ماذا فعل الحوثيون بأرامكو؟ انهيار عملاق النفط السعودي مستمر حتى اليوم
-
صنعاء – المساء برس| تقرير: يحيى محمد|
عملاق النفط السعودي “أرامكو” تعرضت منتصف سبتمبر الماضي لأكبر ضربة عسكرية من القوات اليمنية العسكرية التابعة لحكومة صنعاء، ضربة لم تكن سبباً في توقف إنتاج النفط السعودي وتكرير الخام بنسبة أكثر من 50% فقط بل كانت السبب في تعرض السعودية لأكبر خسارة اقتصادية ومعنوية منذ مطلع الألفية الثالثة وحتى اليوم.
وفقاً للتقارير الدولية وخاصة الصادرة من المراكز الاقتصادية العالمية فإن أرامكو تخسر قيمتها السوقية يوماً بعد آخر، بالإضافة إلى ذلك فإن أرباحها تضاءلت بشكل كبير جداً، والأكثر من ذلك أن الضربة اليمنية على أرامكو أدت إلى تأجيل النظام السعودي لطرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام لأجل غير مسمى بسبب تناقص قيمتها وبسبب عدم قدرة الرياض إصلاح الأضرار التي أصابت الشركة جراء هجمات سبتمبر حتى اليوم، كما أن الشركة حتى اليوم لم تتمكن من استعادة كمية إنتاجها السابقة قبل الضربة وفق ما وعدت الحكومة ومسؤولي الشركة.
إذاً لا تزال تداعيات الضربة اليمنية على أرامكو مستمرة حتى اليوم ويبدو أنها ستتواصل ولن تتوقف إذا لم تقرر السعودية بنفسها وقف هذه التداعيات ووضع حد لها من خلال الاتجاه نحو اليمنيين مباشرة للتخاطب معهم وإدارة مفتاح حل الأزمة في المنطقة التي تبدأ من اليمن.
كان ينبغي على السعودية أن تلتقط مبادرة رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وتبني عليها قراراً بوقف الحرب على اليمن على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لكن يبدو أن الرياض عالقة بين أمرين، أولهما أن سياسة الاستكبار والاستعلاء والمقامرة تمنعها من الانحناء لأنصار الله وحلفائهم في اليمن ولهذا تريد أن يكون الحل لوقف الحرب في اليمن يأتي بالتفاهم مع طهران وليس الحوثيين وذلك للإعلاء من شأن عدوها الذي لم تستطع هزيمته، والثاني أن الرياض بقياداتها وأمرائها ليس لها من الأمر في شيء وأن القرار بشأن وقف السعودية حربها في اليمن لن يأتي إلا من واشنطن أو لن تتخذه الرياض إلا بموافقة البيت الأبيض.
ماذا فعل الحوثيون بأرامكو؟
لم يكن ينقص أرامكو السعودية إلا أن يفشل طرحها للاكتتاب الأولي، فبعد أن توقف أكثر من نصف إنتاجها، وبعد أن تسببت الضربة بتكبيد الاقتصاد السعودي 2 مليار دولار خسائر يومية، وبعد أن أتلفت الهجمات ما قيمته 50 مليار دولار من المعدات، وبعد أن خفضت الضربة قيمة أرامكو السوقية، وغيرها وغيرها من الخسائر التي تتوالى على الشركة والاقتصاد السعودي عموماً حتى اليوم، بعد كل ذلك تأتي مصيبة جديدة على السعودية وهي عدم قدرة طرحها للاكتتاب كما كان مقرراً بعد أن تم تأجيل الطرح أكثر من مرة، هكذا تقول صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية.
الصحيفة البريطانية رأت أن الاكتتاب الأولي لأرامكو السعودية محكوم عليه بالفشل، وتقول الصحيفة في المقال الذي كتبه الكاتب آندي كريتشلو إن مبلغ التريليوني دولار الذي تتوقعه الرياض كتقييم لإجمالي أسهم الشركة يبدو بعيد المنال، واصفاً آمال أرامكو الساعية لطرح نسبة من أسهمها في السوق المحلية بشكل مبدئي بأنها جهود منيت بضربة كبيرة قبل أسابيع بعد أن تعرضت منشآتها لقصف من اليمن أدى لتوقف تدفق 6 ملايين برميل يومياً من إنتاجها البالغ 10 ملايين برميل قبل الضربة.
الضربة الأخيرة على أرامكو وما سبقها من هجمات في حقل الشيبة جنوب شرق المملكة وضرب أنابيب الضخ شرق غرب في الدوادمي وينبع، وضرب منشآتها وخزاناتها العملاقة في جيزان جنوب غرب البلاد، لم تتسبب فقط بتكبيد المملكة خسائر مادية ومعنوية لحظية أو أنها انتهت بانتهاء آثار الهجمات، لكنها بالإضافة إلى ذلك أدت إلى تراجع أرباح الشركة بنسبة 11 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، وهذا ما كشفته الأرقام المعلنة رسمياً من الرياض عن أرباح النصف الأول من العام الجاري، وربما كانت الأرقام التي أعلنتها الشركة مبالغاً فيها وأن الأرقام الحقيقية للأرباح لم يتم كشفها كي لا يتخوف المستثمرون الذين تأمل السعودية أن يشتروا أسهماً من الشركة عند طرحها للاكتتاب.
خسائر إضافية تتكبدها السعودية بسبب الضربة تمثلت في أن إنتاجها من النفط الحالي يحتاج إلى تكرير وبسبب الضربة تعطلت منشآت التكرير، فلجأت الرياض إلى إرسال النفط الخام إلى خارج البلاد لإعادة تكريره، غير أن وكالة رويترز كشفت أن السعودية لم تعد تربح إلا شيئاً ضئيلاً جداً من تكريرها للنفط خارج السعودية، وهو ما يزيد من الخسائر الاقتصادية المتتالية بسبب الضربة وعدم تعافيها مالياً واقتصادياً خلال العام الحالي.
وباختصار وُصفت هجمات اليمنيين على منشآت النفط السعودية بالصدمة الأكبر في سوق الطاقة على مر التاريخ.