عدن على مشارف تغيرات جذرية ستقلب الموازين في اليمن.. تقرير بمعلومات مؤكدة
عدن – تقرير خاص – المساء برس| أفادت مصادر محلية في عدن باستمرار الوضع المتوتر بين قوات الحماية الرئاسية الموالية للإصلاح والمحسوبة على “الشرعية” وبين المليشيات المسلحة الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي ومن يساندها من مجاميع موالية للإمارات، واحتمال تفجر مواجهات مسلحة بشكل أكبر خلال الساعات القادمة.
| الإصلاح تحرك بشكل متهور ومستفز |
وعلى الرغم من احتقان الموقف مسبقاً ومن ثم التصعيد من قبل الإصلاح الذي بدأ بإطلاق الرصاصة الأولى ضد متظاهرين كانوا عزّل من السلاح بعد مراسم تشييع القيادي في قوات الانتقالي العميد منير اليافعي “أبو اليمامة” والذي قتل مع 40 آخرين من قوات الانتقالي في معسكر الجلاء الخميس الماضي إثر استهدافه بعملية عسكرية مزدوجة للطيران المسير والقوة الصاروخية لقوات صنعاء، إلا أن مصادر حكومية تابعة للشرعية في عدن أكدت أن من يتخذون القرار بمعاشيق فشلوا في احتواء الموقف والسعي للتهدئة ووقف التوتر “رغم أن احتواء الموقف وإبداء حسن نية من قبل قوات الحماية الرئاسية كان ممكناً إلا أن ما حدث كان مستفزاً للموالين للمجلس الانتقالي وكان هناك استخدام مفرط للقوة من قبل الشرعية رغم عدم الحاجة لذلك”.
ووفقاً للمعلومات المتداولة فإن قوات الحماية الرئاسية الموالية للإصلاح بدأت بإطلاق النار ضد المتظاهرين من الموالين للمجلس الانتقالي الذين كانوا يتجهون نحو قصر معاشيق “القصر الرئاسي” مقر إقامة رئيس الحكومة وبعض الوزراء المتواجدين في عدن وبعض القيادات العسكرية التابعة للشرعية.
وأفادت المعلومات إن إطلاق النار على المتجمهرين أدى إلى تصاعد الموقف وتفجر اشتباكات بين قوات الحزام الأمني وألوية الحماية الرئاسية أدت إلى سقوط جرحى من المتظاهرين على الرغم من أنهم لم يكونوا يحملون سلاح وكانوا يريدون الاعتصام أمام القصر الرئاسي، في حين لم يتبين ما إذا كان هناك ضحايا من المسلحين الانتقاليين.
| الإصلاح يحاول تلافي الموقف ويدفع بالميسري إصدار بيان توضيحي مصور |
على إثر تصاعد التوتر، حسب إفادة مصدر عسكري رفيع في الشرعية لـ”المساء برس”، تلقى قصر معاشيق اتصالات من مكتب الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، تضمن توجيهات – قيل إنها صادرة عن الرئيس هادي – بإصدار بيان مصور يتلوه وزير الداخلية أحمد الميسري شريطة أن يكون بجانبه عدد من القيادات العسكرية والمحلية.
وحسب البيان الذي قرأه الميسري بالفعل وكان إلى جانبه قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن وبثته قناة اليمن التابعة للشرعية من الرياض، فإن التحالف السعودي الإماراتي أبلغ حكومة هادي “رسمياً، رفضهم لمثل هذه الممارسات وأيضاً رفضهم البيان الموتور الذي دعا إليه الموتور هاني بن بريك”.
وحاول الميسري إظهار سيطرة “الشرعية” ومعها الإصلاح على الموقف العسكري في عدن حيث قال إن “وزارة الداخلية قادرة على التعامل مع هذا الوضع وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار محافظة عدن أو التعدي على المؤسسات الحكومية”، كما حاول بيان الميسري إظهار أن الانتقالي فشل في تنفيذ تهديداته المعلنة.
كما دعا الميسري أبناء عدن إلى عدم التجاوب مع دعوات بن بريك، مُبرراً إطلاق النار من قبل الحماية الرئاسية على المتظاهرين والتسبب بتفجر الموقف عسكرياً، بالقول إن “ألوية الحماية الرئاسية قامت بواجبها الشرعي والقانوني”، وقال إن ذلك حدث بعد تدخلها “لدحر محاولة سيطرة ما يسمى بالانتقالي على قصر معاشيق الرئاسي”.
| الانتقالي يصدر البيان الأخطر |
قبل بيان الميسري، وفيما يشبه الموجه ضد الإصلاح تحديداً، أصدر الانتقالي بياناً مسجلاً تلاه نائب رئيس المجلس هاني بن بريك وكان إلى جواره عدد من قيادات المجلس وأعضاء هيئة الرئاسة أبرزهم أحمد بن بريك محافظ حضرموت السابق، دعا بن بريك في البيان إلى النفير العام والتوجه نحو قصر معاشيق وضد قوات الحماية الرئاسية التابعة للإصلاح.
واتهم بن بريك حزب الإصلاح بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وإصابتهم واصفاً الحزب بالإرهابي، حيث قال “بعد الاعتداء على شعبنا الأعزل الذي أراد الاعتصام السلمي أمام قصر المعاشيق تم استهدافه بالنيران الحية من ميليشيات حزب الإصلاح الإرهابي”، مضيفاً “وعليه بما التزمناه من الدفاع عن شعبنا فإننا نعلن النفير العام لكافة قواتنا الجنوبية للتداعي إلى قصر معاشيق لإسقاط ميليشيات حزب الإرهاب”، وعقب ذلك نشر بن بريك تغريدة على حسابه بتويتر قال فيها إن التوجه لقصر معاشيق لن يتعرض إلا للإرهابيين الذين يحتمون بالقصر، وقال “لن تتعرض القوات الجنوبية إلا للإرهابيين الذين اتخذوا من قصر المعاشيق وكرا، أما إخوتنا الجنوبيين في الحرس الرئاسي فدمهم دمنا وكل من يلقي سلاحه فهو آمن”.
ويبدو من الواضح أن تهديدات الانتقالي كانت ضد حزب الإصلاح تحديداً إذ لم يرد ذكر للشرعية والدعوة للخروج ضدها وإسقاطها نهائياً إلا بعد أن خرج الميسري ببيان مصور، حيث أكدت مصادر “المساء برس” إن قيادة الانتقالي اجتمعت بعد بيان الميسري وخرجت ببيان قالت المصادر إنه أشبه ما يكون “بالبيان رقم واحد” حيث خاطب بيان الانتقالي أبناء المحافظات الجنوبية بأن الظروف الدقيقة التي يمر بها “شعبنا” – حسب البيان – قد “وصلت إلى مرحلة لا یمكن تحملھا بسبب سیاسات الحكومات المتعاقبة في الشرعیة”، مضيفاً إنه وبعد “أن استنفد المجلس كل الوسائل للعمل مع تلك الحكومات من أجل تحملھا لمسؤولیاتھا، إلا أن هذه الجهود للأسف لم تلقِ لها هذه الحكومات بالاً”.
كما اتهم الانتقالي الشرعية بأنها “زادت من حدة مؤامراتھا على شعبنا الجنوبي وفي مقدمتھا تسلیمھا لجبھات القتال على الحدود الجنوبیة مع الشمال للحوثیین، وإفساح المجال للحوثي للعودة للجنوب. كما وقامت في ھذا الیوم بالاعتداء بالرصاص الحي على أبناء شعبنا العزل المشاركین في تشییع الشھداء الذین سقطوا في جریمة معسكر الجلاء وفي مقدمتھم الشھید القائد العمید/ منیر محمود أبو الیمامة”.
| 6 قرارات أولها: تخليص شرعية هادي من هيمنة الإصلاح الإرهابي |
كما ورد في البيان إن هيئة رئاسة المجلس الانتقالي وبعد الوقوف على آخر التطورات فقد قررت مايلي:
أولاً: الدعوة للنفير العام “وتوجه الجمیع إلى معاشیق لإسقاط حكومة الإرھاب والفساد الموالیة لحزب الإصلاح الإرھابي”، غير أن الانتقالي أراد الاحتفاظ بما وصفه بـ”تأكیدنا المحافظة على شرعیة الرئیس ھادي، وتخلیصھا من ھیمنة حزب الإصلاح الإرھابي”.
ثانياً: تأكيد الانتقالي الاستمرار في الشراكة مع التحالف السعودي الإماراتي.
ثالثاً: يدعو الانتقالي جميع قيادات وأفراد الوحدات العسكرية والأمنية للوقوف مع الجنوب وقضيته العادلة وعدم الانجرار في مواجهته.
رابعاً: يدعو الانتقالي جميع المسؤولين الحكوميين في المحافظات الجنوبية إلى الاستمرار بمهامهم كلاً بمنصبه واختصاصه، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الانتقالي ربط هذه المؤسسات بأنها مسؤولة أمام المجلس الانتقالي، وهو ما يعتبر بياناً تم الإعلان فيه عن سحب سلطة الشرعية من المؤسسات الحكومية الجنوبية وإخضاعها للمجلس الانتقالي مباشرة.
خامساً: “یؤكد المجلس على حمایة أرواح وممتلكات وكافة حقوق أشقائنا من أبناء الشمال المتواجدین في الجنوب، وبما لا یخل بأمن واستقرار الجنوب”.
| مئالات الوضع في عدن ومصير الشرعية والإصلاح |
ويرى مراقبون إن الوضع في عدن والمحافظات الجنوبية عموماً سيشهد تغيرات دراماتيكية خاصة في جانب المؤسسات الحكومية، وتحدث “المساء برس” لعدد من المراقبين والمطلعين على مجريات الأحداث متواجدين في عدن ومأرب، قال أحدهم إن الانتقالي أوصل رسائل سياسية للسعودية مفادها أنه بإمكانه أن يكون حليفاً للسعودية بدلاً عن الإصلاح، وهو ما تبين من خلال إعلانه تأييده لـ”الشرعية” وهادي، وأن تحركه سيكون لتخليصها من “هيمنة حزب الإصلاح الإرهابي”، وبالتالي – حسب المراقبين – فإنه “من المتوقع أن تتدخل السعودية لتمكين الانتقالي من السيطرة على الشرعية وهذا يتطلب بالتأكيد إزاحة حزب الإصلاح نهائياً عن الشرعية واستبداله بالانتقالي المسيطر على الأرض في الجنوب، كما يتوقع أيضاً أن تُشكل حكومة جديدة يكون لها تواجد أكبر في عدن ويكون المسيطر عليها وشخوصها من المجلس الانتقالي هذا بالإضافة إلى إزاحة قيادات عسكرية بارزة في الشرعية تابعة لحزب الإصلاح واستبدالها بشخصيات أخرى تابعة للمجلس الانتقالي وموالية للإمارات”.
| بقاء حالة التوتر وعدم تمكين أي طرف من السيطرة |
غير أن هناك من يتوقع سيناريو آخر، إذا ما قررت السعودية إبقاء تمسكها بـ”الشرعية” وبمن يسيطر على مفاصلها ويتحكم بمؤسساتها، وهو حزب الإصلاح، وبالتالي استمرار تمسك الرياض بالإصلاح كأداة مهمة لها في اليمن، أما بالنسبة للشرعية فإن تمسك الرياض بها فليس لأنها أفضل من الانتقالي بل لإن التخلي عنها هو تخلٍ عن المبرر الرئيسي والوحيد لتدخلها العسكري في اليمن.
ويتوقع المراقبون أيضاً أن تمسك الرياض بالشرعية وحزب الإصلاح والحفاظ على بقاء وجودهما وإن شكلياً في عدن سيجعلها – أي الرياض – أمام فترة زمنية مقبلة يمكنها خلالها من إيجاد تفاهم مع الإمارات على كيفية تقاسم النفوذ في اليمن من ناحية، هذا بالإضافة إلى أن الرياض قد ترى أن من الأنسب إبقاء الوضع في عدن على حاله فلا الشرعية تعود إلى عدن ويتمكن الإصلاح من مفاصل الجنوب، ولا الانتقالي يطيح بالشرعية والإصلاح نهائياً ويتربع هو على عرش السلطة وتصبح الرياض أمام حليف محلي قراره مرتبط بأبوظبي وليس بالرياض وهو ما لا تريده الأخيرة، بالتالي فإن الأفضل لها إبقاء الوضع جنوب اليمن معلقاً وفي حالة صراع وجعل كل طرف داخلي يضع يده على الزناد استعداداً للإطاحة بالآخر بينما تتفرغ الرياض لاستثمار ما بقي من فترة زمنية في الحرب ضد اليمن لصالح الخروج بأكبر قدر ممكن من المكاسب، وانتظار القرار بوقف الحرب حتى يأتي من واشنطن.