قبل المنظمات الانسانية والحقوقية.
كل ماسبق، اضافة الى سياسة ترامب المهينة تجاه حكام الدولتين والمتراخية نحو مواجهة ايران، ارغم نظاميها على القبول بالتنازل عن اشتراطات كانت تطرح لمجرد القبول بالتفاوض وهو ما هيأ بتسوية الارض التي تجري عليها المفاوضات في ظل تمييز واضح بين ما يطرح كمطالب وبين ما يمكن تحقيقه.
المفاوضات التي تجري بين انصار الله وبين الامارات التي سبقت حليفتها والسعودية كل على حدة قد يكتنفها الشكوك في المقاصد وفي الصدقية استنادا الى ما يجري من ترتيبات تؤكد على محاولة كسب الوقت لجمع حلفائهما المختصمين في جبهة واحدة من خلال اتفاق جدة لإدارة حرب أهلية عبر الشرعية المرتهنة دون دفع ثمن سياسي، وأيضاً لمحاولة تحقيق أي تقدم عسكري على الأرض يفرض شروط المنتصر المجحفة.
الا ان المتغير المتمثل بمعادل الردع كان اقوى من ان يتم تجاوزه في مسار لقاءات اتسمت بالندية، فأبوظبي وأمام تهديدات جدية من انصار الله باستهداف عمقها الاستراتيجي جعلها تلتزم عبر مفاوضيها باستكمال تنفيذ قرارها بالانسحاب من اليمن وهو وإن كان حتى اليوم التزاماً مراوغا إلا أنه لا يمكن تحمله إلى مالا نهاية.
أما مفاوضوا الرياض من الجانب العسكري والتي تتم عبر دائرة تلفزيونية تربط الرياض بنضرائهم بصنعاء فإن أولويات مطالبهم تمثلت بالبحث عن حفظ ماء وجه النظام وكانت البداية بالإلحاح بعدم إعلان ونشر الانتصار في عملية – نصر من الله – ولم تتم الاستجابة على الرغم من اتصال معزز من ثاني ارفع شخصية عسكرية في وزارة الدفاع السعودي، وبناء على ماسبق يمكن إدراك المتغير الذي لايمكن حجبه،
إذ وعلى غير مفاوضات الظهران في أبريل من العام 2016 صار حكام آل سعود وآل زايد هم الموضوعين في اختبار حسن النوايا لإثبات جديتهم بوقف الحرب وتثبيت السلام.
كما ان قيادة انصار الله صارت تتعامل مع استراتيجية النظام السعودي القائمة على ان إسقاط صعدة يمثل بوابة المرور لاستكمال السيطرة على اليمن بتحد مماثل دون ان يؤثر على استمرار التفاوض الذي حقق تهدئة قللت إلى حد كبير من ضرب الطيران في مختلف الجبهات باستثناء صعدة وبوابتها حجة وهو على عكس اتفاق تهدئة الظهران.
يعتمد انصار الله المضي في مسار التفاوض بالتوازي مع السعي لضرب الاستراتيجية السعودية بتصعيد المواجهات على المناطق الحدودية بمحافظة صعدة كما حصل في جبهة كتاف والذي تكرر في جبهة الملاحيض قبل أيام في عملية تجاوزت تطهير المناطق التي تم السيطرة عليها قطعة قطعة منذ عامين إلى التوغل في مناطق سعودية وقطع الطريق الواصلة بين عسير ونجران بحسب ما أكد لي – كاتب هذه السطور – مسؤول ذو صلة أوضح انه لن يتم الإعلان عن هذه العملية بشكل رسمي رغم توثيقها بناء على الحاح الجانب السعودي وحرصاً على استكمال السير في المفاوضات على الرغم من ان نجاحها من عدمه مرهون بتخلي بن سلمان عن وهم أن هناك معجزة يمكن أن تحصل لتقلب موازين الحرب لصالحه والنظر بدلاً عن ذلك بواقعية لحساب الربح والخسارة لخمسة اعوام من عمر الحرب.