تاريخيا .. صنعاء المستقلة خطر على المحتل في عدن
تحليل-هاشم يحيى-المساء برس| بكل حب ومودة ورضى تام، اجتمع ممثلو ما يسمى بالمجلس الانتقالي الموالي للإمارات والشرعية الموالية للرياض، على تسليم جنوب اليمن، للمملكة العربية السعودية، لإنقاذ الجنوب اليمني، من شرهما، واعترافا من هذين المكونين، بأنه لولا التدخل السعودي الإماراتي، لأدخلوا الجنوب اليمني في أتون حرب أهلية، لا أول لها ولا آخر ولا منتصر.
تم تحييد أبناء الشعب الیمنی فی الجنوب تماما عن أي دور لتقرير مصيره، باختزاله في هذين المكونين الذين لا قاعدة شعبية لهما، إلا ما تم تصويره في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية الموالية للإمارات والسعودية، والمفارقة أن كل مكون ينكر شعبية الآخر ويكشف بالأدلة أن ما يتم حشده من جماهير هنا وهناك لأي منهما مزيف لا يمت للواقع بصلة، وهذا إجماع منهما نحن نشاركهم إياه.
اليوم تدفع المملكة العربية السعودية بتعزيزات عسكرية سعودية، على وقع التصفيق لهذا الاحتلال من قبل من تبنتهم هي والإمارات كوكلاء لهما، في اليمن.
هذا المشهد يعيد الذاكرة إلينا بالوضع الذي كانت العاصمة صنعاء ترزح تحت وطأته إلى عهد قريب، مع الفارق الأكثر خطورة، فصنعاء كانت تخلو من التواجد العسكري السعودي الإماراتي المباشر، غير أن الرياض وأبو ظبي كانتا تديران المشهد السياسي اليمني كما يحلو لهما وفي أدق تفاصيل هذا المشهد الذي غاب عنه اليمنيون طيلة عقود مضت، لا سيما بعد الإجهاض على مشروع الدولة اليمنية الحديثة والمستقلة التي سعى للوصول إليها الرئيس إبراهيم الحمدي رحمه الله، حيث انتهت الدولة التي ارادها الحمدي الشهيد إلى أيادي عملاء مرتزقة للدولتين الخليجيتين، ولسفيريهما بل ولأصغر مسؤول يتواجد في السفارتين، بالإضافة إلى الحاكم الفعلي لليمن في تلك العقود المريرة وهو ممثل الولايات المتحدة الأمريكية وسفيرها في اليمن.
عدن اليوم تعيش تفاصيل مرحلة صنعاء بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ولكن أهداف المحتل باتت أكثر وضوحا، حيث استفاد هذا الأخير من أخطاء الماضي وأصلحها في تجربته اليوم التي نجحت حتى اليوم بفاعلية وتأثير كبيرين.
لكن بين الماضي والحاضر وبين صنعاء وعدن متغيرات لا يمكن للمحتل أن يبطل تأثيرها أو يحيدها ، ومن أهم هذه المتغيرات تلك التي لم يستطع العالم بأسره أن يساعد المملكة والإمارات على تقييدها وتحييدها، فاليمنيون اليوم أصبح لهم منطلقات عسكرية وسياسية واجتماعية وتوعوية جميعها تتحرك في آن واحد تعاضد بعضها البعض، للوصول إلى تحقيق الهدف الذي بذلت من أجله أغلى الاثمان، في شمال اليمن وجنوبه.
فتكريس الاحتلال الواقع في الجنوب اليمني أمر مستحيل ما دامت صنعاء مستقلة، وهذا ما يدركه السعودي والإماراتي، وله وبسببه تقبلوا جميع الإهانات الأمريكية وعمليات الابتزاز المتتالية.
رغم الرضى التام من قبل الموالين للرياض وأبو ظبي فإن صنعاء لن ترضى عن تثبيت هذه المعادلة الغير موزونة حتى وإن تجاوزت عنها لفترة ما، فالتوازن سيخلقه اليمنيون أنفسهم في الجنوب أولا قبل الشمال، حيث أن المعادلة بنيت على ارضية الاحتلال والأطماع وإذلال اليمنيين جميعا، وهذا لن يقبل به اليمنيون اليوم، كما لم يقبلوه سابقا والتاريخ اليمني مليئ بالشواهد.