فيما الشرعية لم تتمكن من الحفاظ على مناطقها.. الحضرمي يطالب الحوثيين تسليم الحديدة
نيويورك – المساء برس| تقرير: يحيى محمد| في الوقت الذي أعلن فيه وزير النقل بحكومة الشرعية المنفية خارج البلاد بنقل عاصمتها المؤقتة من مدينة عدن إلى مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة بعد أن تم طردها من قبل الإمارات ومليشياتها المسلحة الموالية لها من عدن أغسطس الماضي، دعا وزير الخارجية بالحكومة ذاتها سلطات صنعاء بقيادة أنصار الله “الحوثيين” إلى تسليم مدينة الحديدة “للشرعية” وقواتها.
جاء ذلك خلال لقاء جمع وزير خارجية الشرعية محمد الحضرمي والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في مدينة نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي لم يتمكن الرئيس الخاضع للإقامة الجبرية في الرياض، عبدربه منصور هادي، من حضورها لتمثيل اليمن بسبب منعه من قبل السعودية وإرسال – بدلاً عن ذلك – وزير الخارجية الحضرمي.
وحسب خبر نشرته وكالة الأنباء التابعة لـ”الشرعية” فإن الحضرمي “حذر من التراخي والسماح للحوثيين بإفشال اتفاق الحديدة”، وهذا التراخي يراه الحضرمي في التساهل في مسألة قوات الأمن والسلطة المحلية المعنية بتولي زمام الأمور في الحديدة بعد انسحاب قوات صنعاء وقوات التحالف من المدينة ومحيطها بناءً على اتفاق السويد الموقع عليه بين صنعاء والرياض في استوكهولم نهاية ديسمبر العام الماضي.
وكانت الشرعية قد تنصلت عن تنفيذ اتفاق الحديدة بعد أسبوعين من التوقيع عليه بسبب ما قالته من إن الاتفاق لم ينص على أن تتولى إدارة المدينة السلطة المحلية القائمة حالياً وقوات الأمن الموجودة وأن الشرعية كانت تقصد بالسلطة المحلية وقوات الأمن التابعة لها، غير أن “الشرعية” لا تملك أي قوات في الحديدة باستثناء بعض المسلحين التابعين لحزب الإصلاح الذين تم إدراجهم في كشوفات القوائم العسكرية التابعة للشرعية في حين تتكون القوة العسكرية الأكبر التابعة لطرف التحالف الموجودة في الساحل الغربي من مسلحين جنوبيين يتبعون الإمارات ولا يخضعون لقوات هادي، كما تشكل القوات التي قام بتجميعها نجل شقيق الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، “طارق” المدعوم من الإمارات قوة كبيرة وهي الأخرى لا تعترف بهادي أو بقوات الشرعية وتتسلم مرتباتها من الإمارات مباشرة، وتخضع لتوجيهات قيادة قوات الإمارات المشاركة في التحالف جنوب اليمن.
الحضرمي اعتبر أمام غريفيث أن “قضية قوات الأمن والسلطة المحلية المعنية بحفظ الأمن في مدينة وموانئ الحديدة هي المدخل لإحراز تقدم في تنفيذ الاتفاق”، ما يعني أن “الشرعية” لا تزال ماضية في رفض تنفيذ اتفاق الحديدة، في الوقت الذي يبدو فيه أن الأمر متعلق برغبة الرياض التي لا تزال حتى اللحظة تمنع إحراز أي تقدم بشأن اتفاق الحديدة.
واللافت أن ما يطلبه مسؤولو الشرعية – المتحدثين أساساً باسم التحالف السعودي – بشأن اتفاق الحديدة وتنفيذه، يدعو إلى السخرية، من وجهة نظر مراقبين وسياسيين من بينهم موالين للشرعية ذاتها، حيث يرون إن طرد الشرعية من عدن وفشلها في إدارة المناطق التي تخضع لسيطرتها، وعدم تحكمها بأي مؤسسة حكومية وفقدانها السيادة اليمنية على العديد من الملفات والمؤسسات والقرارات على مدى 4 أعوام ونصف، يجعل من المنطقي أن ترفض سلطة صنعاء تسليم الحديدة لقوات الشرعية التي لم تتمكن من الحفاظ على ما قالت إنها محافظات تم تحريرها من “مليشيات الحوثي” منذ 2015 واليوم هي خارج سيطرة الشرعية.
وتجدر الإشارة إلى التذكير بتصريحات عدد من كبار مسؤولي الشرعية واعترافاتهم لوسائل إعلام عالمية بأنهم لا يستطيعون التحرك في المحافظات الجنوبية التي “يصفونها بالمحافظات المحررة”، فوزير النقل صالح الجبواني سبق أن صرح بأنه لا يستطيع الدخول إلى معظم المطارات الرئيسية في المحافظات الجنوبية وكذلك الموانئ بسبب سيطرة قوات التحالف عليها، كما أن وزير الداخلية بحكومة الشرعية سبق أن اعترف أنه كوزير للداخلية لا يستطيع الوصول إلى المعتقلات في المحافظات الجنوبية ولا حتى السجون الرسمية التابعة للداخلية والتي تسيطر عليها قوات التحالف، حتى الرئيس المنتهية ولايته هادي هو ذاته لم تتمكن طائرته الرئاسية من الهبوط في مطار عدن الدولي بسبب منعه من قبل الإمارات، وفوق كل هذا وذاك يتحدث مسؤولوا الشرعية أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأن على سلطات صنعاء تسليم مدينة الحديدة لها.
ويرى مراقبون إن الشرعية لم تكتفِ بتسليم المحافظات الجنوبية للتحالف السعودي الإماراتي وهو ما أدى إلى طردها هي من هذه المحافظات، بل تريد أيضاً أن تسلم للتحالف ما تبقى من محافظات استراتيجية وهامة كالحديدة التي يعتبر ميناؤها المنفذ البحري الرئيسي الذي يدخل عبره 70% من الاحتياجات الغذائية والمشتقات النفطية للشعب اليمني.