اتصالات مكثفة مع صنعاء وموقف الأخيرة من شائعات سحب الإمارات بعض قواتها من العند وعدن
صنعاء – المساء برس| لا يبدو أن صنعاء مقتنعة بما تدعيه الإمارات حول اقتراب انسحابها النهائي من اليمن، ومحاولة التأكيد على ذلك بدفعها أخباراً إلى صدارة وسائلها الإعلامية تتحدث عن سحب معدات عسكرية وقوات من المخا، ومؤخراً الأنباء التي أشيعت بشأن مغادرة سفينة عسكرية إماراتية ميناء الزيت في عدن الخميس الماضي وعلى متنها دبابات ومدرعات تم سحبها من عدن ومن قاعدة العند بلحج.
وترى أوساط سياسية، كما هو الحال في أروقة وزارة الدفاع بصنعاء، أنه ورغم أن هناك بالفعل تحركات عسكرية إماراتية في بعض المناطق الجنوبية تؤكد سحب بعض القوات من قاعدة العند وكذا دبابات ومدرعات من عدن إلا أن القيادة السياسية في صنعاء تقرأ ما حدث مؤخراً على أنه يصب في إطار “المراوغة الإماراتية بعد التهديدات الأخيرة التي أطلقها الجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء باستهداف الإمارات إذا لم تفِ بما التزمت به أمام صنعاء بشكل غير معلن وهو الانسحاب من اليمن نهائياً”.
وتعتبر صنعاء أيضاً أن الإمارات تريد إعادة صياغة الخارطة اليمنية في المحافظات الجنوبية بالوضع الذي يتفق مع مصالح أبوظبي، لكن الضغوطات التي تتعرض لها أبوظبي من كل سلطة صنعاء من جهة ومن الأطراف الموالية للتحالف السعودي من جهة ثانية باتت الإمارات في موقف متناقض مع رغبتها في البقاء والسيطرة على السواحل اليمنية جنوب البلاد وغربها وكذا الموانئ والمطارات الجنوبية بالتزامن مع تقديم إيحاءات بأنها ستنسحب من اليمن تجنباً لضربات قد تتعرض لها من صنعاء، لهذا فهي تلجأ إلى المراوغة والمناورة ريثما تتغير الظروف على أرض الواقع وتتمكن من تكريس بقاءها عسكرياً بشكل دائم أو على الأقل تمكين أتباعها المحليين “المجلس الانتقالي” كخطة بديلة لفرض هيمنة أبوظبي على جنوب اليمن.
مصادر لـ”المساء برس” تحدثت أن أبوظبي تعيش وضعاً متخبطاً ففي الوقت الذي تريد فيه إيهام صنعاء أنها ماضية في التزامها السري مع القيادة السياسية وأنصار الله بالانسحاب من اليمن بشكل نهائي مقابل التزام صنعاء بعدم تنفيذ هجوم على الإمارات سواءً بالصواريخ الباليستية أو بالطائرات المسيرة، تنسى أبوظبي أنها قامت مؤخراً بإرسال دفعات من العتاد العسكري الهائل إلى عدن ومؤخراً إلى ميناء المخا تضم عشرات المدرعات العسكرية وعشرات الدبابات وأكثر من ألف جندي من اليمنيين المجندين من قبل الإمارات كانوا يتلقون تدريبات في أرتيريا، وهو ما يكشف المناورة الإماراتية بشكل فاضح.
الموقف الأخير من صنعاء – غير المعلن – بشأن التحركات الإماراتية، يأتي بالتزامن مع ما تحدث به مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الدكتور عبدالخالق عبدالله، من أنه يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة لوقف الحرب في اليمن.
وفي الوقت الذي قرأ فيه البعض في اليمن تصريح مستشار بن زايد أنه يتعلق بالاتفاق الذي يجري الترتيب له بين الشرعية والانتقالي في مدينة جدة السعودية برعاية الأخيرة، كشفت صحيفة “اليمن الجديد” الصادرة من صنعاء والتي يرأس تحريرها نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع بصنعاء ونائب المتحدث باسم قوات صنعاء، والتي قالت إن تصريح مستشار بن زايد قد يشير أو يتعلق بالوضع في اليمن بأكمله، كاشفة أن هناك حالياً اتصالات مكثفة مع صنعاء من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بموجب المبادرة التي أعلنها من جانب واحد رئيس مجلس الرئاسة مهدي المشاط.
ويبدو أن الاتصالات المكثفة مع صنعاء من قبل التحالف السعودي الإماراتي تبدو أكبر من تلك التي كشفت عنها وكالة رويترز وبعض الصحف الأمريكية مطلع اكتوبر الجاري، وهي الاتصالات التي فتحتها السعودية مباشرة مع المشاط لبحث التعاطي السعودي مع المبادرة المعلنة من قبله والتي قالت رويترز إن الرياض عرضت على الرئاسة بصنعاء وقف القصف الجوي على بعض المناطق فقط مقابل مبادرة صنعاء التي قضت بوقف الهجمات على كافة الأراضي السعودية وبأي نوع من أنواع السلاح، وهو ما رفضه المشاط جملة وتفصيلاً وقال إن مبادرة صنعاء يجب أن تقابل بمبادرة مشابهة أي وقف القصف الجوي السعودي الإماراتي على كامل الأراضي اليمنية بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب البلاد وكذا رفع الحصار على اليمن وفتح المطارات وأولها مطار صنعاء.
ويأتي حديث الصحيفة اليمنية في الوقت الذي طلبت فيه السعودية من رئيس وزراء باكستان التوسط لدى إيران للجلوس معها والتفاهم بشأن الوضع الملتهب في المنطقة، حيث تعتقد السعودية أن مفتاح وقف الهجمات اليمنية عليها في إيران، غير أن الأخيرة ردت على وساطة السعودية بشكل واضح على لسان متحدث الحكومة الإيرانية الجمعة الماضية والذي قال إن طهران لا ترى أي جدوى من الحوار مع السعودية بالنيابة عن اليمنيين أو في غيابهم، وقبل هذا التصريح كان “المساء برس” قد كشف نقلاً عن مصادر مطلعة في صنعاء أن الإيرانيين أبلغوا السعوديين عبر الوسطاء من الدبلوماسيين الباكستانيين بأن على الرياض التفاهم مع القيادة السياسية في صنعاء وأن طهران لا تملك أي سلطة على جماعة أنصار الله، وهو ما حدث بالفعل إذ اتجهت الرياض بعدها لفتح الاتصال المباشر مع مهدي المشاط الذي كشفت عنه رويترز الأسبوع الماضي.